عبدالله فلاتة أحزنتني وأبكتني قناتنا (الرياضية)، وهي تُقدِّم عملاً مميّزًا عبر برنامج مع (الغيدان 99). فكم كانت المناظر التي شاهدناها داخل المنازل محزنة، وحالة الفقر المدقع لبعض الأسر في بلادنا، وبودّي أن أُحيي القناة الرياضية على ما قدَّمته من عمل. فقد كنا نطالب بنزول كاميرتها إلى الشارع، وفاجأتنا وهي تدلف إلى المنازل.. إنه عمل جدير بالاحترام والتقدير، في الوقت الذي تقدِّم القنوات الأخرى برامج ومسابقات ومسلسلات (مايصة) ومملّة، ومكررة، وكم تمنيت وأنا أتابع هذا البرنامج الناجح بعد العاشرة مساءً أن يُعطي وقت الذروة بعد الإفطار مباشرة، حينما تجتمع الأسر لتتابع وتتفاعل - ولله الحمد - إن هذه الأسر في حالة مادية جيدة، وهذه هي الأغلبية. ولكنا وجدنا أقلية تُعاني وتُعاني.. فرجل مسن يعجز عن مبلغ 15 ألف ريال لتلقي العلاج، وآخر يسكن في منزل صغير ومعه 18 فردًا، وتابعنا الأطفال ومنظرهم المحزن، ومن يدخل الفرحة والبهجة في قلوب هؤلاء؛ لينال الأجر الكبير في هذا الشهر العظيم، وواصل البرنامج نجاحاته بالحديث مع المسؤولين، وتمنيت أن تُفتح المشاركة مباشرة لرجال الأعمال والميسورين، وأنا أتابع تلك المناظر عادت بي الذاكرة لحديث رجل مسن عن الماضي، وكيف كانت مكةالمكرمة في قديم الزمان، وقال: إن بعد الحج تأتي أشهر يكون خلالها الناس دون عمل، تُسمّى تلك الفترة بأيام (البُصارة)، لا عمل.. وانتظار لحجٍ آخر .. ففيه منافع للناس. ومضي وهو يحكي عن قلة المال، ويجدون صعوبة في جمع 4 قروش لشرب (براد أبو 4) في المقهى؛ ليتسامر عليه 4 رجال، ولكل منهم فنجال واحد طوال السهرة .. إنه شظف العيش. ويمضي ليقول: إن الحياة كانت صعبة، والماء يصل للمنازل عبر (الزفة)، ولا يوجد سوى صنابير (البازان)، وهذه من نهج أهل مكةالمكرمة في توصيل المياه، للمنازل كما حدَّثني عن عين زبيدة، وكثيرًا من تفاصيل تلك العهود والمعاناة التي كانت تعيشها الناس آنذاك، ثم جاء الخير، وتطورت البلاد، وقفزت القفزات، وعمّ في كل مكان. وبالعودة للبرنامج استوقفتني عبارة مسؤول الضمان الاجتماعي وهو يتحدث عن الأسر الكبيرة التي يعولها الضمان، وتتجاوز 500 ألف أسرة، ومضيفًا أن الفقر سُنَّة كونية. وهذه حقيقة، ولكن ما شاهدته يجعلني أحثُّ نفسي وغيري في البحث عن أمثال هذه الأسر، والتي تعيش تحت خط الفقر، ومساعدتها - وكل حسب استطاعته- ونحن ولله الحمد مجتمع متكافل بعقيدته وطبعه، وشكرًا للقناة الرياضية، والتي تضيف يومًا بعد آخر نجاحًا وتميّزًا والتصاقًا بنبض الشارع والمواطن.. شكرًا لمدير القناة عادل عصام الدين الذي حوّلها لقناة حيوية، ولمقدم البرنامج، ولكل مَن ساهم فيه، ولكل مَن يقدّم مثل هذا العمل الخيّر، وفي هذه الأيام المباركة، وأتمنى أن تحذو قنواتنا الأخرى حذو ما قدَّمته الرياضية. جواااااااال في الحرم تكتظ الناس هذه الأيام في بيت الله الحرام، ومن كل مكان، من كافة بقاع المعمورة تختلف الألسنة، ويتحد التوجّه، ولكن لفت نظري كثرة حديثهم بالجوالات، ولا مشكلة عندما يكون للاحتياج ولفترة محدودة. ولكن ماذا عن التطويل في الكلام؟ والأسوأ تلك النغمات، وليت إخواننا يحرصون على هذا الجانب. فالروحانية في بيت الله الحرام هذه الأيام لا يضاهيها شيء ، وعندما أرى الازدحام حول الطرقات المؤدية للحرم في كل عام أتذكر القطارات، ومترو الانفاق لتحل هذه المعضلة، ويسهل الوصول لبيت الله الحرام. وماذا لو كانت على مشارف مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة بدلاً من الحافلات ننتظرها ونتمناها. عن صحيفة المدينة السعودية 26/9/2007