جودة غانم: بدء المرحلة الثالثة لتنسيق الجامعات الأسبوع المقبل    30 ألف جنيه للعجز و150 ألفا للوفاة، الصحة تحدد تعويضات مخاطر المهن الطبية    الكشف الطبي على 2770 طالبا بجامعة قناة السويس    كل ما تريد معرفته عن برنامج معلم اللغة الألمانية بجامعة حلوان    «الكنيسة القبطية الأرثوذكسية»: الأعياد مناسبة لمراجعة النفس والتقرب إلى الله    إزالة 16 حالة تعدٍ على أملاك الدولة بالشرقية    المشاط :مصر نفذت إصلاحات اقتصادية وهيكلية طموحة لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي    مدبولي يدعو مجموعة "تويوتا تسوشو" اليابانية للاستثمار بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس    السكك الحديدية تطلق خدمة جديدة، تعرف عليها    التمثيل التجاري: خطة عمل لترويج وتنمية صادرات مصر من الحاصلات الزراعية    وزير الإسكان يعلن الانتهاء من إجراء القرعتين 17 و18 للمواطنين الذين تم توفيق أوضاعهم بالعبور الجديدة    عماد الدين حسين: توقيت زيارة الرئيس السيسي للسعودية يحمل دلالات خاصة    وزير الأوقاف يدين الهجوم على مسجد في نيجيريا ويدعو للتصدي للتطرف والإرهاب    من حريق الأقصى إلى مواقع غزة.. التراث الفلسطيني تحت نيران الاحتلال    بين الخيانة ورسائل الكراهية.. خلاف ألبانيز ونتنياهو يتحول ل"إهانات شخصية"    وفد مجلس الزمالك يجتمع اليوم بوزير الإسكان لحل أزمة أرض أكتوبر    ننشر النص الكامل لتعديلات قانون الرياضة بعد تصديق الرئيس السيسى    مركز جديد ل حسين الشحات في الأهلي.. شوبير يكشف التفاصيل    ريبيرو يمنح لاعبي الأهلي راحة سلبية ويستكشف المحلة    ضبط أكثر من 15 طن دقيق في حملات لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز    نصب واحتيال.. ضبط صاحب شركة وهمية لإلحاق العمالة بالخارج    مديريات التعليم تنظم ندوات توعية لأولياء الأمور والطلاب حول البكالوريا    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة سوزوكى بالفيوم    النيابة العامة تشكل لجنة ثلاثية لفحص أسباب انهيار عقار الزقازيق    تفاصيل شخصية بسمة داود في مسلسل "ما تراه ليس كما يبدو"    رحيل القاضي الأمريكي «فرانك كابريو».. أيقونة العدالة الرحيمة    المؤرخ للذاكرة من خلال التفاصيل الصغيرة    دار الإفتاء: سب الصحابة حرام ومن كبائر الذنوب وأفحش المحرمات    نائب وزير الصحة والسكان يتفقد مستشفى رأس الحكمة    بدء تنفيذ الخطة العاجلة للسكان والتنمية في قرية البرث برفح    جلوبو: توتنام يرفع عرضه لضم سافينيو إلى 80 مليون يورو    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    3 وكلاء جدد بكلية الزراعة جامعة عين شمس    إجازة المولد النبوى .. 3 أيام متتالية للموظفين    هل يجوز سؤال الوالدين عن رضاهم عنا؟.. أمين الفتوى يجيب    وزيرة التنمية المحلية ومحافظ أسوان يتابعان مشروعات"حياة كريمة" والموجة ال27 لإزالة التعديات    القاهرة الإخبارية: مصر ترسل قافلة المساعدات الإنسانية العشرين إلى قطاع غزة    الأرصاد تحذر من حالة طقس يومي السبت والأحد    ضربها بملة السرير.. زوج يقتل زوجته إثر مشادة كلامية بسوهاج    "صحة لبنان": مقتل شخص في غارة إسرائيلية على بلدة دير سريان بقضاء مرجعيون    إعلام عبري: إطلاق نار على إسرائيليين قرب مستوطنة "ملاخي هشالوم" في الضفة    رئيس هيئة الرعاية الصحية: نجحنا فى مضاعفة معدلات الإنجاز والإيرادات    وزير الصحة يتفقد مشروع إنشاء المخازن الاستراتيجية للمنتجات والأجهزة الطبية بالعاصمة الإدارية    «اقتصادية القناة»: جهود متواصلة لتطوير 6 موانئ على البحرين الأحمر والمتوسط    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    نجم الأهلي السابق: مودرن سبورت سيفوز على الزمالك    حلوى المولد.. طريقة عمل الفسدقية أحلى من الجاهزة    الإسماعيلي يتقدم باحتجاج رسمى ضد طاقم تحكيم لقاء الاتحاد السكندرى    وزارة الأوقاف تطلق صفحة "أطفالنا" لبناء وعي راسخ للنشء    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    جيش الاحتلال يستهدف بلدة فى جنوب لبنان بصاروخ أرض أرض.. وسقوط 7 مصابين    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تشبه المسلسلات التركية قصيدة أو قصة مترجمة؟
نشر في محيط يوم 31 - 08 - 2009

يصعب وضع تسمية، لظاهرة عرض المسلسلات التركية"المدبلجة" علي الفضائيات العربية، إذ لا يمكن إدراجها تحت تسمية "الموضة "، ولا ضمن مفهوم "الحوار الثقافي الحضاري بين الأتراك والعرب"، بل يمكن وصفها- تحديداً- بنوع من التجارة الفنية، لجذب المشاهدين لشاشة القناة التي تعرضها . ومهما يكن، فما يهم هو أن هذه المسلسلات تعرض الآن، وتأثيرها الفكري والأخلاقي والتجاري، مستمر، وتحمل بعض الجوانب الإيجابية، إلي جانب جوانب سلبية، أكثر .
وسيكون من المجحف أن نرفض فكرة الحوار الثقافي و الحضاري مع أي شعب كان علي وجه الأرض، لا بل أن -كلاً- يسعي دائماً، من جهته، إلي هذا الحوار، والتبادل، لأنه يجعلنا ننظر إلي البشرية بوجه عام، من مواقع أقرب، وأكثر تأثراً وتأثيراً، كي نتعرف أكثر إلي أنفسنا، وموروثنا، مادمنا نري ما هو مغاير لما توارثناه، ونتعامل معه اجتماعياً.
ولا تخلو المسلسلات التركية بوجه عام، من هذا الجانب، إذ أنها ومن خلال - جميع البيئات- التي تتناولها مسلسلاتها، تجعلنا نتعرّف إلي ثقافتهم، وندهش، ونصدم كثيراً، أو قليلاً، ونحن نراهم يعيشون ويفكرون، ويتعاملون مع الحياة، وينظرون إليها من زوايا لم نعتد النظر إليها، ولا نتعامل معها إطلاقاً .
إننا ومثلما لن نكون يوماً ما، ضد قراءة قصيدة تركية، مترجمة، فإننا لن نكون كذلك ضد مسلسل تركي، "مدبلج"، ومثلما تقدم القصيدة التركية لنا من إنارات،روحية، وفكرية، وحياتية، خاصة حين نتذكر أسماء مهمة، من طراز ناظم حكمت، وأحمد عارف، وغيرهما، فإن المسلسلات التركية ستقدم الأمور نفسها، وستقدم إنارات جميلة، ونحن نري أناساً يتكلمون بغير ما نتكلم به من لغة، ويعيشون في أمكنة لا نعيشها، ويشربون وينامون، ويفكرون، ويحبون، ويكرهون.
إن نجاح المسلسلات التركية، فرض علي الدراما العربية تغيير آليات تعاملها، مع مشاهدها الذي بات يعتقد نفسه مخدوعاً، بتلك المسلسلات، التي طالما قدمت له، وبات علي كاتب السيناريو، قبل غيره، تغيير نمط كتابته للسيناريو، لأنه خسر كل ما قدمه عبر عقود، خلال مجرد سنتين من غزو الدراما التركية، ولذا وجب عليه البحث عن نص يلبي رغبات مشاهده، قبل أن يخسر، من خلال دراما أجنبية، تستولي علي فكر مشاهده.
ولكن، علينا ألا ننسي ونحن نقدم وجهة النظر المضادة، من عرض المسلسلات التركية بهذا الشكل، وهذه الكثرة، غير المألوفة، حيث غرض التسويق التجاري، لهذه المسلسلات، يعتبر الدافع الأول، عند منتجيها، أكثر من دافع توخي تقديم حوار حضاري بين الشعوب .
إن تركيا، نفسها، لتعيش صراعاً حضارياً بين ماض مليء في كل زواياه بالدين والأخلاق والعادات، والتقاليد، و غدٍ يتناصفه الآخرون في التطلع إلي التحرر الأوربي من القيود التي تتحكم بالعلاقة بين الجنسين، الذكر والأنثي، وهنا تكمن الأزمة الحقيقية، في التعامل مع هكذا مسلسلات .
إن هذه المسلسلات، تعرض تركيا، وهي في ذروة الصراع الأخلاقي، وهو ما يتجلي علي سبيل المثال بين عالمي مسلسل " ميرنا وخليل"، و مسلسل " دموع الورد"، حيث أن المسلسل الأول، يمثل صراعاً أساسه الأخلاق، والعادات، والتقاليد، و أن الثاني راح يقدم تركيا بوجه آخر،فهو يبين شرعية حمل فتاة من رجل، لم يتم الزواج منه، ناهيك عن مسلسل " سنوات الضياع " الذي يمثل هذا الصراع- بوجهيه -في المسلسل نفسه .
ولكن ألم يكن من الواجب، علي تلك القنوات التي تقدم تلك المسلسلات، الانتباه إلي ما تقدمه الشاشة التلفزيونية، بوجه عام، و تبيان أثرها الكبير في نفوس، وأفكار المتلقين لها، فمهما يكن أثر تلك المسلسلات ضئيلاً، فإنه لابد أن يوجد فريق آخر، يناصر -علي الأقل- فكرة الحمل من رجل، دون زواج منه، وألا يولد مناصرو هذه المسلسلات، لاحقاً، شرخاً في المجتمع،علي اعتباره يتعارض مع المنظومة الأخلاقية للشعوب العربية، التي مافتئت، تعيش علي موروثها، حيث تصل الأمور، إلي درجة الإقدام علي قتل الفتاة، بدعوي غسل العار في مثل هذه الحالات ...!
ولو تساءلنا عن انتمائنا لمنظومة الأخلاق، والأعراف، والتقاليد السائدة، في مجتمعنا، وعن دفاعنا -في بعض الأحايين- إن لم نقل دائما ً، عن بعض هذه المفاهيم، فمن أين جاء هذا الانتماء والتسليم لها، وبها؟.
إن هذا الانتماء، إنما جاء من خلال ما تلقيناه في أسرنا، ومن ثم مجتمعنا، وبتعبير آخر، من خلال ما جاء مفروضاً، علينا، ولم نكن طرفاً فاعلاً فيه، وإن هذه المسلسلات حينما تعرض بهذا الشكل المستمر، فإنها ستتحول إلي ما يشبه مرجعية، وقاعدة أخلاقية لنا، علي اعتبارنا لا نقدم علي مشاهدتها، فحسب، بل نعيشها بقلوبنا، وذلك من خلال تعاطفنا الدائم مع "البطل" أو" البطلة" التي تعيش أخلاقاً غير أخلاقنا، وتنتمي لموروث لا ينتمي لموروثنا الذي حين نستمر في التعامل معه، لابد أن تفكّ ارتباطنا مع المجتمع الذي نعيشه، و تدفعنا لأن ننتمي إلي عوالم تلك المسلسلات، فكرياً، ووجدانياًً .
إننا نتعامل مع مسلسلات- مدبلجة - لشعب يعيش أوج الصراع الحضاري بين شطر ينتمي إلي عالمنا الأخلاقي الشرقي، وبين شطر ينتمي إلي عالم أخلاقي غربي، و مهما نكن قادرين علي التحكم في آليات فكرنا، فإنه لابد أن نصاب بعدوي الأخلاق الغربية، و أن نتمثّلها، ولو لمرة واحدة، في أضعف الإيمان، ولكن، كم ستكون الصّدمة مدوية علي المتلقي، المنتمي لمنظومتنا الأخلاقية، أمام امتحان الحكم علي فتاة، تمت إليه بصلة الرحم، وهي (تحمل) من شخص، عبر علاقة غير شرعية، فإن السؤال هنا لن يحتاج إلي جواب، لأن الجواب لن يكون- بأسف- سوي علي شكل طلقة، في رأس الفتاة، لاستعادة الشرف المهدور.
من هنا، فإننا لن نكون مدافعين عن أخلاق، ننتمي إليها، بالرغم عنا، ولن نرفضها، مادمنا الآن ننتمي إليها،مكرهين، وبالمقابل، فإننا لا نستطيع تصور أنفسنا موجودين خارج هذه المنظومة الأخلاقية، لأن هذا التصور وحده، يحتاج إلي ولادة جديدة، أو شطب كامل لكل قناعاتنا، ونواميسنا، و لا يمكننا أن ننعت الأخلاق الغربية بأحكامنا المنتمية- أصلاً - لمنظومات أخلاقية مغايرة .
إنّ المطلوب من هذه القنوات الفضائية العربية التي تلحّ علي عرض المسلسلات التركية، أن تحاول تسليط الضوء علي حياة شعوب أخري، أيضاً، لا أن تجعلنا نعمي بأنوارها، ونحن نرغم علي مشاهدتها- دون غيرها- بهذا الكم، و هذه الكثافة، وعلي نحو متواصل، علي اعتبار أن هذه القنوات تكتسب قاعدة جماهيرية، علي امتداد البلدان العربية
** منشور بصحيفة "الزمان" العراقية 31 أغسطس 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.