إشادة أوروبية، تفاؤل أمريكي و تحذير صينى بالإجماع .. "قمة ال20" خطوة على طريق إنعاش الاقتصاد الدولي المستشارة الألمانية محيط - زينب مكي بعد إسدال الستار على قمة مجموعة العشرين التي استضافتها العاصمة البريطانية لندن بمشاركة رؤساء الدول الكبرى في العالم في محاولة لرسم خارطة طريق للخروج من أسوأ ركود اقتصادي تعرض له الاقتصاد العالمي منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي ، أجمع المشاركون على نجاح تلك القمة التي اتخذت خطوات تهدف إلى إشراف أكبر على الأسواق، وسد الفجوات في التنظيمات الحكومية في محاولة لتجنب وقوع أزمات أخرى في المستقبل. الصين ترفض الحمائية أكد وزير التجارة الصيني تشن ده مينج مجددا على معارضة بلاده للحمائية، معربا عن دعمه للتعاون، قائلا " لقد اثمرت هذه القمة عن سلسلة من النتائج الايجابية والعملية للمجتمع الدولي كي يشترك في معالجة الأزمة المالية الحالية. " وأضاف أنها تضمنت توافقا واسعا حول استقرار الأسواق المالية الدولية، وتسريع إصلاح النظام المالي الدولي، ودفع جولة محادثات الدوحة قدما بنشاط، ومعارضة الحمائية التجارية. وقال تشن إن التاريخ والتجربة اثبتا أن الحمائية سوف تجر الاقتصاد العالمي فقط إلى كساد أعمق، وانه مع تفاقم الأزمة أصبح الجميع يدركون بشكل متزايد ضرورة وإلحاح رفض الحمائية. وأضاف أن ما يحتاج إليه العالم الآن هو تبني خطط تحفيز اقتصادي للتغلب مشاركة على الصعوبات، وتحقيق تعافى الاقتصاديات، وأنه في هذا الوقت الحاسم ، ينبغي على الجميع بشكل خاص الحذر من الحمائية، ومنعها من تخريب كل الجهود التي بذلها العالم حتى الآن. أمريكا: خطوة على طريق الإنعاش وفي خطابه الإذاعي الأسبوعي الذي أذيع مسجلاً في واشنطن، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما بعدما شارك في قمة مجموعة العشرين في لندن ، ويشارك حالياً في اجتماع لحلف شمال الأطلسي تستضيفه ألمانيا وفرنسا، "إن قمّة لندن ساعدت على إيجاد التنسيق الدولي اللازم لانتشال اقتصادات العالم من الركود". وقال أوباما "بعد يومين من المفاوضات المتأنية اتفقت دول مجموعة العشرين على خطوات هي الأولى من نوعها، أعتقد أنها ستكون نقطة تحول في سعينا نحو تعافٍ اقتصادي عالمي". وأضاف أوباما: نتحرك الآن جميعاً بدأب لحمل مصارفنا على الإقراض ثانية، فنعمل جميعاً لحفز النمو وتوفير فرص العمل... واتفقنا جميعاً على أكبر إصلاح كاسح لإطار قواعد التنظيم المالي لدينا على مدى جيل كامل، لقد عملنا على تعزيز تحالفاتنا ولم نحل كل مشاكلنا ، لكننا حققنا تقدماً استثنائياً حقيقياً وسنواصل ذلك في الأسابيع والأشهر المقبلة. واعتبر أوباما الاتفاق الذي أقرّته قمة لندن "منعطفاً في البحث عن إنعاش الاقتصاد العالمي، فالرد الوحيد العالمي الأهداف على الأزمة هو الرد العالمي في جهود التنسيق"،قائلا إن الدول العشرين في صدد إعادة إطلاق أسواق القروض لحفز النمو واستحداث وظائف. وصول خادم الحرمين إلى لندن المشاركة العربية وفي لقاء صحافي مشترك مع الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، عقد في لندن تحدث وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف عن مشاركة المملكة في قمة مجموعة العشرين ،قائلا " إن القادة ناقشوا في القمة ستة محاور تركزت حول إعادة الثقة والنمو والتوظيف، وإصلاح النظام المالي وإعادة النمو، والرقابة المالية وعلاقتها بالاستقرار". وأفاد أن دول المجموعة اهتمت بمناقشة برنامج الإنعاش الاقتصادي في اقتصادات دول العالم المختلفة, الذي قدر لبرامجه كاملة في اجتماع واشنطن مبلغ خمسة تريليونات دولار، تبنت السعودية من خلاله برنامجا للاستثمار والتنمية في قطاعي الحكومة والنقدي الذي يعد من أكبر البرامج من حيث حجم الاقتصاد وذلك بمبلغ يقدر ب 400 مليار دولار، وذلك لخمس سنوات. وأوضح وزير المالية أن الصندوق الدولي أعد دراسة للسياسات التي اتخذتها دول مجموعة العشرين تبين من خلالها أن برنامج المملكة للاستثمار في البنية الأساسية وغيره هو أكبر البرامج في المجموعة، وبيّن العساف في ذلك الصدد أن الهدف الأساس من ذلك هو دعم الاقتصاد السعودي، الذي فيه فائدة للاقتصاد العالمي من خلال إنفاق الاقتصاد المحلي للمملكة، إضافة إلى الدول الأخرى, التي تبنت برامج مماثلة. وعن دعم صندوق النقد الدولي قال الدكتور إبراهيم العساف "كان هناك بحث للحصول على دعم للصندوق بنحو 250 مليار دولار، أسهمت فيها اليابان بنحو 100 مليون دولار، والاتحاد الدولي 100 مليون دولار، وبعض الدول الأخرى، إلا أن المملكة مازالت تدرس الخيارات المتاحة التي تخدم مصلحة المملكة لدعم الصندوق "، ونفى ما تداولته بعض وكالات الأنباء العالمية من أن المملكة قدمت 90 مليار دولار دعماً لصندوق النقد الدولي, إضافة إلى تقديم اقتراحات حول ذلك، مبيناً أن هذه المعلومات لا أساس لها من الصحة. إشادة أوروبية أشاد مسئولون بالاتحاد الأوروبي بالاتفاق الذي توصلت إليه القمة لتطبيق رقابة مالية عالمية جديدة مع تخصيص تريليون دولار لتعزيز الموارد المالية للمؤسسات الدولية الرئيسية، معتبرين إياه خطوة تاريخية، واصفين إياها ب"الناجحة" ومن جهته قال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني إن القمة ، لم تنتج تسوية بل اتفاقاً وافق عليه الجميع، مشيرا إلى أنه رغم الشكوك الأولية، تم التوصّل لاتفاق بين جهات مثل الولاياتالمتحدة تضغط من أجل المزيد من الإنفاق العام، وأخرى مثل العديد من البلدان الأوروبية التي تطالب أيضاً بقواعد جديدة. ومن جهته وصف جان كلود يونكر رئيس وزراء لوكسمبورج الذي ترأس بلاده مجموعة الدول ال16 الأعضاء بالاتحاد الأوروبي التي تستخدم اليورو، قرارات مجموعة العشرين بأنها تاريخية وطموحة وهي على الطريق الصحيح. وشاطره نفس الرأي المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية يواكين أمونيا الذي قال إنه من "المهم أن أكبر اقتصاديات في العالم سلكت نهجا واحدا". وفي حين رسم ألمونيا صورة قاتمة للاقتصاد الأوروبي، فقد دعا أيضا دول الاتحاد التي تعمل على زيادة الفجوات في ميزانياتها من أجل إعطاء انطلاقة لاقتصادياتها، إلى الإسراع في كبح نفقاتها الحكومية حالما تظهر علامات على الانتعاش الاقتصادي. أما وزير المالية التشيكي ميروسلاف كالوسيك الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة، فقد قال "إن قدرة عشرين اقتصاد كبير على الموافقة بالفعل على كل النقاط هي نجاح تاريخي" . رئيس وزراء أثيوبيا صوت أفريقيا ومن جانبه قال رئيس الوزراء الاثيوبي ميليس زيناوي بعد عودته من القمة أن افريقيا "اسمعت صوتها" لقادة العالم الذين اتخذوا قرارات لمكافحة الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية. وجاء في بيان نشرته وزارة الخارجية الاثيوبية "أن البيان الختامي لقمة (مجموعة العشرين) وعد بالكثير، وشكل نجاحا من أوجه عدة"، ورحبت الدبلوماسية الأثيوبية مؤخرا بموافقة القمة على دعوة أفريقيا من الآن فصاعدا لحضور كل لقاءات مجموعة العشرين. بيان القمة وكشف البيان الصادر عن مجموعة قمة العشرين ، أن القمة أقرت إنشاء مجلس للاستقرار المالي العالمي مع تفويض أكبر كخلفية لمنتدى الاستقرار المالي، ويضم المجلس جميع الدول الأعضاء في مجموعة العشرين وأعضاء منتدى الاستقرار المالي والمفوضية الأوروبية،وسيتعاون منتدى الاستقرار المالي مع صندوق النقد الدولي لتقديم تحذير مبكر عن المخاطر المالية ومخاطر الاقتصاد الكلي وتقديم توصياته لمواجهة هذه المخاطر. وأكد البيان الختامي أهمية اتخاذ إجراءات لإعادة تشكيل الأجهزة المالية التنظيمية حتى تتمكن السلطات المعنية من تحديد ماهية المخاطر المالية والاقتصادية في الوقت المناسب، داعيا لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتوسيع الرقابة علي جميع المؤسسات المالية والمصرفية بما فيها صناديق التحوط مع ضرورة اتخاذ مبادئ جديدة متشددة بشأن العلاوات والحوافز التي تعطى لرجال المصارف والشركات المالية، ومؤكدا ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الملاذات الآمنة المتهربة من دفع الضرائب الرافضة للتعاون، مؤكدا أن عهد سرية المصارف قد انتهى. مظاهرات في لندن قبيل انعقاد القمة وطالبت مجموعة العشرين جميع بلدان العالم بالانضمام لجهود مجموعة العشرين في تحفيز الاقتصاد العالمي لأن الأزمة المالية الحالية تتطلب حلا عالميا، معتبرين أن النمو والرخاء كل لا يتجزأ وأن الإنعاش الاقتصادي يجب أن يكون في صميم حاجاتنا لتوفير فرص العمل للعائلات العاملة ولقطاع الأعمال. وتعهد زعماء مجموعة العشرين في بيانهم بالعمل من أجل استعادة الثقة في إحراز النمو مع توفير فرص العمل وضرورة إصلاح النظام المالي لإعادة بناء الثقة وتعزيز حركة التجارة الدولية وعمليات الاستثمار ورفض إجراءات الحمائية. وأكد البيان الختامي أهمية تعزيز التعاون من أجل تحقيق الازدهار الاقتصادي وبناء اقتصاد متوافق مع البيئة وتوفير وظائف تتناسب مع البيئة مع أهمية تعزيز النمو الاقتصادي المستدام، معتبرا أن التعاون البناء وتطبيق الإجراءات المشار إليها من شأنهم أن يخرجا الاقتصاد العالمي من دائرة الكساد، معربا عن الاعتقاد أن الاتفاقات التي توصل إليها زعماء قمة العشرين سوف تزيد من موارد صندوق النقد الدولي بواقع ثلاثة أضعاف لتصل الموارد المالية المتاحة إلى نحو 750 مليار دولار الأمر الذي من شأنه أن يوفر دعما جديدا لحقوق السحب الخاصة ولحركة التجارة الدولية ودعم الدول الأكثر فقرا. كما أكد البيان مقاومة النزعة الحمائية وتشجيع التجارة والاستثمار العالميين وجعل الاقتصاد الدولي أكثر عدالة وأكثر استدامة بعيدا عن الأزمات مع الالتزام بأهداف التنمية الألفية لمساعدة الدول الأكثر فقرا.