السياسة لعبة القوة ومن يملك القوة يستطيع ان يؤثر ويتفاعل ويفرض دوره على ساحة العمل السياسي الدولي هذا ما أكده الدكتور ابراهيم البيومي غانم استاذ الدراسات السياسية في ندوة مركز الدراسات الشرقية بكلية الآداب الخميس ( 23 ابريل ) بعنوان "تركيا ودورها المتنامي في الشرق الاوسط" . وأضاف:"كنا نتحدث في الماضي عن مثلث القوى بالمنطقة وأركانه اسرائيل وايران ومصر والان تراجعت القاهرة لتحتل تركيا هذا الدور الاقليمي الفاعل، لنرى صراع ظاهر على الهيمنة بين ايران وتركيا وآخر خفي بين الاخيرة واسرائيل، في غياب لموقف عربي موحد في ظل التشرذم والاختلاف ". وعلل الباحث تنامي الدور التركي بفراغ الساحة العربية قائلا: "ان الذي يجعل تركيا تحتل هذا المكانة العالمية وتطلع بهذا الدور هو الفراغ الحاصل على الساحة العربية "وكل فراغ يستدعي من يملأه" وخاصة مع سقوط الامن القومي العربي وتفرق المواقف منذ غزو العراق للكويت عام 1990 واجتماع امريكا والعرب للقضاء على قوة العرااق العسكرية ليسقط بذلك جانبا كبيرا من التوازن العربي بالمنطقة لصالح اسرائيل وايران. وقال:" ان تركيا تملك رؤية استراتيجية واضحة للمستقبل مما يجعلها تنمو وتتطور بشكل متسارع مع الاستقرار والرسوخ في الداخل والخارج". ويتابع البيومي :"اذا اردنا استشراف مستقبلي للسياسة التركية بالمنطقة في ظل لعبة المصالح واستعراض اوراق الضغط سنجد أننا في الامد المنظور ( من 5 سنوات الى 7 سنوات) ستكون تركيا سببا في تثبيت الوضع القائم في المنطقة على ماهو عليه دون حدوث تغييرات عميقة". كما يعتقد انه في حالة استمرار الدور التركي متناميا بهذه الصورة الكبيرة فعلى الامد الاطول - من 7 –10 سنوات- ستزيد قوة أنقرة الاقليمية الى حد كبير خاصة من الناحية الجيواستراتيجية والجيو سياسية متنافسة مع القوتين الاقليميتين ايران واسرائيل. وتابع :"اما بالنسبة لتعاظم دور تركيا بعد حرب غزة فإن انقرة تريد ان تثبت لنفسها اولا وللعالم ان بامكانها ان تتصرف في السياسة الاقليمية بحجم مكانتها والتي يمكنها الارث العثماني والشعور بنشوة القيادة مع منهجها في الاتزان الدبلوماسي من خلال التي تحافظ على علاقة مع الجميع دون الانحياز لطرف على حساب الاخر فلاتنحاز لسوريا على حساب اسرائيل او العكس" . وحول تفسيره لمتانة التعاون العسكري التركي الاسرائيلي رغم مواقف تركيا الظاهرة من نصرة الشعب الفلسطيني من خلال مواقف اردوجان قال :" ان السياسة الخارجية التركية تقوم على التعامل مع الخصم والتداخل معه في علاقات متشابكة سياسية واقتصادية وعسكرية لايستطيع منها فكاكا وعند تأزم العلاقات السياسية تظل الاوراق الاخرى فرصة للضغط والمراوغة وهو مانجحت فيه تركيا لتصبح قوة مؤثرة ومحورية". وضرب مثالا بحجم التبادل التجاري بين اسرائيل وتركيا والذي وصل الى 3 مليارات دولار امريكي كما ان اغلب الشركات التجارية ومؤسسات الاعمال لكبار الرموز الكردية كمسعود البرزاني وجلال الطلباني في اسطنبول ، مما يبرهن لنا عن انفصال الجانب الاقتصادي عن السياسي في العلاقات. واشارالى موقف الجيش وتحوله الى دعم الديمقراطية وقال ان رئيس الاركان بالجيش التركي "اختر باشبورج" صرح في منتصف ابريل الجاري ان الجيش وان كان هو الحارس الامين على العلمانية الكمالية ( نسبة لكمال اتاتورك)- فإن هذا لاينبع من معاداته للاسلام ولكن رفض لاستخدام الدين كأداة سياسية. واكد باشبورج أن الجيش لم يعد مصدرا للتهديد وانما مشجع للمسيرة الديمقراطية للبلاد. وترى امريكا في تركيا شريكا استراتيجيا في الشرق الاوسط الكبيرمنذ2006 ، ودورا فاعلا في محاربة الارهاب وهو مايثبت تعاظم الدور المحوري بالمنطقة. اما الدكتور الصفصافي احمد القطوري رئيس شعبة الدراسات التركية بمركز بحوث الشرق الاوسط جامعة عين شمس فيرى ان الموقع الجغرافي لتركيا بين اسيا واوروبا سمح لها بهذا الدور المحوري والقيادي اضافة الى البعد التاريخي للحضارة التركية. وكانت السياسة التركية بعد الحرب العالمية الثانية 1945 تتبنى نظرية "الانسلاخ المتبادل" حيث يرى الترك ان سبب في تخلفهم عن ركب الغرب هو ارتباطهم بالعرب والقوميون العرب يرون الامر نفسه بأن السبب وراء التخلف هو الخلافة العثمانية وعصور الظلام والاستبداد. كما ربط بين زيادة المد الاسلامي واتساع الممارسات الديمقراطية ودعم الحريات بتركيا والذي يزيد معه اصحاب التوجه الاسلامي والميل الى الشرق، واذا اختفت الحريات سيجنح الاتراك الى الغرب والعلمانية، لكن بوادر عودة الاسلام الى مظاهر الحياة التركية غدت حقيقة يقرها الجميع. كما أكد الصفصافي على تعاظم دور "القوة الناعمة " للمؤسسات الخيرية الاسلامية التركية التي ترعى اقامة المؤسسات والانشطة التعليمية والثقافية والطبية في مناطق هامة من العالم الاسلامي .