عواصم : في ظل حمى التسلح النووي التى تجتاح المنطقة, أعلنت الدول الخليجية في قمتها الأخيرة بدولة قطر عن رغبتها في السعي الي امتلاك تكنولوجيا نووية سلمية، فيما بدأت الإمارات العربية مشروعها لامتلاك مشروع نووي سلمى, زعمت دراسة أمريكية اليوم السبت بأن السعودية تسعى هى الأخرى للحصول على تقنية نووية. وأكدت دراسة للكاتب توماس ليبمان بعنوان "الأسلحة النووية والإستراتيجية السعودية" أن وجود دول في منطقة الخليج مثل العراق, وإيران الساعية لامتلاك الصواريخ الباليستية، إلى جانب امتلاك كل من مصر وسوريا واليمن، وبالطبع إسرائيل صواريخ "أرض أرض"، أثار مخاوف السعودية من التطويق، نظراً لعدم امتلاكها إمكانيات مماثلة. وأشارت الدراسة أن المملكة العربية السعودية لعقد صفقة صواريخ باليستية مع الصين, ولم تكن بكين وقتها تخضع لأي قيود لعقد مثل هذه الصفقات مع السعودية, كما تٌشير الدراسة إلى الرؤية السعودية للملكة على أن الصين دولة شيوعية، لكن ليس لديها سجل غزو مسلح لبلد مسلم، على عكس الحال مع الاتحاد السوفيتي، وهو ما سهل من عقد الصفقة بين الجانبين الصيني والسعودي. وتضمنت الصفقة حوالي 36 صاروخ باليستي متوسط المدى، لكن بعض المصادر تٌقدر الصفقة بأكثر من 60 صاروخ باليستي. وتزن هذه الصواريخ حوالي 70 طن، ويصل مداها إلى حوالي 1900 ميل, وقد تركزت هذه الصواريخ في مناطق نائية في المملكة السعودية، وقام على صيانتها طاقم من الصينيين. ورغم مرور وقت طويل على الشراكة الاستراتيجية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والسعودية إلا أن المملكة قد تعرضت لرد فعل قاس من جانب إدارة الرئيس الأمريكي رونالد ريجان، وذلك عندما علمت بصورة عارضة بصفقة الصواريخ الصينية التي قامت بها السعودية خاصة بعد رفضت المملكة السماح للموظفين الأمريكيين بتفتيش هذه الصواريخ. وفي نفس الوقت تعرضت السعودية لرد فعل عدائي من جانب الكونغرس تجاه جهودها المبكرة الهادفة لكسب الموافقة على عروض بيع الصواريخ الباليستية، فقد عارضت الأغلبية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بمجلس الكونجرس عروض لبيع جهاز دعم أرضي لنظام إنذار وتحكم لطائرات أمريكية باعتها للسعودية في 1981, كما أجلت الإدارة الإعلان الرسمي للكونجرس بشأن عروض بيع جديدة بتكلفة 450 مليون دولار للجهاز العسكري. وفي هذا السياق سافر وزير الخارجية الأمريكي جورج ب. شولتز للرياض وقد عمل على البحث عن تهدئة العداء تجاه السعودية بضرورة موافقة السعودية على معاهدة منع الانتشار النووي, الأمر الذي أقر حقيقة عدم وجود أمل في شراء صواريخ متوسطة المدى من الولاياتالمتحدةالأمريكية الشريك العسكري المفضل للسعودية. وتري الدراسة أن صفقة الصواريخ الصينية تُثير تهديدات عديدة من المنظور الأمريكي. جزءاً منها يتعلق بإسرائيل وذلك كون هذه الصواريخ يٌمكنها الوصول لإسرائيل. فضلاً عن أنه من شأنها الدفع لسباق تسلح الصواريخ في الشرق الأوسط إلى جانب أن واشنطن لم تكن تتوقع من الرياض أن تقوم باتخاذ قرارات مستقلة في مثل هذه الأمور. وبالتالي رأت واشنطن وصول مثل هذه الصواريخ للسعودية إشارة بأن الرياض ربما تسعى سراً للحصول على الأسلحة النووية، أو ربما حتى التخطيط للسماح للدول العربية الأخرى باستخدامها للهجوم على إسرائيل, الأمر الذي يثير الخوف من أطلقت عليه الدراسة "القنبلة الإسلامية". وترتبط السعودية بالولاياتالمتحدة منذ أكثر من خمسين سنة. ورغم ذلك شاب هذه العلاقات الكثير من أحداث التوتر, فبالإضافة إلى صواريخ، كان التحقيق في تفجير أبراج الخبر عام 1996. كذلك كانت زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير سلطان لمنشآت حربية في باكستان ومراكز الأسلحة النووية في كاهوتا عام 1999، والتي لم يتم الكشف عن تفاصيلها، مما جعل هناك قبول لفكرة أن السعودية لديها طموح في امتلاك على الأقل قدرات نووية صغيرة كرادع للعدوان. أيضاً كان هناك رد الفعل الداخلي لهجمات 11 سبتمبر الإرهابية 2001. ورغم ذلك تؤكد الدراسة أن السعوديين لا يريدون إثارة خلافات مع واشنطن. بل على العكس، فبعد حوالي عقدين ، يُلاحظ تقارب سياسات الرياضوواشنطن بشأن حظر الانتشار النووي في الشرق الأوسط, وأشارت الدراسة أنه في 31 يوليو 2007 أصدرت دول مجلس التعاون الخليجي، بما فيهم السعودية بجانب الولاياتالمتحدةالأمريكية ومصر والأردن، بيان رسمي يُشير إلى إدراك هذه الدول لتهديدات أسلحة الدمار الشامل للأمن الإقليمي والعالمي. وأنشئت السعودية معهد أبحاث الطاقة الذرية خارج الرياض في عام 1988. وقد أعلنت أن الهدف من ذلك هو:" دعم استخدام العلوم النووية والتكنولوجيا في الخطط الاقتصادية، الصناعية، والزراعية للمملكة", ورغم أنه قد تم نشر القليل عن هذا المعهد في الصحف الرئيسية إلا إنه ليس بالأمر السري, فمشروعات الأبحاث وأسماء وأرقام تليفونات العلماء منشورة على الموقع الالكتروني لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا. وفي دراسته بعنوان " القوات العسكرية الخليجية في فترة الحرب اللامتماثلة : السعودية أشار كل من أنتوني كوردسمان وخالد الروحان إلى أن السعودية ليس لديها قدرات تٌمكنها من إنتاج صواريخ باليستية طويلة المدى أو أسلحة دمار شامل. وتأسيساً على ذلك، فالخَيارات المتاحة أمام المملكة تدور حول الحصول على الأسلحة سراً كما حدث مع الصواريخ الصينية. غير أن ذلك لن يكون له قيمة من حيث الممارسة لأن بذلك سيفقد السلاح النووي قيمته كقوة ردع إذا لم يكن معلوما بوجوده. وفي هذا السياق يرى الخبراء العسكريين أن هناك احتمال نظري بأن تحصل السعودية على الصواريخ، وتقوم بتحديثها، وتعديلها برؤوس نووية من الصين أو باكستان، أو ربما خلال سنوات قليلة من كوريا الشمالية. غير أن مثل هذا البرنامج النووي يمكن أن يضع السعودية في دائرة الخارجين على القانون النووي العالمي مثل كوريا الشمالية وإيران. خاصة إذا ما أخذ في الاعتبار رد فعل واشنطن تجاه تجربة باكستان النووية في 1998. وإدراك السعودية لما يفرضه القانون الأمريكي من عقوبات اقتصادية وعسكرية ضد من يسيرون على هذا النهج. فباكستان والهند لديهما أصدقاء في الكونجرس، متأهبين لمساعدتهم للخروج من شبكة العقوبات الجبرية، وهو ما لا تتمتع به السعودية. ولو غضب الكونغرس سيعمل على عرقلة شراء السعودية لأي معدات عسكرية في المستقبل. وبافتراض أن السعودية بحثت عن الحصول على الأسلحة النووية رغم كل النتائج السلبية المحتملة مع العلم بأن الظروف الحالية قد تؤكد أنه لن يكون هناك تعاون مع الصين بسبب حرصها على علاقاتها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. فالصين قد تواجه احتمال فسخ اتفاقياتها النووية مع واشنطن والتي سعت جاهدة لتأمينها. بالإضافة إلى إمكانية فرض عقوبات اقتصادية عليها.