هناك حكمة يعرفها دوماً أولئك الذين يغوصون في أعماق التاريخ الإنساني، وهي أن البسطاء كانوا دوماً وقوداً للثورات، وأن تضحياتهم كانت الثمن الباهظ الذي لولاه، لما سجلت كتب التاريخ أحداثاً جساماً، ومنعطفات حادة هائلة في مسيرة البشرية، وما عرف العقل البشري مستويات جديدة من المعرفة والإدراك نتيجة لتجارب غير مسبوقة على الصعيد الإنساني. ورغم أن العادة جرت على البحث عن الإنسان "الرمز" الذي قد يجسد المرحلة، ويتكلم بإسمها وباسم الجموع الباحثة عن ثغرة الانطلاق عبر جدار الجمود، إلا أن الإنسان الفرد يظل هو المحرك الأساسي لحركة التاريخ، وعلى أكتافه يقع عبء الدفع بقارب الإنسانية باتجاه شاطئ جديد. وعلى الرغم من أن الثورة بشكل عام هي حدث جماعي، تتضافر فيه جهود الجموع من أجل بلوغ غاية ما يتفق حولها الجميع، وتحقيق هدف يسعى إليه الجميع، إلا أن ديناميكية هذا الحراك الجماعي وقوته ترتكزان في الأساس على طبيعة الإنسان الفرد وإلى ما يحركه من آمال وأحلام، ومبادئ وأخلاق، وقيم ومعتقدات. كما أن هذه الديناميكية أيضاً تعتمد في استمرارها على قدرة الإنسان الفرد على الاندماج في هذا الحراك الجماعي، والإنسجام بداخله والتناغم معه، وعدم التحول إلى عامل إبطاء أو تشتيت لبقية الأفراد من حوله. من هنا، كان من الطبيعي لمن تابعوا الثورات العربية أن يراقبوا أداء الفرد العربي البسيط وإسهاماته في إنجاح هذه التقلبات التاريخية الغير مسبوقة، و الغير متوقعة في واقع الأمر. ففي حين جاء أداء النخبة باهتاً ومتوقعاً ودون مستوى الحدث في الأغلب الأعم، فإن الإنسان العربي البسيط فاجأ الجميع بحجم الإصرار والتحدي الذي واجه به أقداره وحكامه، كما أن مستوى الوعي الذي أبداه في مواجهة قضايا عدة كان عالياً وأحياناً صادماً في وجه الصورة النمطية التي كونها عنه الجميع، سواء من داخل المنطقة العربية أو خارجها. فعلى إمتداد العصور الماضية، كان الإهتمام التاريخي محصور في الوقائع التاريخية التي تحركها الدول والإمبراطوريات، وكذلك الرموز الوطنية والتاريخية التي عبرت مواقفها التاريخية عن مجتمعاتها وبلادها، كما عبرت شخوصها عن تفاعلاتها الإنسانية التي عكست، بشكل أو بآخر، الضغوط والتحولات التي خضعت لها مجتمعاتها على الصعيد الإنساني. وبالتالي عرفت ذاكرة التاريخ العديد من "الرموز" و "الأبطال" التاريخيين. لكن الإهتمام ظل قليلاً بالأفراد البسطاء من عوام الشعوب. لكن تغيراً جذرياً طرأ على هذه المعالجة حينما بدأت الثورات و الحركات السياسية الحديثة في معالجة المشاكل الإجتماعية والإهتمام بشكل أكبر بالإنسان الفرد. وعلى تعدد المقاربات الفلسفية للحركات الإجتماعية والسياسية وتنوعها، إلا أن بناء الفرد و صقل وعيه السياسي، أصبح ركيزة أساسية في البناء الداخلي لكل عقيدة سياسية جديدة، سواء أجاءت من الشرق أم من الغرب. على أن الوضع في المنطقة العربية كان إلى حد ما مختلفا عما حوله، خاصة وأن حركة التاريخ كانت دوماً متقلبة ومضطربة في هذا الجزء من العالم. فشعوب المنطقة رزحت تحت عبء الاحتلال الخارجي الذي حرمها من اللحاق بركب الحضارة، وأساليبها المادية من علوم طبيعية و معرفية. كما أنه أغلق في وجهها أبواب الاحتكاك الإنساني مع الحضارات المجاورة لها، مما أضعف من مناعتها الفكرية والثقافية. وعندما خرجت تلك الشعوب من مظلة الوصاية الخارجية، حاول قادتها "الرموز" أن يقودوها عبر دروب وعرة وفي مناخ سياسي عاصف إلى وجهات آمنة، تمكنهم من بناء دول حديثة بعد عقود وقرون من الإهمال والتخلف. ورغم أن الجميع نادوا في بداية مسيرتهم ببناء الفرد العربي، إلا أن هذا الهدف تراجع مع الوقت، إما نتيجة لتصاعد المنحى التسلطي للحكم، أو تصاعد المشاكل السياسية والضغوط الخارجية، أو لفقدان النخبة السياسية لبوصلتها الأخلاقية وحسها القومي والوطني. ولعقود خلت، فإن الإنطباع العام عن الإنسان العربي ظل يتمحور حول سلبيته الممتدة بلا حدود، وعدم رغبته في التغيير أو كسر القيود من حوله. وقد عزز هذا الانطباع مدى الاستسلام المتواصل من جانب المواطن العربي لأجهزة الحكم في بلاده، يستوي في ذلك المواطن الخاضع لقوى "الرجعية المستبدة "، أو ذاك الخاضع لقوى " الثورية التقدمية"، أو ذلك الخاضع لتجارب جديدة في العلم السياسي، والتي استحدثها زعيم رغب في دخول التاريخ (وهو قد فعل ذلك على أية حال). المهم هنا أنه لم يكن هناك من يختلف على مدى السلبية والخمول وحتى الجهل، الذي أبداه المواطن العربي البسيط تجاه المتغيرات السياسية من حوله، إلى الحد الذي دفع المراقبين السياسيين - المحليين قبل الخارجيين - إلى استبعاد ردة الفعل الشعبية تماماً من المعادلة السياسية العربية. ولا يمكن في هذا السياق، إغفال الدور الذي لعبته الأنظمة الحاكمة في تعميق هذه السلبية وتحجيم دور الفرد العربي الإنساني والثقافي. فمن جهة، حتكر "الرموز" لأنفسهم دور المنظر للأمة، وأعطوا لأنفسهم الحق في أن يحددوا لشعوبهم وجهتهم، دون السماح بأدنى مساحة من الإختلاف أو المناقشة. ومن جهة أخرى، فإن سياسة الإقصاء المستمرة للروافد السياسية الأخرى، سياسياً أو بوليسياً، مدعومة بسياسة الامتهان المبرمج لكل ما هو مخالف للتيار العام، قد أجبرت بقايا النخبة السياسية على التقوقع في أقبيتها الداخلية، بمعزل عن العامة، وبذلك تكون قد قضت عملياً على أي أمل في استحداث حالة من الحوار البناء، والتي قد تسمح بتفاعل وطني إيجابي. وهكذا ارتضى الجميع ب"حوار الطرشان" الذي لا يستمع فيه أي طرف للطرف الآخر، ولا يقبل في وجوده من الأساس!. ومن المثير أن هذه الصورة السلبية عن الإنسان العربي قد تحولت إلى صورة نمطية ذائعة الصيت، وبشكل يسترعي الانتباه، كون انتشارها على المستوى العالمي أمر قد يتعذر تبريره من الوهلة الأولى. إذ ما الذي يجعل الغرب مهتماً كل هذا الاهتمام بالإنسان العربي وقضاياه الداخلية؟ وما السر في إنتشار هذه الصورة السلبية وتحولها إلى شبه حقيقة غير قابلة للإنكار داخل العقل الغربي؟ إن نظرة في العمق قد تكون كفيلة بتفسير هذا الأمر. فالغرب كان دوماً يطل على الانسان العربي من خلال عدسات رؤية محددة، إحداها بالطبع عدسة الصراع العربي الإسرائيلي، وهي عدسة تقدم المواطن الإسرائيلي الديمقراطي و المتقدم في جهة، والمواطن العربي المتخلف والمقهور في دولته الدكتاتورية من جهة أخرى، في مقارنة تعمد أصحابها أن تكون صادمة وغاية في الإختلاف. والعدسة الأخرى هي عدسة الصراع الحضاري وقضايا ما يسمى بالإرهاب الديني، و فيها يظهر الإنسان العربي في رداء السلبية المفروضة عليه بدافع ديني، وهي تستوجب بالضرورة إنساناً عربياً منغلق الفكر، وضيق الأفق، وعديم الإرادة. أما العدسة الثالثة، فهي عدسة المهاجرين وقضايا الاندماج، وفيها كل ظلال الألوان الداكنة التي لا تترك للإنسان العربي إلا صورة قاحلة في معانيها، فقيرة في مضامينها، وهي بالتأكيد خالية من الأمل في الصورة أو صاحبها. لكن كل هذا تغير عندما أصاب زلزال الغضب أرض العرب في صبيحة يوم بدا هادئاً وإنتهى عاصفاً، وتصدعت الصورة النمطية لتكشف، ولأول مرة، عن طبيعة الإنسان العربي وتوقه إلى العيش في كرامة وحرية، وأنه، كبقية أجناس الأرض، يملك أحلاماً ومشاعر وآمالاً، والأهم من ذلك، أنه راغب في بذل التضحيات التي تقوده إلى تحقيق ذلك. ويوماً بعد يوم، تساقطت أقاصيص الأوراق التي كتبها المنظرون لعقود خلت، في محاولتهم للحط من قدر الإنسان العربي، أمام رياح التغيير التي رافقت المسيرة الإنسانية في الشرق، والتي سعت إلى تصحيح مسار التاريخ واستعادة هيبة الحضارة العربية. يوماً بعد يوم، رأي الجميع كيف أن الإنسان العربي قادر على سطر ملحمة الإصرار والتحدي، في سبيل إعتاق نفسه من سجن الذل والمهانة، وكيف كان قادراً على إظهار التكافل والتلاحم مع إخوانه في الوطن، من أجل البقاء في الميدان رغم القوى الغاشمة التي هددت كيانه وأسرته وحياته. ورغم الرصاص والقتل والتعذيب والترهيب، أصر الثائر العربي على البقاء في الميادين مدافعاً عن حقه في الحرية واختيار حكامه، متكاتفاً مع جميع أطياف المجتمع، على إختلاف توجهاتها، في مشهد مثل تناقضاً صارخاً مع الصورة النمطية التي صورته كارهاً للديمقراطية، ومحباً للأساليب الشمولية، ومتبنياً للإنغلاق الفكري والتعصب الإنساني. ثم جاءت المفاجأة الأخرى على أيدي بعض الجيوش العربية، والتي قررت أن تنحاز إلى أبناء شعبها، ورفضت أن تطلق الرصاص باتجاه مواطنيها. ولعقود خلت، ظلت صورة الجيوش العربية في الإعلام الغربي مقترنة بالتخلف والهمجية وإنعدام الحرفية، ورأى المراقبون فيها أدوات في يد السلطات الحاكمة، تستخدم عند الضرورة من أجل تأمين الحكم، لكنها أطلت على العالم أجمع بصورة مغايرة تماماً، أصبحت فيها المؤسسة العسكرية هي ضمانة الدولة ذاتها، وصمام الأمان لها في هذا الوقت العصيب. ثم تكاملت الصورة وتناغمت عندما وقف المواطنون العاديون في حماية ممتلكات الدولة وأجهزتها، في تعبير حقيقي عن الإنتماء الأصيل للوطن و المجتمع. ولم يعد أحد قادراً على إنكار الحقيقة، والتي بدأت تتجلى يوماً بعد يوم في شوارع تونس والقاهرة و بني غازي و طرابلس وصنعاء، وغيرها من المدن العربية، فالإنسان العربي قد خرج من الصندوق الذي أراد أعداؤه و حكامه - على حد سواء - وضعه فيه، و ما عاد راغباً في قبول الظلم، أو تحمل المزيد من القهر، أو انتظار عدالة تأتيه من خلال رحمة جلاديه، وهو قد جرب الحل السلمي عندما استطاع ذلك، وهو قد قاتل عندما إضطر لذلك. هذا الإنسان العربي أدرك في نهاية المطاف، أن بإمكانه أن يصنع الحدث وأن يقرر مسار التاريخ، طالما أنه قد ارتضى أن يكون وقوداً لمحرك التاريخ، وأن يتحمل نصيبه من الألم والتضحيات. هذا الصعود في الوعي لدى الإنسان العربي، وإدراكه المتنامي لقوته، كمواطن له حق أصيل في وطنه وأمته، صاحبه صعود في الثقل السياسي للفرد العربي، بدت تجلياته حتى قبل سقوط الأنظمة التي خرج يتحداها، فلم يكن من قبيل الصدفة أن يضطر أكثر من حاكم عربي إلى مخاطبة الشارع العربي ومواطنه العادي، مباشرة، و بلهجة تصالحية بلغت حد الإستعطاف أحياناً. وشهدت الساحة السياسية سلسلة من التراجعات في المواقف، وتنازلات عدت إلى أمد قريب من قبيل المستحيلات. ولأول مرة منذ عقود طويلة، بدأت السلطات الحاكمة، سواء تلك التي حلت محل البائدة أو تلك التي تخشى مصيرها، في الأخذ بعين الاعتبار ردة الفعل المحتملة للجماهير الغاضبة، والتواقة للتغيير. وقد لا نبالغ في القول أن هذا التحول الهام في الأرضية السياسية يعد أحد أهم مكتسبات هذا الزلزال العربي، إن لم يكن أهمها على الإطلاق. فلأول مرة، تتحول موازين القوى لتصبح في أيد الشعوب والمجتمعات ذاتها، ولتصبح قادرة على إسماع صوتها، وإبداء رأيها وتقرير مصيرها. وفي حين ينبغي الإعتراف بأن هذا التحول لم يكتمل بعد، وأن المؤسسات التي يفترض فيها أن ترسخ سلطة الشعب لم تبن بالكامل بعد، إلا أن الثابت أن المارد قد انطلق من قمقمه وأنه لا عودة للماضي وأساليبه. ويحسن للجميع - بما فيهم الأطراف الخارجية المهتمة بالمنطقة العربية - أن يقرأ الوضع كما هو على الأرض، وأن يدرك حجم التغيرات التي حدثت وتحدث على الساحة السياسية، وكذلك الساحتين الإنسانية والاجتماعية. لقد ولت تلك الأيام التي كان في استطاعة البعض فيها أن يقرر الوجهة السياسية للدولة، بناء على فهمه الخاص بل ومصالحه الذاتية أحياناً. وعاجلاً أم آجلاً، ستبزغ إلى الوجود مؤسسات دولة تخضع إلى سلطة الشعب، وستكون قادرة على محاسبة المسؤولين وتوجيههم، والعمل على ضمان التعبير الكامل عن مصالح الشعب كمصدر للسلطات، وليس أحداً آخر. وفي منطقة هامة مثل المنطقة العربية، والتي تتقاطع فيها المصالح الإقتصادية والسياسية للعديد من الأطراف الخارجية والداخلية، فإن أعين جميع الأطراف ستسلط على مراكز القرار، ومحاولة التأثير فيها لضمان مصالحها الخاصة. لذلك سنرى في المستقبل، كيف أن العديد من الأطراف المؤثرة ستحاول ضبط إيقاع الأمور، أو الدفع بها في إتجاه معين، مع الأخذ بعين الإعتبارالتحولات التاريخية في مراكز الثقل السياسية، وصعود التقل السياسي للفرد العربي، كنتيجة لربيع الثورات العربية. ومن المهم في هذا السياق، أن ندرك أن تصاعد الثقل السياسي للفرد العربي يظل في حاجة إلى وعاء سياسي يعبر عنه، ويسمح بتركيز طاقة الفرد لتصب في اتجاه سياسي واضح المعالم. لذلك سيكون من المحتم العودة إلى بناء الأحزاب كأدوات سياسية، ولكن على أسس فلسفية وسياسية جديدة، تسمح بالتعبير عن تيارات الأفكار بداخلها، و تسمح بتداول السلطة بين أجيالها وأطيافها المختلفة. فتصبح تلك الأحزاب ذاتها بمثابة تعبير مصغر عن الدولة الديمقراطية التي ينشد الجميع بناءها، وتعمل بذلك كقناة اتصال تنقل أفكار ورغبات الفرد العربي إلى محيطه السياسي والإنساني، وتعمل أيضاً كأداة رقابية تحافظ على أداء السياسيين، وضمانة للعمل السياسي والاجتماعي. وعليه ، فإن الصعود الناجح لقوة الفرد سيتمثل في صعود المجتمع السياسي بكل أطيافه، وقدرته على التأثير الناجح في سياسة دولته من خلال الأحزاب، والقدرة على إجتذاب جميع الأطياف للمشاركة الإيجابية في الحياة السياسية، دون إقصاء طرف أو استهداف آخر، حيث أن قاعدة العمل السياسي تقوم على الاتفاق البناء، و المعارضة الخلاقة، على أساس احترام حق المواطن في التعبير عن آرائه ومعتقداته، وفي إطار الحرص على الوطن والأمة. وهذا الصعود سيرافقه وبلا شك صعود في الوعي السياسي، سيتبعه بالضرورة ارتقاء في إسلوب العمل الإعلامي. وهنا لابد من الإقرار بأحد أهم المشاهد الصادمة في الربيع العربي، وهي أن الإعلام كان في ذيل الحدث، وخدم في الأغلب الأعم كأداة تضليل في يد السلطة، مما حدا بالعامة بالاعتماد على أنفسهم في تواصلهم، وقد ساعدتهم في ذلك التقنية الحديثة عن دون قصد. وفي ظل المتغيرات الجديدة على المشهد السياسي، أصبح حتماً على الإعلام أن يطور من فلسفته، وأن يستقل بذاته، كي يتمكن من التعبير عن استقلالية الفرد وصعوده السياسي، وأن يمتلك الجرأة لكي يكون منبراً حراً للعديد من الأطياف السياسية على الساحة، وإن اختلفت توجهاتها ومشاربها. لقد فرضت التطورات السياسية والإنسانية واقعاً جديداً في منطقتنا العربية، عاشته وستعيشه شعوب المنطقة لسنوات قادمة، وقد تغيرت معالم الأرض السياسية بشكل كبير، وما زالت الأيام حافلة بنذر تغيرات أخرى قادمة على الطريق. ومن السابق لأوانه أن نفترض أن الأمور قد تغيرت إلى الأفضل، بينما كل الشواهد على الأرض تدل على أن مراحل التغيير لم تنقض بعد. وقد تسير الأمور إلى الأفضل وقد تنحى إلى الأسوأ، إلا أن هناك فرصة حقيقية لإحداث تغييرات جذرية، قد تغير مستقبل هذه الشعوب وهذه الأمة، وربما لعقود قادمة. ونحن ندين لأنفسنا، ولأجيالنا القادمة، على الأقل بمحاولة جادة لفهم ما جرى ويجري، والعمل بتجرد وتضحية في سبيل إصلاح البناء والبلاد، وعلينا دائماً أن نتذكر أنه مهما على شأن أية أمة أو حضارة، فإن قوة بنيانها لابد أن ترتكز على وحدة البناء الأساسية فيها، ألا وهي الإنسان، فعليه تقوم المجتمعات، وعلى أكتافه تقوم الحضارات، وبدمائه وتضحياته تصان الأوطان.