القمة الأوروبية.. بين تحدي الخلافات ومهمة الخروج من مأزق الديون بروكسل : يتطلع زعماء دول الاتحاد الأوروبي إلي توجيه رسالة طمأنة إلى المتعاملين وأسواق المال والرأي العام الأوروبي بشأن جدوى الخطط التي تم طرحها في إدارة الأزمة المالية وذلك خلال أعمال قمتهم اليوم ببروكسل خاصة وان الاجتماعات التي تستغرق يومين تجري في وقت تصاعدت فيه أزمة الثقة بشكل كبير بين ألمانيا القوة النقدية والاقتصادية الأولى في منطقة اليورو وغالبية شريكاتها بشان سبل إدارة الأزمة . وأشار تقرير أخباري إلي إن المسئولون في بروكسل يرون أن قمة الاتحاد يجب أن تعطي دفعا قوية للجهود المشتركة الرامية إلي دحر المخاطر التي تواجه منطقة اليورو والعملة الموحدة من جهة وضمان إرساء آليات جديدة لإحداث انتعاش اقتصادي من جهة أخرى، وهو ما يمثل الحل الفعلي للخروج من الأزمة. وأضاف التقرير الذي أوردته وكالة الأنباء السعودية "واس" ، إن برلين تواجه عزلة متصاعدة بسبب صرامة الخيارات التي تلوح بها حاليا وسعيها لجر منطقة اليورو نحو آلية تعامل متشددة وصارمة مع الدول التي تواجه بصورة كبيرة مشكلة الديون وتفاقم عجوز الميزانيات بجانب إحكام ضوابط التعامل في منطقة اليورو وتجنب تكريس مخصصات مالية إضافية في هذه المرحلة. ويبلغ مستوى البطالة في منطقة اليورو العشرة في المائة من بين القوى القادرة على العمل ولكنه يتجاوز العشرين في المائة في بعض الدول ومنها اسبانيا مما يعكس الهوة المتصاعدة بين مختلف دول المنطقة في مواجهة تداعيات الأزمة المالية الراهنة . وأضاف التقرير أن حجم الديون السيادية والعجز في الموازنات العامة يبلغ نسبا متفاوتة بشكل كبير بين دولة وأخرى مما يزيد في الشكوك الخاصة بمدى تجانس وتناسق وتوافق السياسات المتبعة في كل دولة. وأشار التقرير إلي أنه من بين المسائل المحددة المدرجة للحسم أمام قمة الاتحاد الأوروبي إرساء نظام دائم للإنقاذ و إدارة أزمات الديون السيادية مستقبلا والبدء بالعمل به عام 2013 لتعويض الصندوق المؤقت الحالي الذي تم إرساؤه في مايو الماضي بعد استفحال أزمة ديون اليونان. ويبلغ حاليا رأس مال صندوق الإنقاذ المؤقت 750 مليار يورو ويشرك صندوق النقد الدولي بشكل مباشر في إدارة متاعب الديون السيادية الأوروبية. وتؤيد عدة أوساط أوروبية مضاعفة رأس مال الصندوق ولكن المستشارة الألمانية تعارض هذا الطرح ، كما إن ألمانيا تطالب بان تتخذ القمة قرارا واضحا بشان تحوير بنود اتفاقية لشبونة التي تحرّم حتى ألان تقديم دعم مباشر لأي من دول منطقة اليورو التي تواجه مشكلة العجز المالي وتفاقم الديون بصورة كبيرة . ويرى الخبراء الاقتصاديون إن رفض مضاعفة رأس مال صندوق الإنقاذ والمطالبة بتحوير اتفاقية لشبونة لن يمثل مؤشرا ايجابيا للأسواق كما ان إقدام وكالات التصنيف بمراجعة أداء اسبانيا وبلجيكا قبل انطلاق القمة سيزيد من الضغوط على المسئولين الأوروبيين لبلورة مخرج سريع للازمة. ويشير التقرير إلي أنه من بين الحلول الإضافية الجاري تداولها على هامش انطلاق قمة بروكسل تمكين المصرف المركزي الأوروبي من قدرات وإمكانات مالية وإدارية إضافية لمواجهة الأزمة خاصة أنها باتت تقترب موضوعيا من دول كبرى هذه المرّة مثل ايطاليا واسبانيا. وأضاف التقرير أنه في مجمل الملفات المطروحة أمام قمة دول الاتحاد الأوروبي تبدو أن الخلافات جوهرة ومازالت مستمرة حيث تتهم الدول المثقلة بالديون "دول جنوب القارة، وايرلندا" ، ألمانيا بأنها تعمل على تهميشها وتجريدها من جزء من سيادتها عبر المطالبة بحرمانها من حق التصويت في حالة استمرار تسيبها النقدي، أما الدول من أنصار المزيد من الاندماج الأوروبي وتتزعمهم لكسمبورج فنهم يتهمون ألمانيا بالانكفاء على الذات و تطالب هذه الدول بترجمة آليات التضامن الأوروبية بشكل عملي. وكانت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية قد أكدت في دراسة صدرت في وقت سابق من الأسبوع الحالي على أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون مستعداً لسحب خطط الدعم المالي عن الدول في حالة عدم الوفاء بالشروط الملزمة لإجراءات الإنقاذ الموجهة للدول التي تعانى من تفاقم الديون. ودعت المنظمة أن تلك الشروط المتعلقة بإجراءات الإنقاذ يجب أن تكون جزءاً من اى برنامج دائم للمساعدات. وأضافت منظمة التعاون والتنمية اليوم في مسح دوري لها حول اقتصاديات منطقة اليورو إلى أن الأمر يتطلب وجود آلية دائمة للسيولة تحظى بالمصداقية لإدارة الأزمة المالية وأن تخضع لشروط مشددة على أن يتم سحب الدعم المالي في حالة عدم تنفيذ الشروط . وحذرت المنظمة في الدراسة التي أوردتها شبكة "بلوم برج" الإخبارية من أن العمل على تقليص خلل التوازن الاقتصادي سيكون أمراً صعباً وسيتطلب فترة طويلة في بعض الدول التي تعانى من العجز المالي. وأشارت المنظمة التي تقدم الاستشارات للدول الأعضاء الثلاثة والثلاثين إلى أن تخفيض الأجور قد يكون أمراً ضروريا للعودة باقتصاديات المنطقة إلى مرحلة النمو المستدام. وأضافت المنطقة أن إجراءات الهيكلة سيكون لها دور أساس في إعادة التوازن لاقتصاديات المنطقة، حيث أنه في الدول التي تعانى من العجز فان الإصلاحات يمكن أن تسهم في رفع معدلات الإنتاج وإعادة الإنفاق إلى المستويات المستهدفة، كما أنه في الدول التي تشهد فائض في الميزانيات فان تعديلات الهيكلية قد تساعد في دعم الطلب على مستوي الأسواق المحلية.