بعد وصله لطريق مسدود... الخلاف الهندي الخليجي في طريقه إلى التحكيم
محيط – زينب مكي
بعد ان وصلت الحلول الودية في أزمة البتروكيماويات بين دول الخليج والهند إلى طريق مسدود، أعلن مسئول بالفريق السعودي للمفاوضات مع منظمة التجارة العالمية أن دول الخليج تفكر في معالجة الخلافات عن طريق نظام تسوية النزاعات الخاص بالمنظمة.
وكانت وزارة التجارة والصناعة الهندية قد اتخذت قراراً يقضي بتطبيق ضريبة إغراق على صادرات البولي بروبلين من دول منطقة الخليج العربي، فيما اعتبر (الاتحاد الخليجي لمصنعي البتروكيماويات والكيماويات) "جيبكا" القرار بأنه لا يخدم الرغبة المشتركة لتطوير العلاقات الاقتصادية بين دول الخليج والهند، خصوصاً مع الاستثمارات الهندية الضخمة، وأعداد العمال الهنود الكبيرة العاملة حالياً في القطاع الصناعي الخليجي.
وأوضح "جيبكا" ان الحكومة الهندية قررت تطبيق إجراءات مكافحة الإغراق ضد صادرات البولي بروبلين من السعودية وعُمان وفقاً لتقرير أصدرته في 21 يوليو/ تموز الجاري، مشيراً إلى ان القرار يفتقر إلى أي سند قانوني، ما يجعله غير عادل وغير منطقي.
الموقف الخليجي
ومن جانبهم، أبدى مصنعو البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي معارضتهم إزاء القرار الهندي، فيما اكد لدكتور عبد الوهاب السعدون الأمين العام ل "جيبكا"، إن مثل هذا القرار لا يساعد على الرغبة المشتركة لتطوير العلاقات الاقتصادية بين دول الخليج والهند، خاصةً إذا أخذنا في الاعتبار الواقع الفعلي للاستثمارات الهندية الضخمة، والعمالة الهندية الكبيرة العاملة حالياً في القطاع الصناعي في المنطقة.
وعلى الصعيد نفسه، أكد رئيس الفريق السعودي للمفاوضات مع منظمة التجارة العالمية فواز العلمي، ان استمرار الهند في فرض رسوم مكافحة الإغراق على واردات البولي بروبلين من السعودية وعُمان، إلى جانب سنغافورة، كموقف تفاوضي خلال التقاضي في حال حصوله، سيفرض عليها غرامات تعويضية قاسية في حال خسارتها القضية، وقد يجعلها عرضة لإجراءات مضادة من قبل الدول الخليجية.
ونقلت صحيفة "الحياة" اللندنية عن العلمي أن الهند قد تطبق قاعدة التخفيض التدريجي للرسوم خلال فترة التقاضي طبقاً لنتائج مسار القضية، مضيفاً انه من المفروض على الدول الخليجية استخدام كل قواها لصد الدعوى، والحصول على البراءة من تهمة الإغراق الموجهة ضد صناعاتها البتروكيماوية، حتى لا تتشجع الدول الأخرى على التمادي في اتهام المملكة بإغراق أسواقها أيضاً، ما يعرضها لمزيد من الدعاوى التي تطالبها بإلغاء المزايا التنافسية الممنوحة لصناعتها البتروكيماوية، وهذا يؤدي بدوره إلى تقويض أسس الصناعة البتروكيماوية السعودية.
موقف الهند
وفي ما يتعلق بأحقية الهند في فرض رسوم مكافحة الإغراق على واردات البولي بروبيلين من السعودية وعُمان قال العلمي: "لا يوجد لدى الهند ما يعطيها الحق لفرض رسوم مكافحة الإغراق على صادرات المملكة من البولي بروبلين، إلا إذا أرادت الهند أن تستخدم إتفاق مكافحة الإغراق للحد من وارداتها من المملكة"،موضحا أنها استخدمت السياسات الحمائية، بسبب التباطؤ الاقتصادي، واحتلت المركز الأول بين دول العالم في استخدام اتفاق مكافحة الإغراق ضد وارداتها كسياسة حمائية غير نظامية، إذ رفعت حكومتها خلال العقد الماضي 526 دعوى ضد 56 دولة، في مقابل 36 دعوى إغراق مرفوعة ضد الهند من قبل 12 دولة".
أسباب الخلاف
وعن الأسباب التي أدت إلى تعثر الحلول التي طرحت، تحدث العلمي عن إصرار الجانب الهندي على المضي قدماً في قراره بفرض الرسوم الإحترازية المضادة بواقع 22% على منتجات البولي بروبلين السعودية، من دون إثبات الضرر الواقع على الصناعة الهندية من واقعة الإغراق المزعومة.
ويتعارض القرار الهندي صراحة مع أحكام اتفاق مكافحة الإغراق في منظمة التجارة، الذي ينص على ضرورة رفض طلب الصناعة المحلية إجراء التحقيق في دعوى الإغراق، إذا لم تتوافر أدلة دامغة على واقعة الإغراق، أو إثبات الضرر الجسيم على الصناعات المحلية، وعلى الحكومة إيقاف التحقيق فوراً إذا ثبت أن هامش الإغراق يقل عن 2% من سعر التصدير، أو إذا ثبت أن حجم الواردات من دولة معينة أقل من 3% من حجم واردات الدولة المستوردة، أو أن مجموع صادرات الدول من المادة المتهمة بالإغراق لا تزيد عن 7% من إجمالي حجم السوق المحلية.
النتائج المتوقع
وعن النتائج المتوقعة من لجوء دول الخليج إلى تسوية النزاع عبر الاحتكام إلى أنظمة منظمة التجارة، والمدة التي تستغرقها، قال: "تستغرق هذه المشاورات بين 60 و90 يوماً"، وفي حال عدم التوصل إلى حلول، تُرفع القضية إلى هيئة حسم المنازعات التي تعيّن لجنة قضائية من سبعة أعضاء، ويحق للطرفين إختيار ثلاثة من الأعضاء لكل منهما، وتختار الهيئة العضو السابع المرجح للقرارات.
وتستمر المداولات سنة يصدر بعدها حكم الهيئة ليكون نافذاً بعد شهر من صدوره، إلا إذا لجأ أحد الطرفين إلى الاستئناف، فتُحال القضية إلى لجنة قضائية أخرى، تبت فيها بعد ستة شهور، ويكون قرارها نافذاً ونهائياً. وأتوقع أن تنجح الدول الخليجية في تسوية النزاع مع الهند خلال المرحلة التشاورية، إذا استخدمت قدراتها وإمكاناتها العديدة ذات العلاقة بمصالح الهند في هذه الدول.