تقرير: النفط يمنح السعودية دوراً أساسياً في إخراج العالم من الركود
محيط – زينب مكي
تمنح الأهمية المتزايدة للمملكة العربية السعودية كبنك مركزي للنفط في العالم وكونها المزود الأساسي للطاقة الذي ظل يعتمد عليه طوال أكثر من 30 سنة وكونها تستحوذ على 90% من الطاقة النفطية الاحتياطية للعالم قرارات الرياض حول التوقيت الذي تفتح فيه "صنابير" النفط أهمية لا تقل عن سياسات الحوافز في واشنطن في تقرير مدى السرعة التي يخرج بها العالم من أسوأ ركود يشهده في نحو قرن.
وفي هذا الصدد أوضح تقرير لصحيفة ''فاينانشيال تايمز'' اللندنية أن الدور الرئيس الذي تقوم به السعودية في مجال الطاقة عالميا يعد أساسيا في إخراج العالم من الركود الراهن ،حيث تملك المملكة القوة لتقرير أسعار النفط أكثر مما كانت تملك قبل سنوات.
وفي الوقت الذي تعكف فيه معظم بلدان العالم على تقليص الاستثمارات النفطية، حققت السعودية بهدوء عملاً هندسياً هائلا حين زادت قدرتها على إنتاج النفط إلى رقم قياسي يبلغ 12.5 مليون برميل يوميا مما جعل العالم أخذ يصبح أكثر اعتماداً على المملكة مما كان حين بلغت أسعار النفط ارتفاعات قياسية.
ووفقا للتقرير الذي أوردته صحيفة "الاقتصادية" الإلكترونية تضخ المملكة حالياً 8.3 مليون برميل يوميا، مبقية على ثلث طاقتها الإنتاجية مغلقة، وأدى كبح السعودية وبضعة بلدان خليجية أخرى لإنتاجها إلى دعم أسعار النفط،فالنفط يجري تداوله الآن بنحو 70 دولاراً للبرميل، وهو سعر قريب جداً من السعر الذي تريده السعودية ومنظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، لذلك فمن المقرر أن تسعى المنظمة لتثبيت إنتاجها خلال اجتماعها المزمع اليوم حتى لا تخاطر بحرف مسار نجاحها.
ومن جانبهم ظل نقاد "أوبك" صامتين، ففي واشنطن يعرف السياسيون أن انخفاضاً شديداً في أسعار النفط يمكن أن يقتل كثيراً من منتجي النفط والغاز الأمريكيين.
و حذرت وكالة الطاقة الدولية في ورقتها التوجيهية لآخر اجتماع لمجموعة الثمانيمن أن ''هناك خطر حقيقي من أن استثماراً أقل طويل الأمد في الإمدادات في الشهور والسنوات المقبلة يمكن أن يؤدي إلى نقص في الطاقة الإنتاجية وإلى ارتفاع آخر في أسعار الطاقة في غضون سنوات، حين يكون الاقتصاد على طريق التعافي''.
ولذلك ساعدت زيادة الطاقة الإنتاجية السعودية في تعويض فاقد من نيجيريا وإيران والعراق وفنزويلا، حيث تستحوذ المملكة على 90% من الطاقة النفطية الاحتياطية للعالم، ولديها المرونة التي تمكنها من إيصال النفط إلى السوق تدريجياً مع تعافي الطلب، أو فوراً في حال أدت حرب أو أي طارئ إلى قطع الإمدادات من منتج آخر.
ونظرياً، يجب أن يوفر هذا قدراً كبيراً من الارتياح لدى الدول المستهلكة التي راقبت أسعار النفط وهي ترتفع إلى رقم قياسي بلغ 147 دولاراً للبرميل قبل صيفين، حين بدأ الطلب، ولا سيما من الصين، يفوق العرض ويستنزف طاقة العالم الاحتياطية، لكن ذكريات صدمات النفط في سبعينيات القرن الماضي ما زالت ماثلة في الذهن، مثلما هو حال القلق الذي يجيئ مع الاعتماد الشديد على لاعب واحد يقع في جزء متقلب من العالم.
وفي هذا الصدد يقول الأمير تركي الفيصل الذي عمل سفيرا للسعودية لدى الولاياتالمتحدة وبريطانيا،في مقالة لمجلة ''فورين بوليسي'' إن مصائر أمريكا والسعودية مترابطة وستظل كذلك لعقود مقبلة ، قائلا: ''على عكس شركات النفط الكبيرة التي كانت بطيئة في الاستجابة لأزمة العرض باستثمارات رأسمالية أكبر، أدركت المملكة أن مثل هذه الاستثمارات - حتى وإن بدت معاكسة للحَدْس على المدى القصير – أساسية لتجنب صدمات كارثية في مجال الطاقة''.
ومن جانبها سنت الولاياتالمتحدة سياسات يمكن لها أن تقلص اعتمادها على النفط بشكل كبير، إلا أن النفط سيظل أكبر مصدر للطاقة في العالم في المستقبل المنظور على الأقل، مع بقاء السعودية أكبر مزود.
كما ستظل قرارات الرياض حول متى تفتح "صنابير" النفط لا تقل أهمية عن سياسات الحوافز في واشنطن في تقرير مدى السرعة التي يخرج بها العالم من أسوأ ركود يشهده في نحو قرن، لذلك ووفقا "للفينانشيال تايمز" يمثل ذلك بالنسبة للممكلة ورقة سياسية رابحة تساوي "100 مليار دولار".
وعلى صعيد متصل أعلن الشيخ احمد العبدالله الصباح، وزير النفط ووزير الاعلام الكويتي في تصريحات لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) أمس أن هناك شبه اجماع داخل "أوبك" بالابقاء على حصص اللإنتاج الحالية مع ابداء التزام أفضل من قبل بعض الدول الأعضاء بالحصص الانتاجية المقررة لها.
وقال الصباح:" إن أوبك تتجه خلال اجتماعها الوزاري العادي ال154 المقرر عقده في فيينا اليوم الأربعاء إلى الحفاظ على سقف الانتاج مستبعداً أن تقوم المنظمة بخفض أو رفع الانتاج".
ورداً على سؤال حول تقييمه لمستويات الأسعار الحالية، أعرب الوزير الكويتي عن ارتياحه لمستويات الاسعار الحالية واصفا اياها بالمعقولة والمقبولة للمنتجين والمستهلكين على حد سواء، مشيرين إلى وجود مؤشرات حول تحسن الاداء الاقتصادي العالمي بعد الازمة الاقتصادية والمالية العالمية لاسيما في بعض القطاعات وخصوصا القطاع المصرفي في العالم وهو امر يبعث على التفاؤل والارتياح.