في الوقت الذي قدر فيه الخبراء خسائر الصناديق السيادية المملوكة لدول الخليج الناجمة عن الأزمة المالية العالمية بحوالي 450 مليار دولار وهو ما يعادل 27-30% من قيم الأصول في الأسواق الخارجية، وهو ما يعادل أيضاً نصف عائدات النفط لهذه البلدان لعام 2008، أكد مسئول اقتصادي عربي أن مشكلة الصناديق السيادية تتمثل في الغموض وعدم الوضوح والشفافية، إضافة إلى عدم وجود تقارير مفصلة حول أصولها وتفاصيل أخرى، مطالبا في هذا الصدد بضرورة رفع درجة الوضوح والإفصاح فيما يتعلق بهذه الصناديق. وأوضح الدكتور محمد التويجري الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في جامعة الدول العربية أن نسبة الصناديق السلعية خلال العام الماضي 2008 بلغت نحو ثلثي إجمالي الصناديق في العالم، مشيرا إلى أن عدد الصناديق السيادية على مستوى العالم يبغ حاليا 44 صندوقا يقدر إجمالي حجم ثرواتها بنحو أربعة تريليون دولار، منها 1.8 تريليون دولار تمثل حجم الصناديق المملوكة للدول العربية، أي أن دول الشرق الأوسط تملك ما نسبته 54% من حجم الثروات في الصناديق السياسة. وبين التويجري خلال فعاليات ملتقى "آفاق الاستثمار" الذي عقد في العاصمة السعودية الرياض تحت عنوان "دور الصناديق السيادية ومؤسسات التمويل في ظل الأزمة"أن حجم صناديق السيادية والتي تمثل دور المستثمر الصامت طويل الأمد لدولها يعتبر أكبر من صناديق التحوط وأقل من صناديق التأمينات والتقاعد في الدول العربية. ومن جانبه أوضح منصور الميمان الأمين العام لصندوق الاستثمارات العامة، أن وجود فوائض واحتياطات مالية عالية لدى الدول المنتجة للنفط ساهم إلى نشوء الصناديق السيادية كآلية مناسبة لاستثمار هذه الفوائض لتحقيق أفضل العوائد الممكنة لهذه الدول، مبينا أن الدافع الرئيسي لأن تتوجه هذه الصناديق نحو الاستثمارات الخارجية كواحد من أولويات الاستثمار بالنسبة لبعض الدول المنتجة للنفط هو صغر حجم اقتصادياتها في استيعاب هذه الفوائض. واستعرض الميمان في ورقة عمل حول دور الصناديق السيادية في المرحلة الحالية نبذة تاريخية عن هذه الصناديق ونشأتها،قائلا إن أهمية هذه الصناديق وتأثيرها في الاقتصاد العالمي تزايدت مع ارتفاع الأسعار العالمية للنفط والذي يعتبر المصدر الطبيعي الرئيسي لفوائض هذه الصناديق، وقد بلغت قيمة أصول هذه الصناديق التقديرية في نهاية عام 2007 نحو ثلاثة تريليونات دولار، وتوقع لها أن تصل إلى نحو خمسة تريليونات دولار عام 2010، ونحو 12 تريليونا في 2015، طبقاً لتقديرات "مورجان ستانلي" في مايو 2007. وحول الدور المطلوب من هذه الصناديق في المرحلة الحالية، يرى الميمان أن الخبرة التي توافرت خلال السنوات الماضية لهذه الصناديق أصبحت كافية لاتخاذ قرارات عقلانية بعيدة عن العاطفة، وتراعي مصالح دول هذه الصناديق، ملخصا وجهة نظره في الدور الحالي والدور القادم لهذه الصناديق في أن الدور الحالي يؤمل أن تساهم هذه الصناديق بتحفيز النمو الاقتصادي وتوفير التمويل اللازم للمشاريع الاستراتيجية الاستثمارية ولا سيما تلك التي لها علاقة بالبنية الأساسية لدول المنطقة. كما أنه يمكن لهذه الصناديق أن تنشئ صناديق مشتركة بينها لاقتسام التمويل والتقليل من المخاطر. كذلك أثبتت التجارب أن التكامل الاقتصادي بين دول المنطقة هو الذي يجب أن يعطى الأولوية الأولى وبالتالي فإن توجيه الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة إلى داخل دول مجلس التعاون هو البديل الأفضل، مع التأكيد على ضرورة إزالة القيود والعوائق التي تعترض تدفق الاستثمارات بين دول مجلس التعاون. ووفقا للميمان فإن الدول العربية أيضا تتوافر فيها فرص استثمارية كبيرة، وإذا استطاعت هذه الدول أن تزيل العوائق والقيود الاستثمارية، فإنها ستكون مجالاً خصباً لهذه الصناديق للاستثمار في مختلف القطاعات (صناعية، عقارية، وزراعية).