ينتظر العالم من زعماء الدول قيادات الأعمال، الذين حضروا الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" الذي اختتم أعماله أمس بعد 5 أيام من المناقشات، بعد عودتهم إلى بلادهم أن يقوموا بدراسة المعلومات والاقتراحات التي تلقوها، متخذين القرارات الصحيحة لإنعاش الاقتصاد العالمي. ويعقد المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" اجتماعات سنوية منذ 1971، وباعتباره مؤسسة غير حكومية، يكتفي المنتدى بتوفير ساحة من خلالها تجرى مناقشات هامة بشأن القضايا العالمية، تاركا اتخاذ القرارات والإجراءات لزعماء العالم. وفي هذا العام ان احد أهم التوافقات التي تم التوصل إليها خلال المنتدى هو الحاجة إلى التعاون الدولي في معالجة الأزمة الحالية، التي أثرت على الاقتصاديات المتقدمة والنامية على حد سواء. وفي هذا الصدد صرح رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون "إنها ليست أزمة اقتصادية في دولة واحدة، وإنما هي أزمة عالمية. ونحن بحاجة إلى تعاون عالمي وإجراءات عالمية للتغلب عليها". ومن جانبه ذهب كلاوس شواب، مؤسس والمدير التنفيذي للمنتدى، إلى ابعد من ذلك، مؤكدا على أن المجتمع بأسره، وليست الحكومات وحدها، يجب أن يشارك في حل الأزمة الحالية. ووفقا لما أوردته وكالة الأنباء الصينية (شينخوا) ردد نفس الدعوة للتعاون كبار الزعماء الآخرين، ومن بينهم رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو، والرئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل. ونقلت الوكالة عن ون في خطابه أمام المنتدى، انه خلال معالجة الأزمة، فإن الثقة هي مصدر القوة، والتعاون العملي هو الطريقة الفعالة، وتقبل المسئوليات هو الشرط المسبق، معربا عن ثقته بأن الاقتصاد الصيني سيواصل نموه السريع والمطرد رغم تأثير الأزمة العالمية. وفي الوقت الذي تغيب الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن الاجتماع نقلت عنه واحدة من كبار مستشاريه رغبته في التعاون، حيث قالت فاليري جاريت، مساعدة أوباما للعلاقات الحكومية "إن اقتصادنا عالمي، وأزمتنا عالمية، ومن ثم يجب أن تكون حلولنا عالمية"، مؤكدة أن الولاياتالمتحدة لا تستطيع أن تتولى بمفردها بذل الجهود من اجل إعادة بناء الثقة بالاقتصاد، والأسواق المالية. وقال جاريت أن إدارة أوباما ستكون شريكا مع باقي العالم في " إقامة إطار دولي عملي يمكن أن يساعد في استقرار الاقتصاد العالمي ولكن هذا التعاون والتنسيق ربما لا يكونان أمرا يسيرا، في ضوء اختلاف الأنظمة والمصالح، وكذا مدى تأثير الأزمة، حسبما قال المشاركون". و كان إجراء إصلاح شامل للنظام المالي العالمي وإقامة أنظمة اقتصادية جديدة ذات لوائح دولية أقوى من أهم النقاط المتفق عليها من جانب المشاركين بالمنتدى. وهنا يقول براون انه سوف يدفع من أجل وضع "معايير دولية تتمتع بالشفافية والوضوح" للمؤسسات المالية، مضيفا "إننا بحاجة إلى إصلاح وتقوية المؤسسات الدولية بمنحها السلطة والموارد من اجل الاستثمار على المستوي العالمي". ومن جانب أخر، صرحت ميركل بأنه يجب إنشاء مجلس اقتصادي تابع للأمم المتحدة يعتمد على ميثاق جديد يضم مبادئ اقتصادية عالمية لمراقبة الاقتصاد العالمي، ولكنه ما زال من غير الواضح كيف ستنظر الاقتصاديات العالمية الكبرى الأخرى إلى أفكارهم هذه، وبشكل خاص الولاياتالمتحدة تحت قيادة أوباما. كما أكد الزعماء في منتدى دافوس على أهمية مكافحة الحمائية، والتي تميل إلى الارتفاع في أوقات الأزمات الاقتصادية. ودعوا إلى اختتام جولة الدوحة لمحادثات فتح التجارة العالمية، والتي طال توقفها، في إطار حزمة تحفيز الاقتصاد العالمي. وذكرت وزيرة الاقتصاد السويسرية دوريس ليوتار، التي استضافت اجتماع وزاري لكبار أعضاء منظمة التجارة العالمية على هامش منتدى دافوس، "إن التجارة جزء من الحل للأزمة العالمية"، وقالت "في الحقيقة، إن التجارة الحرة يمكن أن تصبح أكبر حزمة تحفيز اقتصادية لإنعاش الاقتصاد العالمي، ومحاربة الفقر". وبالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية، ناقش المشاركون أيضا المخاطر العالمية الأخرى مثل التغير المناخي، والطاقة، والأمن الغذائي وأمن المياه، وقال المشاركون أن جميع هذه المخاطر تحتاج إلى حلول عالمية. كما راجع الاجتماع الأوضاع في قطاع غزة وأفغانستان، وكذا القضية النووية الإيرانية.