تشير توقعات المتعاملين في أسواق سندات الخزانة الأمريكية إلى أنه مازال هناك مجال أمام بنك الاحتياط الفيدرالي لإجراء جديد لخفض أسعار الفائدة لديه قبل نهاية العام في ظل أجواء الركود التي مازالت تخيم على أكبر اقتصاد في العالم. وتعد عملية الخفض التي أجراها بنك الاحتياط الفيدرالي في الأسبوع الماضي لأسعار الفائدة عن عمليات الإقراض ما بين البنوك بمقدار نصف نقطة مئوية أول عملية تجرى منذ 2003. ويرى بيل جروس مدير صندوق "توتال ريتيرن فاند"، الذي يعتبر أكبر صندوق استثماري في السندات، أن الاقتصاد الأمريكي في حاجة لتحقيق معدل نمو اقتصادي يتراوح ما بين 2.5 إلى 3% وإلا فإنه سيكون هناك ركود. ويشير إلى أنه تاريخيا كلما اقترب الاقتصاد الأمريكي من حالة الركود التام فإن "الفيدرالي" يقدم على تسريع وتيرة خفض الفائدة. ويشير بيل جروس في تقرير أوردته شبكة "بلومبيرج" الإخبارية، إلى أن أسعار الفائدة على الإقراض لدى بنك الاحتياط الفيدرالي من المتوقع أن تنخفض إلى 3.75% على الأقل نظرا لأن أزمة الرهن العقاري قد أدت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي إلى معدل يتراوح ما بين 1 إلى 2% بعد أن كان في حدود 4% خلال الربع الثاني من العام الحالي. ولعل الأرقام الحكومية الأخيرة قد تكون مبررا لمخاوف المراقبين إزاء الصحة العامة للاقتصاد الأمريكي وتأثير أداؤه على حركة النمو العالمي. فقد سجل الاقتصاد الأمريكي تراجعا غير متوقع خلال شهر أغسطس في فرص العمل، إضافة إلى حدوث انكماش في مبيعات التجزئة في الوقت الذي لم تظهر فيه حتى الآن أي بوادر انتعاش للسوق العقاري الأمريكي. وتشير التقديرات إلى أن معدل النمو السنوي للناتج الأمريكي يقل عن 2%، وهو الأمر الذي يزيد من الضغوط نحو إجراء خفض جديد لأسعار الفائدة الأمريكية خلال الشهور القليلة القادمة قبل نهاية العام الحالي. ويبدو أن هناك تغيرا قد طرأ على محور اهتمامات الفيدرالي، حيث أنه على مدى الاجتماعات الدورية للبنك من مايو 2006 حتى 7 أغسطس الماضي كان القائمون على وضع السياسة النقدية للبنك دائما يرون أن التضخم هو الخطر الأساسي الذي يواجه الاقتصاد. غير أنه خلال الأسبوع الماضي ظهر تحول في تلك النظرة، حيث أصبحوا يرون أن هناك بعض مخاطر التضخم لا تزال قائمة. وعن اتجاهات أسعار الفائدة الأمريكية على مدى العقد الماضي، فإن الأرقام تشير إلى أنه منذ عام 1989 وتحديدا في شهر يونيو بدأت أول عمليه خفض لأسعار الفائدة في إطار سلسلة من العمليات بلغ عددها الإجمالي 23 عملية خفض واستمرت حتى سبتمبر من عام 1992 لتصل أسعار الفائدة إلى 3% بعد أن كانت في حدود ال 9.75%. وكانت أخر سلسة من عمليات الخفض لأسعار الفائدة قد بدأها البنك في يناير من عام 2001 وانتهت في يونيو 2003 حيث انخفضت الفائدة في تلك الفترة من 6.5% إلى 1%. وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي)، قد قرر خفض معدل الفائدة الرئيسية في الأسبوع الماضي بنصف نقطة مئوية لتصبح 4.75%، ومعدل الحسم نصف نقطة مئوية ليصبح 5.25% في أول تخفيض له منذ أربعة أعوام. وأضاف مجلس الاحتياط الفيدرالي في بيان صحفي أن القرار يهدف إلى تسهيل الاقتراض لضخ المزيد من السيولة في السوق المحلي الذي يعاني مخاوف متزايدة من احتمالات تعرض البلاد لركود اقتصادي في ظل تفاقم أزمة سوق الرهن العقاري في أسواق الائتمان. وقد عمت موجة من الارتفاعات أسواق الأسهم العالمية علي جانبي الأطلسي وذلك بعد عملية الخفض الكبيرة التي أقدم عليها بنك الاحتياط الفيدرالي لأسعار الفائدة. ويأتي قرار "الفيدرالي" للمساهمة في الحفاظ علي وتيرة النمو الاقتصادي في الولاياتالمتحدة التي تعتبر أكبر مستهلك للطاقة في العالم، حيث أشارت بيانات وزارة التجارة الأمريكية إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي قد ارتفع إلى 4% سنويا في الربع الثاني مقارنة بالتقديرات السابقة التي كانت تشير إلى أن النمو سيكون في حدود 3.4%. وأشارت شبكة "بلومبيرج" الإخبارية إلى أن أرقام النمو المسجلة للربع الثاني قد تكون هي معدل أعلى معدل يحقق للعام الحالي وذلك في ضوء عمليات الربع التي أجريت لسعر الفائدة علي الإقراض في وقت سابق من الشهر الحالي كما أن بنك الاحتياطي الفيدرالي كان قد أشار إلى تزايد المخاطر المحدقة بالنمو الاقتصادي قد تزايدت. وكان صندوق النقد الدولي قد خفض تقديراته لنمو الاقتصاد الأمريكي في 2007 إلى 3.3% مقارنة بالتوقعات السابقة التي تشير إلى إمكانية تحقيق نمو في حدود 3.6%.