القاهرة : أكد د. أحمد مجاهد خلال الاحتفالية التي أقيمت أول أمس ببيت "الست وسيلة" بمناسبة مرور 80 عاما على ميلاد صلاح عبد الصبور، أنه كان يدرك تقنيات العرض المسرحى، وتشغله قضية صراع المثقف والسلطة، حيث كان يرى أن التنوير واستعادة الوعى هما الطريق الوحيد لمستقبل هذه الأمة. كان يشغله كذلك قضية تزييف السلطة للوعى، ودور المثقف فى تثقيف العامة ومنع السلطة المثقف من القيام بدوره. تحدث د. مجاهد عن مسرح صلاح عبد الصبور وما الذى أضافه بعد شوقى وعزيز أباظة وعبد الرحمن الشرقاوى، قائلاً: صلاح عبد الصبور أضاف للمسرح على وجه التحديد. المسرحية الأولى "مأساة الحلاج" التي يفتتحها عبد الصبور بالفلاش باك، فالمشهد الأول نرى الحلاج مصلوبا ثم يترك المشاهد ليبحث فى ماذا سيحدث ولماذا حدث، وصلاح عبد الصبور يدرك تقنيات العرض المسرحى، ويهتم بإشارات العرض، وهو يصنع ذلك أيضا فى الشعر. وكان صلاح عبد الصبور فى حياته أيضا يبحث عن السيف المبصر ويسأل هل ارفع صوتى أم سيفى، وهل المثقف الذى يرفع سيفه فقط يكون مثقفا فاعلا أم متقاعسا فالصراع داخلى بين الفعل والقول، وقدم فى هذه المسرحية جميع أنماط المثقف، وتخلو المسرحية من الأدوار النسائية. أما المسرحية الثانية " مسافر ليل" يعلق فيها الراوى على كل الأشياء تقريبا ويربطنا بتاريخ الإنسانية فى السياسة والأدب، والراوى هنا هو المثقف. وتابع مجاهد : في مسرحية" الأميرة تنتظر " دخل صلاح عبد الصبور لعالم ألف ليلة وليلة وتبدو المسرحية للوهلة الأولى نسائية خالصة، العمل درامى يتحدث عن رجل وامرأة، ونجد الرمز فى أول جملة من المسرحية وهو رقم 15 الذى يرمز تحديدا لعدد السنوات بين 1952 و 1967. أما المسرحية الرابعة "ليلى والمجنون" فهى مسرحية معاصرة بالكامل وهو تنويع مسرحى أو درامى على أكثر من قصيدة ومقطع يصور "أحلام الفارس القديم" قبل الانتقال إلى شعر ما بعد الرومانسية، وجميع أبطال العرض هنا من المثقفين بجميع شرائحهم، وليلى هنا ترمز الى مصر التى تحلم بطفل المستقبل ولا تستطيع أن تحصل عليه من سعيد البائس. وعن المسرحية الأخيرة "بعد أن يموت الملك" يقول مجاهد : نهاية المسرحية مفتوحة، فالشعب هو البطل فى هذه المسرحية، وفى نهايتها تتحدث الفتيات للجمهور قائلة أن المؤلف وضع للمسرحية ثلاث نهايات سنعرضهم اليوم فقط، والنهاية التى تحظى بأعلى تصفيق هى التى سنعرضها فى الأيام القادمة، ولكن فى الحقيقة هذه ليست النهاية ولكنها البداية التى يضعها الشعب بعد أن يموت الملك. بدأت الاحتفالية بقصيدة بصوت صلاح عبد الصبور، ثم ألقى الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى قصيدة عن صديقه ورفيق دربه الشاعر المحتفى به بعنوان "الرجل والقصيدة". شارك فى الاحتفالية الناقد د.محمد عبد المطلب، الناقد د.محمد عبد اللطيف والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة ود. احمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب. تحدث الناقد د. محمد عبد المطلب عن الفكر النقدى عند صلاح عبد الصبور، وقال أن اللافت للنظر أن صلاح عبد الصبور نفى عن نفسه كونه ناقدا، لأن الناقد في حاجة إلى جفاف عاطفي وحدة في الكلام وهذان الأمران لا يتوافران فيه فهو شاعر بالدرجة الأولى . وعن موقفه من التراث أشار إلى أن عبد الصبور كان يبحث في نقد التراث عن السلبيات لا الإيجابيات، وقدم صلاح عبد الصبور حكما أن النقد العربى القديم أهمل الوظيفة الاجتماعية للشعر، وكان يعتنق منهج التحليل اللغوى والنقد الواقعى . أما د. محمد عبد اللطيف قال سيبقى شعر صلاح عبد الصبور ما بقيت اللغة العربية ، وكان عبد الصبور يؤمن بان الشعر يكتب بالكلمات لا بالأفكار مؤكدا أن الشعراء الكبار هم الذين يملكون لغتهم ولا تملكهم اللغة. فالشعر العربى القديم كان أكثر جرأة على اللغة من الشعر الحديث لأنه كان يسيطر على الشاعر أنه صاحب اللغة وله حق التصرف فيها والخروج عن النمط المعهود في ذاته دليل قوة، واختتمت الاحتفالية بقراءة مونولوج من مأساة الحلاج .