القاهرة: صدر حديثاً عن المركز القومي للترجمة الترجمة العربية لكتاب "سن الأسد" لفولفغانغ بورشرت، قام بالترجمة والتقديم سمير جرجس، والكتاب عبارة عن مجموعة قصص تعبر عن جيل ألماني بأكمله، جيل جُند وزج به في أتون حرب طاحنة، هي الحرب العالمية الثانية. الكتاب يقدم قصص قصيرة تمثل معالم فنية مكتملة عن تلك المرحلة وتعبيراً رفيعاً عن ضراوة الحروب جمعاء، والهدف منها هو العودة إلى تلك الأحداث الكبيرة ومقارنتها بالحروب اللاحقة بطريقة غير مباشرة والقول أن الحروب واحدة سواء كانت كبيرة أم صغيرة وهي قتل لطبيعة العلاقة الإنسانية. وقد سبق نشر هذه القصص في دوريات ومجلات مصرية وعربية ويجري جمعها في كتاب واحد: "نحن جيل بلا وداع" يقول المؤلف ملخصاً مأساة جيله الذي سيق إلى الحرب من دون أن يودعه أحد. كأنه العالم حين يذهب بلا وداع، جيل يحمل الى التراب من دون أن يهتم بموته أحد ما، جيل يموت على سطح الكرة بلا حظ ولا وطن. نشرت صحيفة "المستقبل" اللبنانية مختارات من الكتاب نقرأ منها: انتهى... انتهى في بعض الأحيان يقابل نفسه. يأتي الى ذاته بخطوات متراخية وأكتاف متهدلة وشعر طال جداً حتى غطى إحدى أذنيه. تصافحا. لم يشد على يده. حيّاه قائلاً: - مرحباً. - مرحباً. من أنت؟ - أنت. - أنا؟ - نعم. فسأل نفسه: - لمَ تصرخ في بعض الأحيان؟ - إنه الوحش. - الوحش؟ - وحش الجوع. ثم سأل نفسه: - لمَ تبكي كثيراً؟ - الوحش، الوحش. - الوحش؟ - وحش الحنين الى الوطن. إنه يبكي. ووحش الجوع. إنه يصرخ. ووحش الأنا. إنه يفر. - الى أين؟ - الى المجهول، فلا مفر. حيثما أذهب أقابلني. غالباً في الليالي. ولكني أواصل الفرار. وحش الحب يهاجمني، لكن وحش الخوف ينبح أمام النوافذ التي تقف خلفها الفتاة بجانب فراشها. يصرّ مقبض الباب، ضاحكاً ضحكاً خافتاً. وأفر. ألاحق نفسي دوماً. ومعي وحش الجوع في البطن، ووحش الحنين الى الوطن في القلب. ولكن لا مفر. دائماً أقابلني في كل مكان. لا أستطيع الفرار مني.