كتب القصة والرواية والنقد الأدبي والسينمائي. وروايته الوحيدة واليتيمة "حنين إلي الراحة" حصل بها علي جائزة إحسان عبدالقدوس. أكرر أنني كتبت عنها في ذكراه العام الماضي. كان مصطفي عبدالوهاب إنساناً جميلاً وله أياد بيضاء علي أصدقائه وأبناء جيله. ومع ذلك لم يتذكره أحد. بحثت في مكتبتي فعثرت علي مجموعة قصصية. عنوانها "افتح لي قلبك" بدا لي بابتسامته الودود. كأنه يشير علي بأن أفتح قلبي. فبادرت بفتح المجموعة التي تجمع بين دفتيها 6 قصص سأكتفي بالتعليق في عجالة علي 3 منها.. هي علي التوالي "شاهد اثبات".. "افتح لي قلبك".. "وكان يوماً مشرقاً وجميلاً". في القصة الأولي شاهد اثبات.. تنتظر العجوز بطلة النص مع زوجة ابنها. عرض فيلم تسجيلي. كانت كاميرا ابنها خريج معهد السينما قد التقطته أثناء معركة أكتوبر. قبل استشهاده بقليل. ولتأجيل الوزير لقدومه بعد موعده قدم المسئولون عن إدارة السينما الفيلم الروائي علي الفيلم التسجيلي. ولضيق الوقت اضطر الوزير لتوزيع الجوائز علي نجم الفيلم.. مما اضطر إدارة السينما للاعتذار عن عرض الفيلم شهيد أكتوبر فأصيبت الأم والزوجة بالاحباط. في قصة "افتح لي قلبك".. حاول المواطن البسيط أن يشرح للمذيعة الثرثارة. تراكم المشاكل التي أحاطت به وأخذت بخناقه.. إلا أن المذيعة استمرت في ثرثرتها التي تشيد بإنجازات الحكومة في الثقافة والتموين والسياحة والآثار والنقل والمواصلات والتعليم.. وظلت ممسكة بالميكرفون بقوة.. وأحس المواطن. كأنها لو تخلت عنه دقيقة واحدة فستخرج روحها في نفس اللحظة الي بارئها.. وعندما شارفت مدة اللقاء علي الانتهاء. فوجئت بالموطن ممسكاً برأسه.. ترنح.. دار حول نفسه. وصرخ.. ثم انهار أمامها مغشياً عليه ص.23 في قصة "وكان يوماً مشرقاً وجميلاً".. نعرف من الحوار الدائر بين مأمورة الضرائب. وبطل النص المثقف المطحون الهادي حيناً والمتوتر حيناً والعاصف حيناً آخر.. إنه باع نصف عفش بيته لاستكمال طبع تكاليف كتابه علي نفقته الخاصة. لايصال الكتاب لأكبر قاعدة من القراء فأقلق زوجته. وأحبط مأمورة الضرائب التي آلمها القولون فاندفعت مهرولة الي الحمام الذي فتحته بضربة قوية بقدميها. وقد تبددت أناقتها. وتهدلت ملابسها. مختفية عنه. أراد الكاتب بعنوان القصة الايحاء. بأنه لم يكن يوماً جميلاً. ولا مشرقاً. إنما كان مقلقاً وبائساً وحزيناً ورغم أن القصة تترهل أحياناً.. فإنه يشعرك في ذات الوقت. بأن التزيد فيها ليس ثرثرة إنما هي مبالغة متعمدة ومقصودة للزراية والتهكم والسخرية.. إن شخص الكاتب نفسه. مرح وساخر. وتتماهي شخصيته مع شخوصه وأبطاله. ولأنه غالباً لا يختار ولا يلتقط من شخصياته إلا من ليست لديهم بصيرة بذواتهم. للتعرية والسخرية منها.