يطل الكاتب الأمريكي صمويل هنتنجتون بعد رحيله على قراء العربية بكتاب جديد بعنوان "من نحن؟.. المناظرة الكبرى حول أمريكا" الذي ترجمه إلى العربية أستاذ اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة أحمد مختار الجمال في 526 صفحة وصدر عن المركز القومي للترجمة في القاهرة وراجعه وقدم له السفير المصري السابق السيد أمين شلبي. يقول هنتنجتون أن بن لادن "حدد بدقة" الهوية المسيحية لأمريكا وإنه "عدو جديد خطير أكيد" ملأ الفراغ الذي أحدثه الرئيس السوفيتي السابق ميخائيل جورباتشوف. ويضيف هنتنجتون الذي رحل عن عالمنا في 2009 في كتابه تحت عنوان "الإسلام المتشدد في مواجهة أمريكا" أن أمريكا في نظر الإسلاميين عدو للإسلام "ولا يمكن للأمريكيين إلا أن يروا في المتشددين الإسلاميين عدوا لبلادهم" ويعتبر المؤلف هذه العلاقة حربا جديدة لها كثير من سمات الحرب الباردة. ويقول كما نقلت عنه صحيفة "العرب اللندنية" إن وصف الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان للاتحاد السوفيتي بأنه إمبراطورية الشر يماثل وصف الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش "لدولتين إسلاميتين هما العراق وإيران إلى جانب كوريا الشمالية بأنها إمبراطورية الشر" بما يعني تحويل الحرب الأيديولوجية مع الشيوعية إلى الحرب الدينية والثقافية مع الإسلام. ويقول هنتنجتون صاحب الكتاب المثير للجدل "صدام الحضارات" إن النظرية الاجتماعية والشواهد التاريخية تدل على أن عدم وجود عدو خارجي أو "آخر" يشجع على عدم الوحدة الداخلية فغياب التهديد الخارجي في رأيه يقلل من الاحتياج لحكومة قوية وأمة متماسكة. ويقول هنتنجتون إن أحد أسباب "عداء" المسلمين لأمريكا هو "التأييد الأمريكي لإسرائيل" ولا يستبعد أن تنخرط أمريكا في السنوات القادمة "في أنواع مختلفة من الصراعات العسكرية مع الدول والجماعات الإسلامية" إلا أنه يتساءل هل ستوحد هذه الحروب أمريكا أم أنها ستؤدي إلى انقسامها؟ ويؤكد المؤلف أن عقد التسعينيات شهد تحولا كبيرا نحو الدين إذ "أيد الأمريكيون بشكل ساحق" أن يكون للدين دور أكبر في الحياة العامة وأيد 78 بالمئة عام 1991 أن يسمح للتلاميذ بأداء الصلاة داخل المدارس بعد أن كانت المحكمة العليا عام 1962 "حظرت الصلوات الإجبارية في المدارس". ويسجل أن الدين لعب دورا بارزا في الانتخابات الرئاسية عام 2000 إذ أنشأ الرئيس السابق بوش في البيت الأبيض بعد عشرة أيام من توليه السلطة مكتبا للمبادرات القائمة على الدين ذات الطابع الخيري وخصص له مراكز في خمس وزارات لتسهيل تنفيذ برنامجه وهو "إجراء غير مسبوق لم تفكر فيه الإدارات السابقة وأصبح الدين عنصرا شرعيا في أداء الحكومة الفيدرالية لوظائفها بطريقة لم تحدث من قبل".