نظمت دار الشروق حفل توقيع لكتاب الغيطاني "رن" الجزء السادس من دفاتر التدوين الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب فرع الأدب لعام 2009 م. ونقلت صحيفة "الخليج" الإماراتية عن الغيطاني قوله أن "دفاتر التدوين" مشروع إبداعي طويل بدأ في كتابته منذ 12 عاماً، ولكل دفتر موضوعه المستقل، مشيراً إلى أن الفكرة راودته عام 1960 عندما قام برحلة من القاهرة لأسوان، تعرف خلالها الى مصر، وأخذ منذ ذلك الحين يفكر بعمق في تأمل الوجود. وأوضح إن الدفاتر تدمج بين الحكي والتأمل والقص واستخدمت أشكالا جديدة من الحكي ما يعد مرحلة متقدمة من مراحل الكتابة، خاصة أنني أعتبر الكتابة تجربة ومغامرة. وأشار إلى اندهاش البعض من اسم "رن" الذي اختاره عنوانا للدفتر الفائز بجائزة الشيخ زايد، موضحا أنه كلمة مصرية قديمة اقتصرت على الملوك وقتها، ولا تزال متداولة حتى الآن، فيقال "فلان له شنة ورنة". وذكر الغيطاني أن للرنة مفهوماً فلسفياً حيث يسود اعتقاد بأن الأسماء تسبق الوجود، مشيرا إلى أن الرمزية عنصر أساسي في الدفاتر خصوصا دفتر "دنا فتدلى" حيث تناول الحديث عن القطارات التي رأى فيها رمزا لرحلة الحياة الإنسانية في محطاتها المختلفة التي تدنو بالإنسان إلى نهايته. تكشف أجواء الرواية عن رحلة الكاتب عبر الذاكرة إلي مصر القديمة فرعونية وقبطية، رحلات عبر الغوص في الأساطير المنسية وسحر مصر بتراثها وحفرياتها، رحلة روحية تتوازي مع رحلة مع رحلة واقعية يقوم بها الكاتب منطلقاً من هضبة الهرم باتجاه جنوب مصر، لا يحمل زاداً، مثل الرهبان السياح، لا يحمل إلا ذاكرته، وتهويماته التي يحملها عن أماكن بعينها لم يزرها وأشخاص لم يلتق بهم، لكنه يحاول تخليقهم من خلال الاسم. فالرن هو الاسم بالمصرية القديمة التي يسميها العرب لغة الطير، وتبدأ الرواية بمشاهدة مدينة أخميم ، وتستحضر روح ذي النون المصري الذي كان عالما بلغة الطير, فيلتقي في رحابها الوجود الفرعوني الماثل في الصخر والحلول الكاشف لأعماق الروح. يروي الكاتب في كتابه رحلاته مثل إلي جزيرة سوقطرة في جنوب اليمن, وما يروونه عن رحلات قدماء المصريين إليهم عند بونت عشقا للعطور ولدماء شجرة الأخويين, وكذلك قصة تربصه من أعلي صفة بالأقصر ومشاهداته في البر الغربي هو لا يقدم أحداثا بعينها بقدر ما يفجر لدي القارئ قوي روحية يمكن استحضارها فقط من خلال المنطوق اللفظي للأسماء التي ربما تستدعي الأسرار الفرعونية الكهنوتية التي تمّ حجبها. من الرواية نقرأ: "... لأمر جري وتمكّن منّي تغيّر حالي وتبدل أمري، لن أفصّل ولن أخوض فلم أتأهب بعد لإيراد الأسباب، لكنني ألمح وأشير إلي زلزلة ما عندي وتبدّل ما التزمت به، لم يعد أمامي إلا الشروع في هجاج والخروج من سائر ما يتعلق بي أو أتصل به، أطلعت أهلي ومن خرجا عبر صلبي وترائبي، ودعوني بالتمني، ألا تطول الغيبة، وأن تُكتب لي السلامة في كل خطوة أو موضوع أحل به..."