القاهرة: في سياق احتفالات مصر بمرور مئة عام على تأسيس جامعة القاهرة، صدر في طبعة خاصة كتاب "الطبيعة" للفيلسوف أرسطو طاليس. صدر الكتاب من خلال سلسلة "ميراث الترجمة" التي يصدرها المركز القومي للترجمة، وتقوم فكرتها على إعادة نشر الكتب المهمة التي ترجمت في القرن الماضي. الكتاب قدمه للمكتبة المصرية كما ذكر تليفزيون "الدنيا" السوري المفكر الراحل الدكتور عبد الرحمن بدوي عن الترجمة العربية التي أنجزها اسحق بن حنين. ويقع في نحو 960 صفحة. ويشمل في جزأيه تعاليم أرسطو ومقالاته مع شروح لأبي السمح، وابن عدوي وأبي الفرج بن الطيب. يعتبر أرسطو طاليس أعظم فيلسوف وعالم في العالم القديم فهو الذي أنشأ دراسة المنطق الرسمي وأغنى كل فرع من فروع الفلسفة تقريبا وله مآثر عديدة في العلوم. كان يرى أن الكون لا يسيطر عليه الحظ الأعمى أو السحر أو نزوات الآلهة ولكن سلوكه خاضع لقوانين معقولة والاعتقاد بأنه لا يجدر ببنى البشر أن يسلكوا منهجا استسلاميا تجاه كل مظهر من مظاهر العالم الطبيعي والإيمان الراسخ أنه من الواجب علينا أن نستفيد من كل الملاحظات الناتجة عن التجارب والمحاكمات المنطقية عندما نشكل استنتاجاتنا. ولد أرسطو في "ستاجيرا" قرية في شمال أثينا. في السابعة من عمره قصد أثينا ليدرس على يد أفلاطون، ولقد أنفق ثلاث سنوات معلما للإسكندر الأكبر بعد مغادرته لأثينا. وبعد عودته إلى أثينا بعد غياب تجاوز الثلاثة عشر عاما أنشأ مدرسته الخاصة به، وسماها "اللقيوم". وأهم ما قدمه أرسطو رده على اتهام أفلاطون بالتراجيديا. فأفلاطون يرى التراجيديا أنها خداعة وأنها تزود الناس بمعلومات غير صحيحة حول مسائل مهمة مثل: الخير والشر والحقيقة والنجاح والسعادة. أيد أرسطو النظرية السقراطية والأفلاطونية، التي ترى أن الرجال الطيبين والخيرين هم منطقيا السعداء غير أنه عمد إلى تطوير رؤية أستاذه أفلاطون إلى الظاهرة أو الظواهر من حيث تغييرها وتبديلها إذ إنه ينكر أن للطاقة اللاعقلانية وجودا جوهريا في العالم. ولم يكن لأرسطو تأثيرا مهما في أوروبا إلا في القرن الثاني عشر، أما التفات الناس إلى كتاباته الأدبية فقد ظهر في القرن السادس عشر. فالكتابات الأرسطية تضم أفضل البحوث والدراسات التحليلية عن أروع المسرحيات التراجيدية الإغريقية. إن أعمال أرسطو وما قدمه للعالم يدعو إلى الدهشة فقد بقي من أعماله 47 مؤلفا ويذكر أنه ألف أكثر من 170كتابا. فقد كتب عن الفلك وعلم الحيوان وعلم الجنين والجغرافيا وعلم طبقات الأرض والفيزياء والتشريح والفسيولوجيا وعن كل ميدان من ميادين المعرفة التي كانت معروفة عند اليونان القدماء، وكان بنفس الوقت فيلسوفا أصيلا وأنجز مآثر عدة في كل ناحية من نواحي الفلسفات التأملية. يحكى أنه ذات يوم تفقد أفلاطون أرسطو ولم يجده وقال لمن حضر من تلامذته "أما لو كان عندي من يسمع مقالي لتكلمت بأمر نفسي" فقال بعض تلامذته: أيها الحكيم إن عندك مئة تلميذ كلهم يسمعون ما تقول فقال: صدقت ولكني أريد واحدا يكون كألف من هؤلاء التلامذه فقال له: وأين يوجد ذلك فقال: "أما انه ارسطو طاليس" فقال تلميذه: لقد بالغت أيها الحكيم فقال: والله ماقلت فيه إلا بعض ما فيه, وإلا فهو كمئة ألف منكم" وقد روي أن أرسطو طاليس قال لتلامذته: اعلموا أن مايكون للإنسان في الدنيا فإنه يأتيه طلبه أو لم يطلبه، وماكان عليه فلن تدفعه قوته، ومن استولت عليه السلامه فليحذر العطب، ومن هنأته العافيه فليحدث نفسه بالمرض، ومن اطمأن به الأمن فليستشعر الخوف، ومن بلغ نهاية الأمل فليذكر الموت، ومن أحب نفسه فلا يجعل لها في الآثام نصيبا، ومن تمسك بالدين علا قدره، ومن قصد الحق كمل فخره، ومن سلك سبيل الرشاد بلغ أقصى المراد، ومن اطاع الله تعالى ملك، ومن أطاع هواه هلك، وأشقى الناس وأجهلهم من جمع لغيره وبخل على نفسه، والخير أفضل بضاعة، والإحسان إلى الناس أفضل زراعه، وأفضل الناس من عصى هواه ورفض دنياه. من أقوال أرسطو طاليس أيضا: - سوء الأدب يهدم ما بناه الأسلاف - الجهل شر الأصحاب - الحكمة رأس العلوم والأدب تلقيح الأفهام ونتائج الأذهان. - الأدب يغنى عن النسب. - من لم ينفعه العلم لم يأمن من ضرر الجهل. - لم يكن حكيما لم يزل سقيما. - لسان الجاهل مفتاح حتفه. - شرف الإنسان على جميع الحيوان بالنطق والذهن فإن سكت ولم يفهم عاد بهيما.