القاهرة: صدر عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، تقرير الاتجاهات الاقتصادية الإستراتيجية 2008 لمجموعة باحثين، ويقع في 353 صفحة. ووفقا لفضائية "الجزيرة" القطرية ، يتضمن التقرير ثلاثة أقسام رئيسية هي الاقتصاد الدولي والاقتصاد العربي والاقتصاد المصري، بالإضافة لتصدير بعنوان "رؤية لتطوير العمل الاقتصادي العربي المشترك" للسفير سعد الفرارجي. في قسم "الاقتصاد الدولي" ناقش التقرير حالة النمو في الاقتصاد العالمي وذكر أن روافعها الرئيسية في الصين والهند وشرق آسيا وروسيا والدول المصدرة للنفط، أما في الدول الصناعية المتقدمة وعلى رأسها أميركا فإن حالة النمو هشة ويمكن أن تتعرض لانهيارات مفاجئة. وأشار إلى احتمال أن يكون انخفاض سعر الدولار جزء من آلية تآمرية لتخفيض القيمة الحقيقية لإيرادات الدول المصدرة للنفط، وهو ما دفع صندوق النقد العربي لدعوة دول الخليج إلى فك ارتباط عملاتها بالدولار عملة تسعير النفط العربي. وعرج على الاقتصاد الإسرائيلي لينبه إلى أنه قام على تيار هائل من المساعدات المالية من دول الغرب ومن أثرياء اليهود خاصة من ألمانيا وأميركا، وهي مساعدات لم تحظ بعشرها أي دولة في العالم على مدار التاريخ. ولا تزال إسرائيل تتلقى منحاً وتحويلات سنوية لا ترد تتراوح بين ستة وسبعة مليارات دولار سنويا، ولذا فهي تمتلك اقتصاداً من أكبر اقتصادات المنطقة، ويدرجه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ضمن الاقتصادات الصناعية المتقدمة. في القسم الثاني من التقرير يوضح انه تسيطر على هيكل الاقتصاد العربي الصناعات الاستخراجية الأولية كالنفط والغاز والزراعة، ولذا فإن الناتج المحلي الإجمالي للبلدان العربية يتسم بالتذبذب. ورغم وجود اختلافات كبيرة بين الاقتصادات العربية فإنها جميعا تظل ضمن الدول النامية والأقل نموا، كما أن التحسن في الناتج المحلي الإجمالي العربي يبقى هشاً لارتباطه الوثيق بحركة أسعار النفط. لذا فإن المدخرات النفطية العربية الهائلة بحاجة إلى تمويل استثمارات جديدة صناعية تحويلية وزراعية وخدمية لتنويع الاقتصاد وتأسيس قدرة على النمو المتواصل بغض النظر عن حركة أسعار النفط. وشهدت معدلات التضخم - وفقا لنفس المصدر - تحركات مختلفة الاتجاه من دولة عربية لأخرى، لكن اعتبارات العدالة في توزيع الدخول ضعيفة في كل البلدان العربية. وبخصوص الاقتصاد الفلسطيني فإن عام 2006 هو الأسوأ في تاريخه منذ عام 1967، إذ استمر تدهوره في عام 2007 بسبب الإجراءات الاقتصادية الصهيونية ممثلة في تقييد الحركة والاستيطان والجدار الفاصل والاستيلاء على المياه بهدف تدمير مقومات النمو الحالية والمستقبلية لتأسيس دولة فلسطينية. ويتطلب الاقتصاد الفلسطيني بشكل أساسي –كما يشير التقرير– خفض الوزن النسبي لاعتماد الموازنة الفلسطينية على إسرائيل، وهو ما يتطلب الإطلاق الفوري لمشروع إنشاء الميناء البحري الفلسطيني، والسعي لإعادة الوحدة والوفاق بين الضفة وغزة. وأنهى التقرير ذلك الجزء بالإشارة إلى إشكالية العمالة الأجنبية والعربية في دول مجلس التعاون الخليجي، فحذر من تعاظم العمالة الأجنبية خاصة الهندية لحد الحديث عن "تهنيد الخليج" أو قيام دولة هندية في الخليج، وهو ما يهدد هوية المنطقة عربياً وإسلاميا. لذا لا بد من تفعيل قوة العمل المحلية وإنهاء ظاهرة البطالة الاختيارية التي تشكل مرضاً لعيناً تعاني منه الاقتصادات والمجتمعات الخليجية، ورغم محاولات توطين العمالة العربية محل الأجنبية فإنها لم تثمر المرجو منها، ولا يزال تعريب سوق العمل الخليجية دعوة لا تأخذ طريقها إلى التحقيق. في قسم الاقتصاد المصري التقرير إلي أن معدل الاستثمار الحقيقي في مصر واحد من أدنى معدلات الاستثمار في العالم، أما التضخم فإن بياناته تتعرض للتزييف لتحسين صورة الأداء الاقتصادي. وكمؤشر على مدى جموح الأسعار بصورة مختلفة عما تعلنه الحكومة فإن شعبة البقالة بالغرفة التجارية في القاهرة أشارت إلى وجود ارتفاع جنوني في أسعار أكثر من 144 سلعة غذائية زادت بنسبة 40% خلال ثلاثة أشهر. أما معدل البطالة فهو في ارتفاع متزايد إذ بلغ 8.1% في نهاية حكومة الجنزوري، وارتفع إلى 10.3% في نهاية حكومة عاطف عبيد، وارتفع في عهد الحكومة الحالية ليصل إلى 11.2% عام 04/2005. كما أن أجور قطاعات واسعة من العاملين تضعهم في حالة فقر مدقع تدفعهم إلى الفساد من أجل الحصول على ضرورات الحياة، ولذا لا بد من إصلاح شامل لنظام الأجور. أما العجز التجاري المصري فقد توحش ووصل مستويات منذرة بالخطر في ظل الحكومة الحالية، فقد وصل إلى 102% رغم الزيادة الكبيرة في إيرادات السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين. ولولا ذلك لتعرضت مصر لأزمة حقيقية بسبب العجز التجاري الكبير الذي يهدد استقرار الجنيه ومديونية مصر الخارجية. ويقدر التقرير وفقاً للبنك الدولي ديون مصر الخارجية ب 34.1 مليار دولار عام 2005، وهي إن كانت في الحدود الآمنة فإن زيادتها تنذر بخطر.