تونس: صدر مؤخرا للكاتب الصحفى التونسى عبد الجليل دمق كتاب بعنوان "العسل المر" ضمّنه خلاصة مسيرته الصحفية التى قاربت النصف قرن فى 419 صفحة. يقول المؤلف في البداية: "أسوق اليوم للقارئ العزيز هذ الكتاب وبين دفتيه كلمة وذكريات..الذكريات انتقيتها من مجموعة كبيرة من الأحداث علقت بذاكرتى طوال عهد ممارستى للصحافة ورسخت فيها، والكلمة هى "ارتسامات" افتتاحيات، خواطر، مقالات، تحقيقات نشرتها فى صحف تونسية وعربية خلال مسيرة صحفية عمرت الآن نصف قرن، تتعلق جميعها بمحور أساسى هو تيار الاصلاح والتحول فى بلادي، والحوار على قاعدة حرية التعبير التى من أجلها أتصرف فى الكلمة وفى طرائق الأداء لأبلغ تلك الحرية إيمانا منى بأن الحرية تستحق ولا توهب المهم أن يعرف الصحفى كيف يقدس الخبر ثم كيف يتصرف ليضمن ولو جزءا من حريته. ولو الحرية النسبية، علما بأنه لا وجود لحرية كاملة فى عالم الصحافة فى الدنيا بأسرها من أمريكا إلى الهند ومن الصين إلى بريطانيا. كانت هذه الحرية ومازالت وستبقى نسبية، مقيدة بالظروف وبالأحزاب والانتماءات، وبالاشهار وبالمال. والحقائق واضحة كالنهار، تؤيدها الأحداث وتزيدها تألقا". وعن سبب اختيار "العسل المر" عنوان الكتاب يقول الكاتب كما نقلت عنه جريدة "العرب اللندنية": "فضلت أن أطلق على كتابى هذا، كتاب الذاكرة والذكريات اسم "العسل المر" فذلك لأننى من باب الصحافة كمهنة وليس كهواية كنت أتعرض يوميا للعسل المر أتذوق أحيانا حلاوته لكنى أتجرع دائما مرارته عن طيب خاطر وبكثير من ضبط النفس. يتضمن الكتاب أربعة فصول جاء الأول بعنوان "مواجهات" الذي يتحدث عن فترة حرجة من تاريخ الانسانية التى انتهت لتوها من الحربين الكونيتين ودخل العالم فى متاهة الحرب الباردة ودخلت الأمة العربية فى عدة تحديات شملت القضية الفلسطينية والعدوان الثلاثى وعدة قضايا أخرى مهمة أيضا. فى الفصل الثانى تتلاحق الأحداث والذكريات فيحدثنا عن التغيير فى تونس فى 7 نوفمبر 1987 وكيف عايشه الكاتب كرئيس تحرير لجريدة الصباح وكمسؤول عن مكتب جريدة الشرق الأوسط فى تونس وكيف استطاع أن يظفر الصحفى عبد الجليل دمق صحبة زميله عثمان العمير رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط بلندن بحوار مهم وصريح مع الرئيس زين العابدين بن على انفردت به آنذاك جريدة الشرق الأوسط. فى الفصل الرابع والأخير نقرأ عدة مواقف للكاتب من الواقع التونسى والعربى الذى عايشه وذكرياته مع بعض البلدان التى زارها أو اشتغل فيها مثل أندونيسيا ومصر التى احتلت الحيز الهام من حديث الكاتب فى هذا الفصل خاصة لما تحدث عن احتفالات القاهرة بألفيتها ومرور ألف عام على تأسيس هذه المدينة "فى القرن العاشر من قبل المعز لدين الله الفاطمي" وما رافق هذه الاحتفالات من دعوة لتونس كضيف شرف و"أقامت لهذا الغرض أسبوعا ثقافيا تونسيا" تضمن عدة أنشطة وعروض مسرحية وموسيقية مهمة . غير أن أهم ذكرى تبقى فى ذهن الكاتب - كما يقول - الزيارة التاريخية التى قام بها بصحبة وفد مصغر تونسى إلى بيت كوكب الشرق السيدة أم كلثوم حيث دارت عدة حوارات مهمة بينها وبين الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية التونسية عبرت فيها سيدة الغناء العربى عن رأيها بكل صراحة.