عمان: رواية "قاتل لمدة عام" للكاتب الألماني فريدريش كريستيان دليوس صدرت عن دار أزمنة في إطار مشروع ليتريكس لدعم ترجمة الأدب الألماني عام 2004، وترجمها إلى العربية مؤخرا المترجم سمير جريس. الرواية وفقاً لموقع "أكاديمية دويتشه فيله" تحمل ملامح السيرة ذاتية مختلطة بعناصر متخيلة، إذ يعود الكاتب إلى ماضيه كطالب للأدب بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما، ويروي فيها قصة شخصيات حقيقية ارتبطت حياته بها، وعلى وجه الخصوص قصة والدي أقرب أصدقاء طفولته إلى نفسه، وهما الطبيبان غيورغ وأناليزه غروسكورت اللذان كوّنا حلقة مقاومة أيام النازية. ونجحت الحلقة في مساعدة الملاحقين السياسيين وامدادهم بالأوراق المزورة على مدار سنوات، حتى اكتُشف أمرها واعتقل أعضاؤها، وقدموا إلى محكمة الشعب العليا التي كانت تنظر قضايا الخيانة في الحقبة النازية، وعقب المحاكمة الصورية أصدر القاضيان رولاند فرايزلر وهانز يواخيم ريزه أحكاما بالإعدام، تم بمقتضاها قطع رأس غيورغ في حين بقيت أناليزه على قيد الحياة لتشهد حربا أخرى فيما بعد. الراوي الذي كان حسبما موقع "أكاديمية دويتشه فيله" طالبا يدرس الأدب في برلين آنذاك أصيب بالصدمة وهو يرى كيف يتم التنكيل بأرملة الطبيب غروسكورت من قبل السلطات في برلينالغربية بتهمة الشيوعية الملفقة، رغم ماضيها وماضي زوجها في الكفاح ضد النازية، في حين يتم رد الاعتبار إلى القاضي ريزه في الوقت نفسه. تدور معظم أحداث رواية "قاتل لمدة عام" في مدينة برلين. وهي المدينة التي شهدت عذابات أرملة غروسكوت فيما بعد، حيث سقطت ضحية الدعاية الغربيةوالشرقية إبان فترة الحرب الباردة. ومثلما كانت المدينة ممزقة بفعل الحائط، أصبحت حياة السيدة غروسكوت ممزقة بالعمل بين شطريها. ففي فترة الهستيريا المصاحبة للحرب الباردة فقدت السيدة غروسكوت معاشها كأرملة وصدر قرار من القضاء الألماني الغربي بمنعها من مزاولة عملها كطبيبة بسبب التزامها السياسي بنشر السلام، والذي تم تفسيره خطأ بأنه انتماء للشيوعية. واحتفت بها سلطات ألمانياالشرقية باعتبارها بطلة شعبية وقدمت لها عملا في الشطر الشرقي، الأمر الذي قبلته السيدة غروسكوت لضيق حاجتها رغم عدم ثقتها في النظام الشمولي. ما تبقى من خطة الطالب لقتل القاضي ريزه هو هذا الكتاب الذي بين أيدينا، فبعد دخول القاضي إلى مستشفى للقلب ليقضي فيها أيامه الأخيرة توصل الطالب إلى قناعة مفادها أن اطلاق الرصاص على مريض بالقلب ليس شجاعة عظيمة حتى لو كان متقاعد نازي. وتخلى عن خطته معتبرا أن مرض القاضي أعفاه من تمثيل دوره على مسرح الأخلاق. وتنتهي الرواية بنهاية يسميها الكاتب شبه سعيدة ، فبعد عام من التحضير لعملية القتل والاستماع إلى آلام السيدة غروسكوت وكفاحها ضد القرارات القضائية المتعسفة ضدها، نجحت أناليزه غروسكوت في رد الاعتبار إليها وقضت الدوائر الحكومية بحصولها على معاشها كأرملة، ثم تم أخيرا الاحتفال بزوجها كرمز للمقاومة وأقيم معرضا في المستشفى التي كان يعمل فيها عن أعمال حلقة المقاومة، وامتد بها العمر لترى اسم زوجها يطلق على أحد شوارع برلين.