رئيس لجنة المستوردين بشعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية: ركود السيارات «طبيعي» وقريبا ينتعش السوق    وزير الدفاع الأمريكي يسلم مهامه لنائبته مؤقتاً بسبب خضوعه لإجراء طبي    مسؤول تأمين مباراة الأهلي والترجي يحسمها: دخول الصحفيين والمصورين من بوابة الفروسية    ملف مصراوي.. خطة كولر لنهائي أفريقيا.. وتحذير الترجي لجماهيره    إنبي يكشف حقيقة انتقال أحمد أمين أوفا إلى الزمالك    التحريات: سفاح التجمع كان مدرسًا ويقتل السيدات بعد العلاقة المحرمة    أسماء المصابين في حادث انقلاب أتوبيس عمال بالسويس    الغش ممنوع.. التعليم توجه رسالة لطلاب الدبلومات الفنية    مصرع طفل صدمته سيارة مسرعة في الخصوص بالقليوبية    حظك اليوم| برج الميزان 25 مايو.. الاستفادة من الانعطافات الحياتية    مخرج «رفعت عيني للسما» بعد فوزه: أتمنى الناس تشوفه في التليفزيون    شيماء سيف تكشف تفاصيل خسارتها 50 كيلو من وزنها    أنا متزوجة ووقعت في ذنب كبير.. متصلة تفاجئ أمين الفتوى    فوائد صحية غير متوقعة لنقع الأرز في الماء 4 ساعات قبل الطهي    الصحة العالمية: تسليم شحنة من أحدث لقاح للملاريا إلى أفريقيا الوسطى    استعلم الآن.. رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي 2024 الترم الثاني بالاسم والرقم القومي    المدارس المصرية اليابانية تعلن بدء التواصل مع أولياء الأمور لتحديد موعد المقابلات الشخصية    أجواء حارة والعظمى في القاهرة 33.. حالة الطقس اليوم    انهيار والدته.. انتشال ثالث ضحايا عقار الباب الجديد المنهار ب الإسكندرية    شهداء في قصف إسرائيلي على شمال قطاع غزة    مواعيد مباريات اليوم السبت والقنوات الناقلة، أبرزها مواجهة الأهلي والترجي في النهائي الإفريقي    مسئول شركة تأمين مباراة الأهلي والترجى: 53 ألف متفرج سيتواجدون باستاد القاهرة    وزيرة الثقافة تهنئ فريق عمل رفعت عينى للسماء ببعد فوزه بالعين الذهبية فى مهرجان كان    حلقة أحمد العوضى مع عمرو الليثى على قناة الحياة تتصدر ترند تويتر    وليد جاب الله ل"الشاهد": الحرب تخلق رواجًا اقتصاديًا لشركات السلاح    ميلان يختتم مشواره فى الدوري الإيطالي أمام ساليرنيتانا الليلة    خالد أبو بكر: مصر لن تقبل فرض الأمر الواقع.. والموقف المصري تجاه غزة مشرف    عيار 21 يفاجئ الجميع بعد قرار المركزي.. أسعار الذهب تنخفض 240 جنيها اليوم بالصاغة    5 أضرار ل دهون البطن.. منها ضهف المناعة    أستاذ أمراض القلب يحذر من بعض الأدوية الشائعة: من الممكن أن تكون قاتلة    احذروا كتائب السوشيال.. محمد الصاوي يوجه رسالة لجمهوره    «بيعاني نفسيا».. تعليق ناري من إسماعيل يوسف على تصريحات الشناوي    محمد إمام يوجه رسالة ل علاء مرسي بمناسبة زواج ابنته    محافظ الغربية: إزالة 8 حالات تعدي ومخالفات بناء بالغربية| صور    تعرف على أدوار القديس فرنسيس في الرهبانيات    وزير الخارجية الأمريكي يعلن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لكييف    ضياء رشوان: الاعتراف بالدولة الفلسطينية دون مفاوضات نموذج طرحته مصر وبدأ يجتاح العالم    ماكرون يؤكد ضرورة تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار بغزة وحماية المدنيين    ضحاياه فتيات ودفنهن بالصحراء.. كيف كشفت أجهزة الأمن بداية جرائم «سفاح التجمع»؟    مصرع طفل غرق في حمام سباحة مركز شباب بالقليوبية    عمرو أديب عن نهائي دوري أبطال إفريقيا: عاوزين الأهلي يكمل دستة الجاتوه    "سنوزع التذاكر مجاناً".. الترجي يُصدر تحذيرًا رسميًا لجماهيره قبل ساعات من مباراة الأهلي    خبير اقتصادي: الحرب بالنسبة لأصحاب القضية تتطلب التضحية بالنمو الاقتصادي    محمد شبانة يعلن مقاضاة إسرائيل بسبب «صورته».. وعمرو أديب: «دي فيها مليون شيكل» (فيديو)    أبو هشيمة يعلن مد فترة استقبال الأفكار بمسابقة START UP POWER لنهاية يونيو    تصل ل10 آلاف جنيه.. بشرى سارة بشأن انخفاض أسعار الأضاحي    سعر البصل والطماطم والخضروات في الأسواق بداية الأسبوع السبت 25 مايو 2024    سعر الفراخ البيضاء والأمهات والبيض بالأسواق فى بداية الأسبوع السبت 25 مايو 2024    مؤسس طب الحالات الحرجة: أسعار الخدمات في المستشفيات الخاصة ارتفعت 500% ولا توجد شفقة    تكوين: لن نخوض مناظرات عقائدية تخص أي ديانة فهذا ليس في صميم أهدافنا    أبو بكر القاضي: قانون"تأجير المستشفيات" يُهدد استقرار الاطقم الطبية    أعضاء القافلة الدعوية بالفيوم يؤكدون: أعمال الحج مبنية على حسن الاتباع وعلى الحاج أن يتعلم أحكامه قبل السفر    الوضع الكارثى بكليات الحقوق «2»    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم يقرأ
مأزق التغريد في حظيرة السلطة

مأساة أن يغرد روائي أو كاتب موهوب في حظيرة السلطة التي تناصب الحرية العداء‏..‏ حتي لو كان صوته خافتا‏..‏ وتلك كانت حالة الروائية الألمانية المتميزة كريستا فولف. وهي حالة شائكة تضافرت الظروف التاريخية في نسج خيوطها الغليظة من حولها. فقد ولدت عام9291 في منطقة من بولندا كانت غالبية سكانها من أصل ألماني. وشاءت الأقدار أن تشهد في طفولتها وصباها اندلاع الحرب العالمية الثانية التي فجرها النازي الألماني أدولف هتلر.
وكان هتلر قد استهل هذه الحرب الحمقاء والهوجاء بغزو بولندا موطن كريستا عام.9391 وهو ما روعها وأقض مضجع عائلتها. وعندما سكتت مدافع الحرب, وانتهت عاصفتها العاتية والمدمرة بهزيمة المانيا النازية وانتحار هتلر في ابريل5491, هاجرت كريستا مع أسرتها إلي ألمانيا الشرقية.
ذلك أن المانيا اثر هزيمتها في الحرب جري تقسيمها إلي شطرين. وصار الشطر الشرقي الذي هيمن عليه الشيوعيون, بدعم من الاتحاد السوفيتي, يعرف باسم جمهورية المانيا الديمقراطية أو ألمانيا الشرقية.
واتخذت كريستا من ألمانيا الشرقية وطنا ومستقرا لها. ولم تكن قد جاوزت السادسة عشرة من عمرها. وتمكنت من دراسة الأدب الألماني في الجامعة.
والمثير في سيرتها الذاتية انها انضمت لعضوية حزب الاتحاد الاشتراكي الحاكم. ذلك أن ألمانيا الشرقية كانت الوطن الذي تنتمي اليه, وكانت الاشتراكية هي الحلم الذي تصبو إلي تحقيقه.
ولئن كان هذا الوطن قد صار مرتعا للاستبداد وقمع الحريات, بينما ضلت الاشتراكية طريقها ابان التطبيق, فإن كريستا وولف ظلت قابضة علي جمر الحلم, وامكان إضفاء وجه إنساني علي الاشتراكية.
والغريب حقا انها ظلت كذلك ابان اشتعال الثورة في ألمانيا الشرقية ضد النظام الشمولي والاستبدادي. صحيح أنها كانت ترحب بالديمقراطية وترفض الرأسمالية. لكنها ظلت حتي الأيام الأخيرة للنظام في ألمانيا الشرقية تحلم بامكان اصلاحه وتقويمه. وكان هذا ما أشارت إليه في خطاب القته في برلين الشرقية قبل أيام قلائل من انهيار سور برلين في9 نوفمبر9891, ومن ثم سقوط النظام الشمولي.
وكان انهيار سور برلين مؤشرا لتوحيد شطري المانيا. وهو ما تم عام.0991 وكانت كريستا تناهض الوحدة الألمانية. وترفض اندماج المانيا الشرقية في بوتقة المانيا الغربية. وكان هذا الموقف تعبيرا عن حرية الرأي يشاطرها فيه كتاب ومثقفون من أبرزهم الروائي الألماني الغربي الشهير جونتر جراس.
{{{
وما إن تحققت الوحدة الألمانية, حتي أضحت كريستا فولف مثيرة للجدل الصاخب. فقد جري اتهامها بأنها كانت كاتبة السلطة وحامت حولها شبهات التعاون مع جهاز أمن الدولة السابق في ألمانيا الشرقية والمعروف باسم شتازي.
ولم يشفع لها نشر كتاب بعنوان ما يبقي الذي ذكرت فيه أن جهاز أمن الدولة كان يراقبها ويرصد تحركاتها. فقد وجه اليها الكثيرون سهام الانتقادات الحادة بدعوي أنها محاولة متأخرة وفي غير أوانها لمعارضة النظام الشمولي وأجهزته الأمنية الشيطانية في ألمانيا الشرقية.
واللافت للانتباه أن كريستا فولف قد استجمعت أطراف شجاعتها علي نحو نادر وغير مسبوق ونشرت ملفا يكشف عن تعاونها مع جهاز أمن الدولة لمدة ثلاث سنوات من9591 وحتي.2691 وقالت أن تعاونها كان محدودا.
وإذا كانت كرستا بنشر هذا الملف عام3991 قد ارادت أن تتطهر من إثم ارتكبته.. إلا أن أحدا, فيما بدا, لم يقدر شجاعتها الفريدة باستثناء نفر من أقرانها الكتاب في ألمانيا الشرقية. وربما عدد من القراء الذين تعاطفوا معها..
لكن الروائي الألماني الكبير جونتر جراس الفائز بجائزة نوبل للأدب.. كان ولايزال يقدر موهبتها الروائية, وقد أثني عليها ثناء عاطرا عند فوزه بالجائزة الرفيعة, وأشار إلي أنه كم كان يرجو أن يقتسم الجائزة معها, وقال جراس ذلك في محفل أدبي كبير, وهو يسلم لها جائزة المانية عام2002 عن مجمل أعمالها الروائية.
وهنا يؤكد المثقفون والدارسون للأدب الألماني المعاصر ومنهم الكاتب جون أرداج في كتابه المانيا والألمان.. المانيا الموحدة في منتصف التسعينيات, إن كريستا من أبرز الكاتبات الألمانيات وأكثرهن موهبة.
ويمكن القول أن موهبة كريستا فولف سطعت وتجلت عام3691, عندما نشرت رواية السماء المنقسمة وهي تسرد فيها قصة فتي وفتاة أحبا بعضهما البعض حبا جما. لكن الفتي لم يحتمل عناء الحياة وقسوتها في ألمانيا الشرقية. وتمرد علي ذلك, وهرب إلي ألمانيا الغربية.
وكانت الملاحظة الموحية في حبكة هذه الرواية أن كريستا لم توجه للفتي أي انتقادات سياسية, علي نحو ما كان شائعا فيما يسمي آنذاك بالواقعية الاشتراكية في أدب الكتلة السوفيتية ومن ثم رحبت الدوائر الثقافية في ألمانيا الغربية وأوروبا بهذا الصوت الأدبي الجديد ترحيبا حارا.
ويشير النقاد والمثقفون إلي أن الدرة الجميلة في روايات كريستا هي رواية نموذج طفولة التي نشرتها عام.6791 ويمكن القول إنها سيرة ذاتية للروائية. فهي تستدعي فيها أطوارا من طفولتها وصباها. وتسرد أحوال الناس في أثناء الحقبة النازية والحرب العالمية الثانية وأهوالها وجرائمها.
{{{
وما يتعين ذكره انصافا وتقديرا لكريستا فولف انها لم تكتف أحيانا بالصوت الخافت الذي لا يزعج أحدا علي حد تعبيرها في حالة انتقاد الأوضاع السياسية والمجتمعية في ألمانيا الشرقية.
فقد جاهرت بالاعتراض علي نفي سلطات المانيا الشرقية للشاعر والمغني الشهير فولف بيرمان عام.7791 وشنت حملة للمطالبة باصلاح النظام القائم. ويشير الكاتب جون ارداج إلي انها تحملت في شجاعة دفع ثمن باهظ جراء اثارة غضب السلطة عليها.
وأيا ما يكن من الوقائع الشجاعة والمثيرة للجدل في مسيرة كريستا فولف, إلا أنها تبقي من أبرز الروائيين الألمان, ومن أكثرهم حضورا وتألقا..
وقد أمضت كريستا شطرا من سنواتها الأخيرة تعاني من المرض. ولفظت أنفاسها الأخيرة في اليوم الأول من ديسمبر.1102
وما يتبقي من كريستا درسا جميلا ونبيلا..
لا ينبغي مهما تكن الظروف أن يغرد الكتاب والمثقفون في حظيرة السلطة التي تلاحق الحرية وتعتقل الديمقراطية.. حتي وإن كان الصوت خافتا.
المزيد من أعمدة محمد عيسي الشرقاوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.