"معبر برلين" قصة جديدة لكيفن بروفى تتناول ضحايا إعادة توحيد شطرى ألمانيا الذين فقدوا العمل والمعنى بعد أن تعرضوا لعملية اجتثاث بسبب مواقفهم السياسية حتى اعتبر بعضهم أن هذه الوحدة الجديدة لاتزيد عن عملية غزو رأسمالى ألمانى غربى لألمانياالشرقية أو الفردوس الاشتراكى. وزمن القصة يعود إلى عام 1962 متخذا من هذا العام منطلقا للأحداث مثلما هو الحال فى عديد من القصص والروايات والأفلام السينمائية التى توقفت عند العام ذاته عندما أقيم سور برلين ليفصل المدينة كما يفصل بين عالمين فى ذروة الحرب الباردة بين المنظومتين الرأسمالية والشيوعية.
وهكذا تعيد قصة "معبر برلين" للأذهان مشاهد فى فيلم "الجاسوس الذى جاء من الصقيع" أو رواية "حياة الآخرين" بل ويمكن القول إن مثل هذه المشاهد السينمائية والروائية بدت فى خلفية هذا العمل الجديد للقاص كيفن بروفى لكن براعته حالت دون أن تفصح تلك المشاهد السابقة عن نفسها بصورة جلية.
فقد نسج الايرلندى كيفن بروفى خيوط سرده ببراعة حكاء مقتدر وحبكة قلم ومخيلة تمزق نياط القلوب احيانا مع ايحاءات نفسية مؤثرة ببصيرة كاتب تمكن من النفاذ لجوهر الألم الانسانى عندما تتسبب ظروف سياسية فى الفصل بين أبناء الشعب الواحد.
وتناول بروفى الأوضاع قبل وبعد اعادة توحيد شطرى ألمانيا بتسليط عدسته القصصية على مشاعر البشر ليحكى عن ميخاييل رايتر مدرس اللغة الانجليزية والذى كان يعمل لصالح جهاز الدعاية الشيوعى فى ألمانياالشرقية ويتولى كناشط حزبى صياغة بعض الكراسات العقائدية للحزب الشيوعى الحاكم.
وعبر رحلة داخل الانسان والمكان والمتغيرات السياسية، يرصد القاص كيفن بروفى ماحدث لرايتر بعد اعادة توحيد شطرى المانيا حيث يفصل من عمله كمدرس للغة الانجليزية بناء على تعليمات السادة الجدد للدولة الموحدة وهم الذين جاؤوا من ألمانياالغربية ليمسكوا بمقاليد الأمور فى المانياالشرقية دون أن يترددوا فى تصفية الحسابات بسرعة مع كوادر الحزب الشيوعى ويتفنن بعضهم فى صور التنكيل والاقصاء والاجتثاث لكل من ناهض الايديولوجية الرأسمالية.
ويمضى القاص الايرلندى كيفن بروفى مع بطل قصته الذى اكتوى بنار البطالة واعتبر اعادة توحيد الوطن الألمانى المقسم عملية غزو اجتاحت فيها الرأسمالية الألمانية الغربيةالمانياالشرقية بنظامها الاشتراكى فيما هجرته زوجته ورحلت والدته التى كانت تبغض الشيوعية ليفقد معنى الوطن بل والحياة فى ظل النظام الرأسمالى الذى اقترن فى نظره بالظلم والجور.
وعلى نحو يعيد للذاكرة رائعة "الطريق" لأديب نوبل نجيب محفوظ ، يفضى أحد رجال الدين لبطل القصة بأن والده المجهول والذى لم يراه من قبل هو رجل ايرلندى الجنسية فتبدأ رحلة جديدة لميخاييل رايتر بحثا عن الأب والحياة والمعنى على امل المصالحة مع هذا العالم .