عن الدار العربية للعلوم بالتعاون مع مكتبة مدبولى صدرت الترجمة العربية لكتاب "نظرية الواحد فى المائة" تأليف رون سسكيند الحائز علي جائزة بوليتزر، وترجمة ميشيل دانو . والكتاب الذى بين أيدينا كما كتب على غلافه هو بحث فى العمق فى تعقب الولاياتالمتحدة لأعدائها عبر تطبيق نظرية الواحد فى المائة التى ابتدعها نائب الرئيس ديك تشينى فى الحرب على الارهاب . ويحلل المؤلف فى مقدمته - وفق جريدة "العرب" اللندنية - الخوف الامريكى السابق على أحداث الحادى عشر من سبتمبر، حيث يؤكد ان "السلاح التحليلى التابع للسى آى إيه" قد بلغ فى هذه النقطة مرحلة الذعر، وكانت الاشارات كلها حمراء، وكانت وكالات الاستخبارات تدق ناقوس الخطر. ويؤكد المؤلف ان هناك مجموعة من التقارير قد أعدت حول الوضع الأمني، الا ان الرئيس الأمريكى - نظرا لأنه لايحب الاطلاع على التقارير مكتوبة قدر حبه للاطلاع البصرى فقد يبدو أن الرئيس بوش قد قام - على حد تعبير المؤلف - بالاختيار الخاطئ خلال اجتماع لمناقشة المعلومات الاستخباراتية خلال هذا الصيف - ويقصد به صيف عام 2001". وسعى "بوش" وادارته للحصول على صلاحيات تعطيهم حق "استخدام كل القوة الضرورية والمناسبة ضد الدول والمنظمات او الاشخاص الذين يعتبرهم قد خططوا وسمحوا وشاركوا أو ساعدوا فى اعتداءات الحادى عشر من سبتمبر 2001 الارهابية، او الذين أووا هذه المنظمات او الاشخاص من أجل أن يحول دون قيام هذه الدول او المنظمات بترتيب اعتداءات ارهابية دولية ضد الولاياتالمتحدة فى المستقبل". ويرى مؤلف الكتاب - وفقا لنفس المصدر - أن هذا التفويض بالصلاحيات الإضافية كان ضروريا لاستكمال خطة الهجوم العالمي، وهى الخطة التى اعدتها "السى آى إيه" ورفعتها الى بوش وفصلت فيها العمليات التى ستخاض ضد الارهابيين فى ثمانين بلداً، وتلك الصلاحيات استلزمت بالتالى ضخ أموال جديدة فى خزينة وكالة الاستخبارات فتم اعتماد مبلغ يتراوح قدره مابين 800 و900 مليون دولار أمريكى على أن يخصص هذا المبلغ كما جاء فى القرار الذى اتخذه بوش لبناء مراكز استخبارية لمكافحة الارهاب، فى الدول التى لاتبدو، حتى الآن دولاً صديقة فى هذه الحروب، سنحتاج الى عقد صداقات جديدة. وخلال شهر أكتوبر 2001 أصدر بوش قرارا رئاسيا سريا يسمح لوكالة الأمن القومى بمتابعة التنصت على المواطنين الامريكيين، وشكل "قانون المواطنة الحديث" الغطاء القانونى فقد سمح بتوسيع رقعة المراقبة فى الولاياتالمتحدة ليشمل تفتيش السجلات المالية والشخصية والادخارات الشخصية الصغيرة. ثم ينتقل المؤلف للحديث عن الحرب ضد أفغانستان حيث يرى أنها كانت مجرد مقدمة فى نظر كبار المسئولين فى البنتاجون لاجتياح العراق، ويورد المؤلف بعضاً من كلام "جورج دبليو بوش" أمام اعضاء الكونجرس بعد انتهاء الحرب ضد طالبان بين فيها أن الهدف الرئيسى لتلك الحرب هو العراق، حيث قال: "لايخفى العراق عداءه لأمريكا، ويستمر بدعم الارهاب، فشارك النظام العراقى بخطط تطوير الجمرة الخبيثة، وغازات الأعصاب والاسلحة النووية لأكثر من عقد، إنه نظام سبق أن استخدم الغاز السام لقتل آلاف من السكان تاركا جثث الامهات فوق أجساد اطفالهن، انه نظام وافق على التفتيش الدولى ثم طرد المفتشين، انه نظام يخفى شيئا عن سكان العالم". وهذا الخطاب - على حد تعبير الكاتب الصحفى الأمريكى تشارلز كراوثامر - كان بمثابة "اعلان حرب ضد العراق"، وهكذا نرى - عبر صفحات هذا الكتاب - كيف تدار السياسة الخارجية الأمريكية ومن يتحكم فيها بالفعل فى اصدار القرارات، والصراعات الداخلية وعلاقة المواطن الأمريكى بما حدث ويحدث، وحقيقة ما أسمته الادارة الامريكية ب "الحرب ضد الارهاب".