«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معاهدة التطبيع مع إسرائيل .. تفاصيل لم تقرأها من قبل
نشر في محيط يوم 12 - 08 - 2007


معاهدة التطبيع مع اسرائيل
تفاصيل مثيرة لم تقرأها من قبل!!

على هامش مؤتمر القوي المعارضة صدر كتاب مثير يحمل عنوان "هذه المعاهدة" , يحمل نص رسالة الدكتور عصمت سيف الدولة إلى مجلس الشعب المصري التي أرسلها عام 1979 والمجلس بصدد مناقشة بنود معاهدة كامب ديفيد , وصدرت الطبعة الأولى منه عام 1980.
يتناول عدة أقسام : الأول بعنوان " الإخراج " يوضح فيه الدكتور عصمت سيف الدولة كيف أديرت عملية تمرير المعاهدة برلمانيا وشعبيا لتحويلها إلى واقع قانوني .
ويعرض الكتاب بالتفصيل لمناقشات النواب بالمجلس وكلماتهم , والجزء الثاني بيان بنتيجة التصويت على الاتفاقية بالمجلس متضمنا كشفا بأسماء الذين وافقوا والذين اعترضوا والذين امتنعوا عن التصويت ومن تغيبوا عن الحضور للتاريخ والذاكرة .
محيط - صفية محمد حمدي
وقد انتهى فيه الكاتب إلى أن مصر لم ولن تكسب شيئا من كامب ديفيد وأن هذه المعاهدة إنما وقعت بإرادة فردية من السادات ليست شعبية , والأخطر ما تنبأ به " منذ عام 1980 " بأن نص صغير جاء في "البروتوكول" الملحق بالاتفاق يقول " يعمل الطرفان على تشجيع التفاهم المتبادل والتسامح ويمتنع كل طرف عن الدعاية المعادية للطرف الآخر "(المادة 5 فقرة 3).
وبين أنه بهذا النص يصبح عليهم ، بعد تبادل وثائق التصديق على المعاهدة ، أن يعيدوا صياغة العقل العربي في مصر وحيث يمتد تأثيرهم في العالمين العربي والاسلامي ليتفهم ويتسامح ويصادق ويصدق "الصهونية" ... وقد يصبح محرما على اى مصري في وقت ( قريب!!! ) أن يذكر الصهيونية بسوء أن يقول مثلا أنها عنصرية أن يقول مثلا أنها نظرية خاطئة في كل عناصرها الفكرية , أن يقول انهم ليسوا شعب الله المختار..... إلى آخر تلك العناصر الفكرية التي تتكون منها النظرية الصهيونية وتقوم عليها الحركة الصهيونية وتعتبر العقيدة الرسمية لإسرائيل .
وإذا تحول التعبير إلى شعر أو رسم أو مسرح أو حديث مذاع أو مقال منشور ، أو ندوة مقامة .. فتلك "دعاية" يحرمها اتفاق 26 مارس 1979,ومن الآن ( يقصد عام 1980 ) إلى مدة غير محدودة على العلماء والمفكرين والفنانين أن "يخرسوا" بشأن الصهيونية وإذا قالوا أن يقولوا خيرا ولتجمع أو تحرق كل الكتب والبحوث والصحف والمسرحيات والشعر والاغاني التي علمت الاجيال أن الصهيونية حركة عنصرية عدوانية ... وبعد الآن والى مدة غير محدودة يصبح الحديث عن مأساة الشعب الفلسطيني ، وارضه ، وضحاياه وحقوقه في وطنه المغتصب دعاية ضد إسرائيل لا تتفق مع واجب "الصداقة".
إضافة لأن المفاوض المصري قد تعهد في الاتفاق بان يقدم للمحاكمة أي مصري يشترك بالاتفاق أو التحريض أو المساعدة في أي تنظيم يحرض على أفعال العنف ضد إسرائيل ورعاياها في أي مكان في العالم أو أن يقوم هو بهذا التحريض ..... والتحريض ليس إلا "كلمة " قد تكون كتابا وقد تكون مقالة وقد يكون حديثا وقد تكون قصيدة وقد تكون اغنية أو مسرحية.
قد تخونك عيناك أو شفتاك وأنت تقرأ تلك الكلمات وتنسى أنها قيلت عام 1980 , لأنك قبل العام الماضي مباشرة قرأت أو سمعت أن الكونجرس قد مرر قانون وبغالبية الأصوات بناء على طلب من النائب اليهودي توم لانتوس وبدعم من عدد آخر من القادة اليهود يطالب وزارة الخارجية الأميركية بإدراج كافة الأنشطة والممارسات التي تنتقد أو تتعرض لليهود في أي بقعة من بقاع الأرض ضمن تقرير سنوي حول حقوق الإنسان , ووقعه الرئيس الامريكي ( جورج بوش) في 16/10/2004 وعرف باسم (قانون تعقب معاداة السامية Global Anti-Semitism Review) ) , وأصبح ملزماً لجميع ادارات الولايات المتحدة فيما يتعلق بالاستمرار في دعم الجهود اللازمة لتقويض حركات العداء للسامية في انحاء العالم , ويستهدف اي سلوك او تصريح او تلميح بالقول او الفعل او الصورة او الكاريكاتير او الرسم او الكتابة يمس اليهود او الصهيونية او اسرائيل بشكل مباشر او غير مباشر باعتباره تمييزاً ضد اليهود لا سيما وانه يساوي ما بين اليهود واسرائيل والصهيونية.
وقد تخونك عيناك مرة آخرى حينما تقرأ معنا المناقشات التي جرت بمجلس الشعب لتوقيع المعاهدة عام 1979 , وتعتقد أنك تشاهد جلسة هذه الأيام على الهواء مباشرة ، ومن البداية يبدأ العجب..
"-انعقد مجلس الشعب لمناقشة الاتفاق ووثائقه وتقرير اللجنة صباح يوم الاثنين 9 إبريل 1979 وبدأ رئيس المجلس بالقول "بالنظر إلى أن طالبي الكلام بلغوا حتى الآن أكثر من ستين عضوا فهل توافقون حضراتكم على أن تحدد مدة الكلام لكل من السادة الأعضاء بعشر دقائق؟" موافقون..........
ووجه الأعضاء استحالة زمنية لأي حديث مدروس وجاد وألقى مقرر اللجنة (الدكتور فؤاد محي الدين ) تقريرها ، وحين انتهى من تلاوته كان عدد الذين طلبوا الكلمة قد وصل إلى سبعين .
كان أول المتحدثين العضو المهندس سيد مرعى وتحدث ساعتين لم يدافع فيهما عن " المعاهدة" بل هاجم الدول العربية وقادتها .. وقال إنهم لم يدعموا مصر ألا بأحد عشر مليارا فقط منذ 1967 حتى 1979 اى 12 سنة .. فسئل وماذا عن التسليح ؟ فقال ليس لدي بيانات .. فقال له العضو كمال أحمد :"إنكم بهذه الصورة لا تناقشون الاتفاقية ولكنكم تناقشون إعلان الحرب على العرب".
فاثبت محرر مضبطة الجلسة :"ضجة ... وأصوات استنكار..
واستمر الاستماع في جلسة المساء يوم 9 إبريل 1979 وكان فارس المنبر الفريق "السابق" مدكور أبو العز الذي نشر بعد هزيمة 1967 فقال: "اخلص إلى القول بان الأمم المتحدة عاجزة عن حل قضية كما أوضحت من قبل ، ومن أجل هذا كله فان الطريق أمام استراد الحق بالقوة أمام هذه الظروف كلها اصبح أمرا غير عملي ، ذلك لانه لا يوجد تضامن عربي والحصول على السلاح اصبح أمرا صعبا ،فلقد اعتمدنا على السوفييت في مدنا بالسلاح إلا انهم خذلونا ، هنا كيف نحارب , واضاف مباشرة :"ولماذا نحارب؟ علينا إذن أن نبتعد عن الحرب وخاصة ونحن نعلم ان امريكا مصرة ولا يمكن ان تسمح بوقوع هزيمة لإسرائيل .
استأ نف المجلس استماعه في جلستي يوم 10 ابريل 1979, في الجلسة المسائية تحدث الدكتور محمود القاضي و.. ركز تركيزا قويا على الخطاب الذي أرسله رئيس مجلس الوزراء إلى وزير خارجية الولايات المتحدة متضمنا 16 اعتراضا على التحالف الأميركي الصهيوني ضد مصر وتلاه كاملا ثم اشاد به ثم حث المجلس على تأييد رئيس الوزراء فى موقفه ذاك ... بعدم الموافقة على المعاهدة !!
فقاطعه العضو محمود أبو وافية متسائلا:
- وما العمل يا دكتور محمود ؟
- العمل عمل الله وهذا يمكن قوله عندما نجلس معا في حجرة واحدة واستطيع القول ماذا نعمل
- (اصوات تريد ان تعرف العمل الان)
- ان العمل الان وفي هذه الليلة الا توافق على المعاهدة اما بعد ذلك فيمكننا الجلوس معا ونتكلم في امور كثيرة قلناها وضحك بعض الاعضاء ومن بينهم الدكتور محمود القاضي نفسه فقد كان السائل والمجيب واصحاب الاصوات ، جميعا، يديرون حوارا مضحكا .
كان قد تحدث ثلاثين عضوا من بين سبعين طلبوا الكلمة فرأى رئيس المجلس ألا فائدة في مزيد من الكلام وأخبر المجلس انه قد تلقى إقتراحا مقدما من عشرين عضوا باقفال باقى المناقشة فى الموضوع.. موافقون!! وصاح العضو عادل عيد مذكرا : لقد كنت اول من طلب كلمة في هذا الموضوع" , فقال رئيس المجلس :" لقد صدر قرار المجلس باقفال باب المناقشة" و أوصدت الأبواب بوجه المعارضة لكي لا تدلي بدلوها في المناقشة. وأسفرت الجلسات المبتورة عن تقبل المعاهدة بأغلبية (329) عضوا ضد 15 عضوا وامتناع عضو واحد عن التصويت .
ثم وقفت السيدة العضو فايدة كامل وهتفت عاش الرئيس محمد أنور السادات ، عاش الرئيس محمد انو السادات، عاشت مصر ، عاشت مصر، ثم ردد وراءها السادة الأعضاء هذه الهتافات ثم ردد بعد ذلك المجلس نشيد بلادي بلادي لك حبي وفؤادي وفي نفس الوقت وقف بعض المعارضين يهتفون نشيد:" والله زمان يا سلاحي " وانسحبوا من الجلسة (نقلا عن مضبطة المجلس) .
ثم قال رئيس الجلسة الدكتور صوفي أبو طالب:" بعد أن قالت الأمة،ممثلة فيكم، كلمتها أقول ونقول جميعا لانفسنا مبروك ,,,"
ومن المعلوم – يتابع المؤلف- أن أبوطالب (أستاذ تاريخ القانون في جامعة القاهرة .. مؤلف كتب عدة في المجتمع العربي والقومية العربية والدولة القومية كان يلقي على شباب مصر حتى عام 1976 محاضرات قال في إحداها "كشفت الظروف التي صاحبت إنشاء إسرائيل عام 1948 عن مدى مساندة الدول الاجنبية لها – بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي – وحرصها على بقائها في قلب العالم العربي وتثبيت وجودها بمدها بالسلاح والمال والمهاجرين والفنيين على حساب تشريد أبناء فلسطين العرب ..! قال مبروك ثم رفع الجلسة على أن يعود المجلس للانعقاد يوم السبت 28 أبريل 1979 , وفي اليوم التالي (11 أبريل 1979) اصدر رئيس الجمهورية قرارا باستفتاء الشعب في حل مجلس الشعب ذاك المجلس الذي وافق على المعاهدة ، وفي المعاهدة التي وافق عليها ، معا فأعلن وزير الداخلية أن الشعب قد وافق بأغلبية قريبة من الإجماع على "المعاهدة" وعلى حل المجلس الذي وافق عليها (20 أبريل 1979) .
تساءل سيف الدولة :هل قرأ كل الوزراء ودرسوا وثائق الإتفاق قبل أن يوافقوا عليه في جلسة واحدة يوم 4 أبريل 1979 ؟ هل كان أمام مجلس الشعب خيار بعد أن هاجم رئيس الدولة أمامهم في مجلسهم يوم 5 ابريل كل من تسرع وأعلن عدم موافقته ؟ هل قرأ أعضاء مجلس الشعب ودرسوا الوثائق التي لم توزع عليهم أصلا ؟.. ثم لماذا كان الإستفتاء على المعاهدة بعد أن صدق عليها مجلس الشعب ؟ ثم كيف وافق أكثر من تسعة ملايين من المصريين على معاهدة لم تنشر نصوصها وملاحقها ووثائقها نشرا رسميا ؟
بعد هذا الجزء يعرض الكتاب لنص الرسالة التي بعثها عصمت سيف الدولة لمجلس الشعب مؤرخة ب10 أبريل 1979 , يؤكد فيها أن هذا الإتفاق من شأنه أن يلقي في أرض المستقبل بذور صراعات حتمية غير قابلة – منذ الآن ( عام 1979 ) – لتحديد أبعادها وما سيصيب مصر من آثارها .
ويسرد بالتفصيل مفاوضات إزالة المستوطنات الإسرائيلية مبينا أن الطرف المصري قدم في كامب ديفيد وثيقة تتضمن ما قبلته هيئة الأمن القومي قبل السفر إلى كامب ديفيد, تنص على "إزالة المستوطنات الاسرائيلة من الأراضي المحتلة طبقا لجدول زمني يتفق عليه خلال الفترة المشار إليها في المادة السادسة" (المادة الثانية فقره 2) أي خلال ثلاثة اشهر وقبل إبرام اتفاقية سلام (المادة السادسة) ولم يقبل مناحم بيجين هذا النص وكادت محادثات كامب ديفيد أن تنتهي بدون اتفاق وجاء الحل أخيرا في صورة خطاب موجه من مناحم بيجين إلى الرئيس كارتر يوم 17 سبتمير 1978 يقول فيه"انه خلال الاسبوعين التاليين لعودتي إلى إسرائيل سأطرح على البرلمان الإسرائيلي (الكينسيت ) مشروع قرار للبت فيه يتضمن الاجابه على السؤال التالي :إذا تمت خلال المفاوضات الخاصة بابرام معاهدة سلام بين مصر واسرائيل تسوية جميع المشاكل المعلقة هل تؤيدون إجلاء المستوطنين الاسرائيليين من المناطق التي يقيمون فيها شمال وجنوب سيناء أم انكم تريدون بقاء هؤلاء المستوطنين في تلك الأماكن؟ " .
ولقد وقعت اتفاقيات كامب ديفيد يوم 17 سبتمبر 1978 بعد أن اصبح هذا الخطاب من وثائقها وجزءا لا يتجزأ منها .ثم بعث الرئيس المصري رسالة " تهديدية " لجيمي كارتر 22 سبتمبر 78 بعد التوقيع على كامب ديفيد وقبل موافقة الكنيست يؤكد أن إجلاء جميع المستوطنين طبقا لجدول زمني خلال الفترة المحددة لتطبيق معاهدة السلام يعد شرطا مسبقا لبدء مفاوضات السلام التي تستهدف الوصول لمعاهدة السلام .
ورد الرئيس كارتر برسالة يؤكد فيها مقصد السادات وأرسلت الرسالتين لمناحم بيجن , وعليه وافق الكنيست على اخلاء المستوطنات وحددت الفترة الزمنية بوثيقة أخرى حددتها ثلاث سنوات من تبادل وثائق التصديقات على المعاهدة .
المعاهدة توقع بإرادة منفردة
وتحت عنوان الاراده المنفردة يؤكد سيف الدولة أن السادات اتخذ سلسلة متتابعة من المواقف : إيقاف إطلاق النار ، وفض الاشتباك الأول (17 يناير 1974) , فض الاشتباك الثاني (أول سبتمبر 1975) , زيارة القدس المحتلة (19 نوفمبر 1977) ، مفاوضات كامب ديفيد (17 سبتمبر 1978)، واخيرا قبول وتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل (26 مارس 1979) .
الرئيس محمد أنور السادات
كانت السمة "المميزة" لكل هذه المواقف أنها مواقف منفردة , اتخذها رئيس جمهورة مصر منفردا ، بدون موافقة أو اشتراك باقي الدول العربية , شاركه فيها كثيرون ومن بينهم مصريون واسرائيليون وامريكيون بالفعل , ولكنها بالنسبة إلى الدول العربية مواقف منفردة لم يشاركه فيها أحد حتى الذين لم يعترضوا عليها . مع العلم أن أهمية الجدال في هذه النقطة ان كان الاتفاق منفردا من عدمه ينطلق من أن ثمة اتفاقا جماعيا دائما بين كل الدول العربية حينها ينص على ألا تتخذ إحداها موقفا إيجابيا منفردا مع إسرائيل .
وتضمنت المعاهدة ما معناه أنه إذا عارضت أي بنود الاتفاقية اتفاقية عربية تشارك فيها مصر ، تنفذ بنود هذه المعاهدة.
تنازلات دفع ثمنها العرب
وتضمنت الوثائق التزاما مصريا ينفذ ويصبح أمرا واقعا فور تبادل التصديقات على المعاهدة مضامنه هي انتهاء حالة الحرب مع إسرائيل والامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد إسرائيل على نحو مباشر أو غير مباشر وكفالة عدم صدور أي فعل من أفعال الحرب أو الافعال العدوانية أو أفعال العنف أو التهديد بها من داخل مصر حتى لو لم تكن صادرة من قوات خاضعة لسيطرة مصر أو مرابطة على أرضها إذا كانت تلك الافعال موجهة ضد سكان إسرائيل أو مواطنيها أو ممتلكاتها .
والامتناع عن التنظيم أو التحريض أو المساعدة أو الاشتراك في أي فعل من أفعال الحرب أو أفعال العدوان أو النشاط الهدام أو أفعال العنف الموجهة ضد إسرائيل في أي مكان في العالم ، ومحاكمة أي مصري يقيم في أي مكان في العالم أو أجنبي في مصر ينظم أو يحرض أو يساعد أو يشترك في أي فعل عنف ضد إسرائيل (المادة الثالثة فقرة 2) , والامتناع عن أية دعاية ضد إسرائيل وفتح قناة السويس لمرور السفن والشحنات الإسرائيلية , وفتح مضايق تيران للملاحة البرية لإسرائيل .
و يلزم الإتفاق مصر بالاعتراف الكامل بإسرائيل وتبادل العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية (المادة الثالثة فقرة 3 من الوثيقة الرئيسية) وان تعقد معها اتفاقا تجاريا بهدف انماء العلاقات الاقتصادية (المادة الثانية فقرة 2 من البروتوكول الملحق) , وتعقد معها اتفاقية ثقافية , وتفتح حدودها للاسرائيلين وتسمح لهم بحرية التنقل داخلها (المادة 4 من البروتوكول ) وتوقع مع إسرائيل اتفاقا للطيران المدني وتقيم معها اتصالات بريدية وتليفونية وتلكس ومواصلات لاسلكية وخدمات نقل الارسال التليفزيوني عن طريق الكابلات والراديو والاقمار الصناعية وتنشىء معها سكك حديدية أيضا (المادة 6 فقرات 2و4و5و6 من البروتكول) ثم أن تبيع لإسرائيل بترول مصر (المحضر الملحق بالبروتوكول).
بينما جاءت شروط الرهن لسيناء بأن تكون رسميا (تحت يد صاحبها ولكن لا يستطيع التصرف فيها) بحيث لا يجوز لمصر أن تنشىء أي مطارات حربية عليها ، كما لا يجوز أن تستعمل المطارات التي ستخليها إسرائيل في أغراض حربية ، وألا تنشيء ايه موانيء عسكرية في أي موقع على شواطىء سيناء (على البحر الأبيض المتوسط ، أو خليج السويس، أو خليج العقبة) ولا أن يستخدم أسطولها الحربي الموانىء التي بها ، لا يجوز لمصر أن تحتفظ شرق قناة السويس والى مدى 58 كيلو مترا تقريبا بأكثر من فرقة مشاه ميكانيكية واحدة لا يزيد مجمل أفرادها عن 22 ألفا ولا تزيد أسلحتها عن 126 قطعة مدفعية و126 مدفعا مضادا للطائرات عيار 37 مم و230 دبابة و480 عربة مدرعة من جميع الأنواع ولا يجوز لهذة القوة المحدودة العدد والسلاح أن تخطو خطوة واحدة ، ولو لإجراء مناورات تدربيبة ، شرق الخط المحدد لها بين ارض وطنها وبقية ارض وطنها ، لا يجوز لمصر ان تكون لها شرق الخط المشار إليه ايه قوة عسكرية مقاتلة أو مسلحة باسلحة قتالية من أي نوع كان ، تبقى سيناء، أربعة أخماس سيناء بما فيها من مدن (منزوعة السلاح"، وبالنسبة للامن تتولى حفظه قوات الشرطة المدنية المصرية .
كانت إسرائيل حريصة على أن يقصر التوفيق أو التحكيم على "الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير" الاتفاق أما الخلاف بشأن انهائه أو تعديله فلا سبيل إليه عن طريق التوفيق والتحكيم .
حيث أنه من قبل ألغت مصر (يوم 8 أكتوبر 1951) ثلاثة اتفاقات دولية مرة واحدة (معاهدة 1936 واتفاق 19 يناير 1899 و(اتفاق 10 يوليو 1899 وكلها كانت معقودة بينها وبين إنجلترا ) وقالت في مذكرتها "... وإذا كانت مصر قد قبلت المعاهدة بكل ما انطوت عليه من قيود تحد من استقلالها فلانها كانت تعرف أنها قيود أملتها ظروف وأحداث وقتية تزول بزوال هذه الظروف التي قضت بقبولها " .
تطبيع شرق أوسطي مع إسرائيل

ما عن الوثيقة التي تحمل عنوان "إطار السلام في الشرق الأوسط" تحت العنوان الفرعي "المبادىء المرتبطة" فضمت بنودها تعلن مصر وإسرائيل أن المبادىء والنصوص المذكورة أدناه ينبغي أن تطبق على معاهدات السلام بين إسرائيل وبين كل جيرانها مصر والأردن وسوريا ولبنان".

على الموقعين (.. الأردن وسوريا ولبنان) أن يقيموا فيما بينهم علاقات طبيعية كتلك القائمة بين الدول التي هي في حالة سلام كل منهما مع الأخرى وعند هذا الحد ينبغي أن يتعهدوا بالالتزام بنصوص مثياق هيئة الأمم.."وذلك بما يضمن الاعتراف الكامل، إلغاء المقاطعة الاقتصادية ،إجراءات قانونية تيسر لجوء المواطنين للقضاء، كما يجب على الدول الموقعة على المعاهدة استكشاف إمكانية التطور الاقتصادي .
وبالنسبة للوضع النهائي للضفة الغربية وغزة لم يرد تعبير الشعب الفلسطيني إطلاقا ونصت الإتفاقية على انه في خلال فترة الانتقال " يشكل ممثلو مصر وإسرائيل والأردن وسلطة الحكم الذاتي "لجنة تكون صلاحياتها الموافقه (بالإجماع) على " السماح بعودة الأفراد الذين طردوا من الضفة الغربية وغزة في عام 1967 مع اتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع الاضطرابات واوجه التمزق " - فاستبعد الذين تركوا الضفة الغربية وغزة بعد عام 1967 ولم يطردوا واستبعد ممن طردوا بعد عام 1967 من ترى إسرائيل أن عودته تسبب الاضطرابات واستبعد كل الذين غادروا الضفة الغربية أو غزة أو باقي الأرض المحتلة من فلسطين قبل 1967-.
ولقطع سبل التأويل والتفسير على ما تعنيه كلمة الشعب الفلسطيني ألحقت باتفاق كامب ديفيد رسالة موجهة من مناحم بيجن إلى الرئيس كارت رد عليها الرئيس كارتر برسالته المؤرخة 22 سبتمبر 1978 يقول فيها "احيطكم علما هنا انكم ابلغتموني بما يلى:انكم ستفسرون وتفهمون عبارات "الفلسطنيون" أو "الشعب الفلسطيني" الواردة فى كل فقرة من وثيقة إطار التسوية المتفق عليها باعتبارها تعنى "عرب فلسطنيون" ولكن الحكومة الإسرائيلية تفهم وتفسر تعبير (الضفة الغربية" في أي فقرة يرد فيها في وثيقة إطار التسوية على انه يعني يهودا والسامرا ، وهكذا تعبير " الشعب الفلسطيني " يدل على العرب الفلسطنيين الذين يسكنون ارض إسرائيل ذلك لان الفرق بين اسم الضفة الغربية وبين يهودا والسامرا هو ما يعنيه الاسم الأخير من أنها أرض إسرائيل التي تحررت في 1967
أما عن القدس العربية فلم يتفق عليها , وتبادل رئيس الجمهورية والرئيس كارتر ومناحم بيجن ثلاث رسائل بشأنها يوم 22 سيتمبر 1978, تمسك المفاوض المصري ببقاء القدس تحت السيادة العربية ولكنه قبل ان تبقى موحدة مع القدس الغربية وتمسك مناحم بيجن بان القدس الموحدة جزء من ارض " إسرائيل الكبري" (لاول مرة يرد هذا التعبير في وثيقة رسمية) وانها عاصمة دولة إسرائيل وأحال الرئيس كارتر على موقف أمريكا المعلن يوم 14 يوليو 1967 واول يوليو 1969 ومضمونه أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تقبل ولا تقر الإجراءات التي اتخذتها حكومة إسرائيل يوم 28 يونيو 1967 بشأن ضم القدس واعتبارها عاصمة لها.
إلى أن بدأت المفاوضات حول اتفاق 26 مارس 1979 كان الأردن ولبنان والشعب العربي الفلسطيني (في الأرض المحتلة وخارج الأرض المحتلة)قد عبروا علنا عن رفضهم الجماعي لما جاء لهم به المفاوض المصري في كامب ديفيد.
وختام
وإن كنا نقف في هذا الموضوع أمام معاهدات ورقية وقعت باسم الحكومات , فاليوم على الأرض نقف أمام خطوات جذرية توقع باسم الشعوب وكتبت حروفها الأولى الحرب اللبنانية , التي ثارت على إثرها صراعات المعارضة وحزب الله ضد الحكومة وعكست مدى فروق الرؤية بين الشعب والحكومة.
ذكرى رحيل عصمت سيف الدولة بعد عشر سنوات , كانت الرؤية تستبعد نبوءته التي قال فيها أن الدول العربية ستتوحد , لأننا نرى مدى التشتت والتشرذم والخطوات التي تبعد يوما بعد يوم , ولكن مع حركات الشعوب وتطورات الأحداث نضطر أن نقف أمام هذه النبوءة ونضع أسفلها عدة خطوط ونعيد التفكير برؤية جديدة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.