وزير الصحة يعلن تشكيل اللجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض    وزير العمل: الدولة لا تتهاون في تطبيق الحد الأدنى للأجور وحماية الطرفين داخل منظومة العمل    وزير قطاع الأعمال العام يستقبل وفدا من شركة "إندوراما" العالمية لبحث مجالات التعاون المشترك    اختتام دورة تدريبية بمركز بحوث الصحراء بمطروح حول الإدارة المستدامة للمياه والتربة بمشاركة دولية    قطر ترفض الخرق الإسرائيلي للتهدئة في غزة وتؤكد سعيها لاحتوائه    السفير الفرنسي بالقاهرة يثمن جهود مصر في وقف إطلاق النار بقطاع غزة    تقرير: استبعاد تورام من قائمة يوفنتوس بسبب إصابة    الهلال يعلن جاهزية نجم الفريق لمباراة الشباب    النيابة الإدارية تعاين موقع حريق مخبز بأسوان وتكشف تفاصيل أولية عن أسباب الحادث    وزير الاتصالات: تعزيز شبكات المحمول استعدادا لافتتاح المتحف الكبير    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    «الصحة» تعلن تحقيق إنجازات نوعية في تنفيذ توصية «تمكين المرأة» قبل انطلاق مؤتمر PHDC'25    إشربها بذكاء.. أطعمة ومشروبات تجنب تناولها مع القهوة    تأجيل حفل افتتاح مهرجان الفضاءات غير التقليدية بأكاديمية الفنون    مصطفى قمر يطرح أولى أغاني ألبومه الجديد بعنوان "اللي كبرناه"| فيديو    ب«جرة مياه».. نجل مكتشف مقبرة توت عنخ آمون يكشف أسرار اللحظة التاريخية    وزيرة الخارجية الفلسطينية: نحاول توجيه البوصلة الدولية حول ما دار في مؤتمر نيويورك    حالة الطقس غدًا الخميس 30-10-2025 على البلاد والأيام المقبلة    وزير خارجية إستونيا: بوتين يختبر الناتو ولا نتوقع اجتياح ليتوانيا    لصحتك.. روشتة للوقاية من السكتة الدماغية    أيمن يونس يهاجم ثروت سويلم بسبب تصريحاته عن حلمي طولان    الشيخ خالد الجندي: الغني الحقيقي هو من يملك الرضا لا المال    مجلس الزمالك.. لقد نفد رصيدكم!    الإمام الأكبر يخاطب المفكرين والقادة الدينيين فى مؤتمر السلام العالمى بروما    الإسكندرية تستعد ب22 شاشة عملاقة لنقل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    مؤتمر إقليمى لتفعيل مبادرة تمكين بجامعة العريش    شاشات بميادين كفر الشيخ لنقل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    رئيس الوزراء القطري: نحاول الضغط على حماس للإقرار بضرورة نزع سلاحها    سقوط نصاب الشهادات المزيفة في القاهرة بعد الإيقاع بعشرات الضحايا    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    سفير الصين: نعمل مع أكثر من 150 دولة على بناء «الحزام والطريق» بجودة عالية    آرسنال يخطط للتجديد مع ساكا ليصبح الأعلى أجرًا في تاريخ النادي    خلال ساعات.. موعد إلغاء التوقيت الصيفي 2025 في مصر وتأخير الساعة 60 دقيقة    «الخطيب أخي وأوفينا بما وعدنا به».. خالد مرتجي يزف بشرى لجماهير الأهلي    محافظ الدقهلية يتابع من مركز سيطرة الشبكة الوطنية محاكاة التعامل مع مياه الأمطار وحركة المواقف ومستوى النظافة    محافظ شمال سيناء يستقبل عدداً من مواطني إزالات ميناء العريش    مصر تشارك في اجتماع مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي في أديس أبابا    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا في بحر شبين بالمحلة    هل يدخل فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى نادى المائة مليون؟    «نرعاك في مصر» خدم أكثر من 24 ألف مريض من 97 دولةً بإيرادات تجاوزت 405 ملايين دولار    بعد تداول فيديو.. القبض على متهم بسرقة هاتف فتاة في الإسماعيلية    كليتى العلوم وتكنولوجيا التعليم ببنى سويف يحصلان على جائزة مصر للتميز الحكومى    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    حبس المتهم بقتل شاب بسبب معاكسة الفتيات ببنها في القليوبية    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    دون إبداء أسباب.. السودان يطرد مسؤولين من برنامج الأغذية العالمي    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    النقل تعلن مواعيد تشغيل المترو والقطار الكهربائي الخفيف بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    سفيرة قبرص لدى مصر: المتحف الكبير.. الهرم العظيم الجديد لعصرنا الحديث    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية «الإنتوساي» ل3 سنوات (تفاصيل)    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واقع اليسار الفلسطيني وأزمة صحيفة «الرسالة» وأصحابها

لم تعد تشكل مفاجأة أن تهتم وسائل الإعلام، الفلسطينية منها بشكل خاص، باليسار الفلسطيني وبدوره في الحالة السياسية. ونعتقد أن هذا ناتج عن أمرين رئيسيين: أولهما الدور المميز الذي يلعبه اليسار في الوضع الفلسطيني، خاصة في ظل الانقسام القائم، واستفحال الأزمة السياسية في الضفة كما في القطاع. ثانيهما التقدم الذي يحرزه اليسار على الصعيد الجماهيري، يعبر عن ذلك في تحركاته وأنشطته، حيث الالتفاف الشعبي واضح ولا يحتاج لتفسير. من بين «الاهتمامات» باليسار، ذلك الملف الذي أطلقته صحفية الرسالة (غزة) التابعة لحركة حماس في 6/9/2012، حاولت من خلاله أن تلملم أقلاما من هنا وهناك، بدا واضحا أن معظمها لم يستطع أن يرى الأمور إلا من الخارج، ولم يستطع أن ينفذ إلى الداخل، لقراءة الوضع في تحركاته. وإنه، أيضا، اعتمد على المشاعر المسبقة في الرؤية والتحليل، وهذا مقتل كل باحث وصحفي، يترك لمشاعره أن تتحكم بقلمه بدلا من أن يذهب في البحث الموضوعي وصولا إلى النتائج الملموسة حتى لو كانت لا ترضي مشاعره. كما بدا واضحا أن بعضها حكمته خلفية فكرية، تقوم على العداء لليسار، بشكل مبدأي لا يبرره واقع الحال، ولا الضرورات الوطنية، ولا خصوصية الحالة الفلسطينية.
وقبل أن ندخل في تفاصيل الأمور وتناول القضايا محور النقاش، لا بد من الإشارة إلى مسألة شديدة الأهمية، تغيب عن بال الكثيرين ألا وهي المقارنة على الدوام بين قوة اليسار وإمكاناته وبين قوة كل من فتح وحماس. ويتناسى هؤلاء أن المقارنة الصحيحة والعادلة، لا تجوز بين قوى معارضة، تعتمد في يومها السياسي على ذراعها، وعلى جماهيرها، ومؤيديها، وبين حركتين تديران سلطة واحدة في رام الله، والأخرى في غزة، توفر لكل منهما، هذه السلطة، عناصر قوة ونفوذ، وقدرة على السيطرة، وأدوات وآليات، لا تتوفر لقوى اليسار. علما أن قوى اليسار لم تطمح يوما تحت سقف أوسلو أن تكون سلطة، وهذا على الأقل ما أعلنته صراحة الجبهة الديمقراطية منذ ولادة هذا الاتفاق، ولم تعتمد سياسة الانقلابات العسكرية الدموية، ضد أوسلو، والسلطة الفلسطينية لتلعب دور البديل، ولو بالقوة. لذلك نعتقد أن على من يريد أن يقيم اليسار أو أن يزن قوته وقدرته الجماهيرية، وأن يقيم دوره وفعاليته السياسة وأن يسائله عن هذا الدور، أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، وإلا اعتبرت المعاينة مختلة وفاقدة للتوازن، لا تستند إلى الواقع، بل تطلق العنان، كما قلنا للمشاعر والموقف المسبقة، وهذا أمر لا يفيد الحالة الفلسطينية، وينتقص من دور أصحاب ملف «الرسالة».
ما هو اليسار؟
حتى لا يبقى اليسار مجرد لغز، من المفيد أن نقدم ما نعتبره تعريفا مبسطا وواقعيا لليسار الفلسطيني، انطلاقا من واقع الجبهة الديمقراطية ودورها في الحالة الفلسطينية.
• أن تكون يسارا أو يساريا معناه أن تكون حريصا على صون البرنامج الوطني الفلسطيني، كما أقرته المؤسسة الفلسطينية، واعترفت به الدوائر العربية والإقليمية والدولية، وكما تبنته المؤسسات والاتحادات والنقابات والتيارات السياسية والاجتماعية الفلسطينية في مناطق وجود الشعب الفلسطيني كافة. [داخل مناطق 48، في الضفة، في القدس، في القطاع، في الشتات ودول الاغتراب والمهاجر] وأن تناضل ضد المس بهذا البرنامج، أو التنازل عنه، أو المزايدة عليه، باعتباره البرنامج الوطني الذي وحد الشعب الفلسطيني، من خلال توحيد حقوقه الوطنية والقومية، ويرفض اليسار في هذا المجال، الموقف القائل بأن «الضرورات تبيح المحظورات» لأن هذا الموقف، قد يفتح الباب على مصراعيه لنسف البرنامج الوطني، إما للرضوخ لاتفاق ينال من حقوق الشعب الفلسطيني، وإما للركض وراء أوهام «الإمارة» أو غيرها من التشكيلات السياسية. علما أن ما من معيار واضح ومحدد وله سقف وقاعدة، يمكن من رسم وتعريف هذه «الضرورات»، وما دامت هذه الضرورات تبيح المحظورات، فمعنى ذلك أننا بتنا بلا برنامج إجماع وطني، وبتنا أمام حالة تعطي لنفسها، الحق الانفرادي في البت بمصير الشعب وحقوقه ومصيره.
• أن تكون يسارا أو يساريا، معناه أن تصون الموقع التمثيلي لمنظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها حاضنة المشروع الوطني، وأن تناضل على الدوام دفاعا عن هذا الموقع التمثيلي، باعتباره عنوانا وإطارا لوحدة الشعب الفلسطيني ووحدة كيانيته، والسد المنيع لمنع القوى العربية أو الإقليمية من العبث بهذه الكيانية تحت أي شعار كان، قطريا أو قومجيا أو إسلاميا. ويسجل التاريخ والواقع الفلسطيني، للجبهة الديمقراطية الفصيل اليساري بامتياز، والفصيل الوطني بامتياز أيضا، أنها حملت لواء م.ت.ف.، في سنوات عجاف، حين رمى هذا اللواء من ذهب إلى العواصم العربية يدخل معها في إطار للعمل المشترك، ومن ذهب إلى عواصم أخرى لبناء هياكل بديلة، للمنظمة، وإذا كان البعض يتهم الجبهة الديمقراطية بأنها في دفاعها عن المنظمة، ملكية أكثر من الملك، فإن الحقيقة تقول أن الجبهة في هذا الميدان ليست ملكية، بل هي الملك نفسه. هذه من الثوابت التي رفضت الجبهة المساومة عليها، رغم كل الإغراءات المالية وغير المالية التي قدمت لها، ورغم الإنذارات وعمليات التخريب التي تعرضت لها. لكن الجبهة صمدت، بفعل صلابة قاعدتها الجماهيرية، وبفعل التفاف الحالة الشعبية حولها وحول م.ت.ف.
• أن تكون يسارا أو يساريا، معناه أ، تصون وحدة الشعب الفلسطيني، وقواه السياسية في مواجهة الاحتلال والاستيطان، في خوض معركة التحرير والاستقلال والسيادة. الخلافات والتعددية السياسية، أمر طبيعي في صفوف كل شعوب الأرض، ومنها الشعب الفلسطيني، لكن الخلاف السياسي شيء وتحويل الخلاف السياسي إلى سبب للإحتراب الدموي، واستعمال العنف وسيلة للحسم، شيء آخر. هنا ترفض الجبهة القول بأن «فتنة صغرى قد تعفي من فتنة كبرى». فهذا القول تشريع واضح وصريح للعنف والاقتتال وتدمير الوحدة الداخلية لشعب فلسطين. والذين ذهبوا إلى انقلاب 14/6/2007، رفعوا هذه المقولة «الفتنة الصغرى والفتنة الكبرى»، وأعطوا لأنفسهم الحق في رسم حدود «الفتنة» التي أدخلوا فيها الحالة الفلسطينية، والتي مازلنا حتى الآن نعاني نتائجها وتداعياتها، وآثارها المدمرة على الشعب وقضيته الوطنية. الجبهة الديمقراطية تتمسك بالحوار الوطني سبيلا وحيدا لحل الخلافات السياسية، والوصول إلى التوافقات التي يفترض أن تكون ملزمة لكل من وقع عليها، كما هو حال وثيقة الوفاق الوطني (2006)، وإعلان القاهرة (2005)، ووثيقة المصالحة (2011).
• أن تكون يسارا أو يساريا، معناه أن تتمسك بمبدأ العدالة الاجتماعية بين فئات الشعب وشرائحه المختلفة، وأن تدافع عن مصالح الفقراء والعمال والفلاحين، وأصحاب الدخل المحدود، وحقوق المرأة، ومصالح الشباب، وكل الفئات المهمشة، وأن تدفع باتجاه نظام اقتصادي يحد من جشع كبار التجار والأغنياء، ويفكك المافيات، ويكافح الفساد، ويضع حدا له، ويرسم أسسا للمساءلة والمكاشفة ومحاسبة المسؤولين تحت شعار «من أين لك هذا؟»، برامج اليسار، وبشكل خاص الجبهة الديمقراطية ناطقة بهذا كله، وتحركات ونضالات قواعدها، ومنظماتها ومؤسساتها، وممثليها في الاتحادات والنقابات، ومواقف ودعوات، وتحركات ممثليها في اللجنة التنفيذية، والحكومة الفلسطينية، والمجلس التشريعي، دليل على ذلك. ولمن خانته الذاكرة، نعيد ونؤكد كيف بادر الرفيق قيس عبد الكريم (أبو ليلى) عضو المجلس التشريعي، وفور دخوله قاعة المجلس، لتقديم مشروع قرار بتخفيض مرتبات وتعويضات أعضاء المجلس، وكيف تصدت له الكتلة البرلمانية الأكبر آنذاك (كتلة حماس) بدعوى أن المرتب وسيلة ليتفرغ أعضاء المجلس لمهامهم وليؤمن لهم مستوى من الحياة، تمكنهم من الالتفات لمصالح الناس. وقد أعاد التأكيد على اقتراحه هذا في إحدى مقابلاته التلفزيونية الأخيرة، بينما كان الشارع يعج بالمتظاهرين ضد السياسات الاقتصادية لحكومة فياض. العدالة الاجتماعية، ومبدأ «من أين لك هذا؟» من شأنهما أن يلزما حكومة هنية على سبيل المثال، للبحث في الأسباب والعوامل، والمصادر، التي فتحت الباب لولادة المئات من أصحاب الملايين في قطاع غزة تحت الحصار، في وقت ترتفع فيه البطالة بين المواطنين ويتحول القطاع برمته باعتراف المنظمات الدولية إلى أزمة إنسانية، تحتاج لحلول بعيدة المدى.
الأرزاق لا تأتي من السماء كما يأتي المطر، الأرزاق مسألة اقتصادية، أولا وأخيرا، وهناك اقتصاد يؤمن العدالة الاجتماعية، واقتصاد يقوم على الفساد ونهب المال العام، والاحتكار، والتهريب، وسرقة لقمة العيش من جيوب الفقراء والمتاجرة بمآسيهم.
التمويل.. وما أدراك ما التمويل؟
تتهم الجبهة الديمقراطية أنها تتواطأ مع السلطة الفلسطينية ورئيسها، ومع الفريق المفاوض، حرصا منها على عدم انقطاع حصتها المالية من فتح، ونعتقد أن تهمة التواطؤ هذه لا يصدقها لا رئيس السلطة، ولا رئيس الحكومة سلام فياض، ولا الفريق المفاوض، ولا حتى الفريق الفتحاوي الذي يدير مع حماس مباحثات إنهاء الانقسام. ومواقف الجبهة في هذا المجال لا تحتاج لمن يدافع عنها. ما يحتاج لتوضيح هنا، [رغم أن الذين وجهوا للجبهة هذه التهمة يعرفون الحقيقة لكنهم يتلاعبون بها، ظنا منهم أنهم بذلك يتذاكون على القراء وعلى الرأي العام]، هي مسألة «التمويل»، وحصة الجبهة.
حصة الجبهة تنالها من الصندوق القومي لمنظمة التحرير، وبقرار من المجلس الوطني الفلسطيني والمؤسسات المعنية وهي مخصصة لتوفير احتياجات كتائب المقاومة الوطنية، الذراع العسكري، وهو الصندوق الذي يقدم مساعدات مالية لفتح نفسها، ولباقي الفصائل، وإن كانت الحصص هنا لا تقوم على مبدأ «العدالة النضالية». وكثيرا ما حرمت الجبهة من حصتها هذه، بقرار تعسفي، عقابا لها على مواقفها السياسية، فالكل يدرك، وفي مقدمتهم العاملون في «الرسالة» و «الكتبة» لديهم أن الجبهة حين تتخذ قرارا سياسيا، لا تضع في اعتبارها مسألة المال، وحصتها في م.ت.ف. فالجبهة تعتمد على ذاتها في إدارة شؤونها أولا وقبل كل شيء لأنها تريد لقرارها السياسي أن يكون متحررا من كل الضغوط المالية. وكم كنا نتمنى لو أن «الرسالة» فتحت باب «التمويل» على مصراعيه لتقول لنا، أين ذهبت «الأموال التي جمعتها حماس، بعد فوزها في الانتخابات التشريعية، باسم الشعب الفلسطيني، وليس باسم حماس، وتحت شعار «فك الحصار عن القطاع والحكومة»، هل ذهبت حقا إلى وزارة المال، أم ذهب إلى صناديق أخرى. ولمن خانته الذاكرة، فإن في ملفات القضاء الفلسطيني، قضية قيادات في حماس وفي حكومتها، وأعضاء في كتلتها البرلمانية، تسلموا في الخارج مبالغ من المال، باسم السلطة والحكومة، وعادوا بها إلى غزة، ولم يحولوها، حتى الآن إلى وزارة المال. ولا نذيع سرا حين نتحدث عن ملايين الدولارات التي صبت في صندوق حماس من عواصم عربية ودولية، ما يدفعنا للسؤال: إذا كانت بضعة آلاف من الدولارات كافية للضغط على المواقف السياسية للجبهة الديمقراطية، فماذا يمكن، إذن، أن تفعل الملايين في مواقف حماس، خاصة وأنه، على قاعدة هذه الملايين قامت الامتيازات والمكاسب الفردية.
في السياسة
يقول بعض كتاب الملف في الرسالة إن الجبهة الديمقراطية تضع قدما في المعارضة وقدما في السلطة. وهذا توصيف بسيط وساذج، وخارجي، وسطحي لسياسة الجبهة وأدائها. إن سياسة الجبهة تنطلق من الدعوة لإستراتيجية سياسية بديلة، ليس لسياسة السلطة في رام الله فسحب، بل وكذلك لسياسة حركة حماس في القطاع. فكثير من أوجه الشبه بين السياستين، وأهم وجه من هذه الأوجه أن الطرفين كل من موقعه، وبأسلوبه، يغلب متطلبات السلطة والحكم، على غيرها من المتطلبات السياسية الأخرى، ويزن البدائل بميزان الامتيازات التي تقدمها له السلطة.
للجبهة ممثل في الحكومة، لكنه يمثل سياسة الجبهة داخل وزارته وداخل الحكومة ولا يمثل سياسة الحكومة داخل الجبهة. ونعتقد أن من تابع تصريحات ومواقف وزيرة الشؤون الاجتماعية في حكومة فياض، بإدارة الوزيرة ماجدة المصري، وتابع أداء وزارتها، في الضفة كما في القطاع، يلمس جيدا الدور المميز الذي تلعبه هذه الوزارة، في أداء حكومة فياض.
وللجبهة ممثل في اللجنة التنفيذية، ومواقفه السياسية العلنية والموزعة على النطاق الإعلامي الواسع، ناطقة بما فيها، وكذلك تنطق بوضوح تصريحات ومواقف ممثل الجبهة في المجلس التشريعي الرفيق قيس عبد الكريم (أبو ليلى).
ونعتقد أن اتهام الجبهة بأنها تضع قدما في المعارضة وقدما أخرى في السلطة يفقد أثره حين يأتيها من طرف سياسي بات جل همه أن يديم إقامته في السلطة ولو على حساب المصلحة الوطنية العليا.
الانقسام والمسؤولية عنه
لا يفيد كثيرا اتهام الجبهة بأنها لا تتخذ المواقف الصائبة من مسألة الانقسام. فهذا الاتهام لن يغطي على مسؤولية حماس التي قامت بالانقلاب يوم 14/6/2007، وأحدثت هذا الانقسام في الحالة الفلسطينية. وهي مسؤولية رئيسية مهما حاولت أن تتبرأ منها وأن توزع المسؤوليات على الآخرين، بذريعة أننا جميعا مسؤولون عن البحث عن المخارج لأزمة الانقسام.
الجبهة أدت دورها، السياسي والدبلوماسي والجماهيري ضد الانقسام، وكانت أول من قدم مبادرة لإنهائه، بعد أيام قليلة على وقوعه. كما تحملت مسؤولياتها في الحوار الوطني في القاهرة لتطبيق الورقة المصرية. ولكن على أصحاب الاتهامات أن يتذكروا جيدا أن ما يتم الاتفاق عليه جماعيا، سرعان ما يتم نسفه ووضع اتفاقات بديله عنه،حين يلتقي الطرفان «فتح وحماس». وأن ما يتم الاتفاق عليه حتى بين الاثنين، لا يتم الالتزام به منهما بالذات. مثال على ذلك اتفاق الدوحة بين الرئيس عباس ومشعل، ثم بروتوكول القاهرة لتطبيق اتفاق الدوحة، بين أبو مرزوق وعزام. ترى من عطل تطبيق ما تم الاتفاق عليه بينهما. ومن المسؤول عن عرقلة الوصول إلى الحل، هل الأطراف الممسكة بالسلطة وبالقرارات هنا وهناك، أم الأطراف المعارضة التي لا صلاحية سلطوية لها. نعتقد أن مستوى الوعي لدى أبناء الشعب الفلسطيني لم تعد تنفع معه سياسة ذر الرماد في العيون، لا عبر «الرسالة» ولا عبر أي وسيلة أخرى.
أخيرا وليس آخرا، كنا نتمنى على «الرسالة» أن تفتح ملفات بعيدا عن المناكفات والألاعيب الصبيانية. لماذا لا تفتح ملف الفساد في القطاع. وملف البطالة والفقر المتزايد، ومظاهر الثراء المتزايد هو الآخر. وملف الكهرباء و«الأسرار» التي تقف خلف انقطاع التيار. وملف المساعدات التي تفد إلى القطاع، من أصدقاء الشعب الفلسطيني، وكيف توزع وعلى من وفي أية مستودعات تخزن، وكيف بقدرة قادر، تظهر في اليوم التالي في مخازن مدينة العريش؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.