قناة السويس أثناء حرب النصر من منطلق دفاعنا عن الأمن القومي المصري، قررنا فتح هذا الملف الشائك، حيث نطرح السؤال الأخطر على الساحة تزامنا ومرور 39 عاما على انتصار أكتوبر العظيم، والذي كانت نقطة الانطلاقة الرئيسية لتحقيقه، هي قناة السويس عندما شهدت عبور الجيش المصري لأخطر مانع مائي فى التاريخ، في ظل سيطرة العدو الصهيوني على ضفتها الشرقية، وتحويل شطئانها إلى ساتر من قنابل النابالم، الذي توهم العدو أنه سيمنع الجندي المصري من العبور إلى الضفة الشرقية، ولكن الأوهام تحولت إلى كوابيس لا زال العدو يعاني منها حتى الآن. والسؤال هو: هل قناة السويس نعمة أم نقمة؟ بصيغة أوضح: هل قناة السويس خطر على الأمن القومي؟ وقبل أن نتطرق مع الخبراء للتوصل إلى إجابات للسؤال الخطير، علينا ألا نغفل أن قناة السويس لا تزال تعد موردا أساسيا للدخل القومي المصري، كما لا يجب إطلاقا أن ننسي تصريحات سبق وأدلي بها الفريق أحمد شفيق - رئيس وزراء مصر الأسبق، وكشف فيها - ربما دونما قصد منه - أن القناة ليست ملكية مصرية خالصة، وأن أسهمها يشارك في ملكيتها جهات محلية أو خارجية، على الرغم من مفروضية كونها ملكية عامة لمصر، حكومة وشعبا. الإجابة تأتينا صاعقة على لسان "علاء سعد" - المحلل السياسي - حيث يؤكد أن قناة السويس هي بالفعل خطر على الأمن القومي المصري، ويشرح وجهة نظره تلك بقوله: تكمن خطورة القناة في أنها مانع مائي ما بين بين الشرق الذي هو سيناء وبين الغرب الذي هو الدلتا، وقد تعلمنا فى جميع كتب الاستراتيجيات العسكرية أن الحرب في ظل وجود مانع مائي تعتبر أكثر صعوبة وتتطلب إستعدادت إضافية، بل واستثنائية. أيضا لا ننسي أن القناة حتي في حالة السلم , تعتبر عائقا أمام حماية الأمن القومي المصري، لأنها في حقيقية الأمر خاضعة لمعاهدة دولية، وبحيث لا يجوز لنا إغلاقها إلا في حالة التهديد المباشر علي مصر تماما كما حدث قبيل نكسة يونيو، أي أن الأولوية للسيطرة على قناة السويس هي للدول الموقعة على المعاهدة قبل أن تكون لمصر. الأخطر من ذلك أن القناة ذاتها تعتبر بالنسبة للغرب ممرا حيويا مباشرا لوصول الدعم اللوجيستي لصالح العدو الصهيوني حال نشوب أية اشتباكات معه، أو فى حالة تعرض منطقة الشرق الأوسط لغزو خارجي، على الرغم من كونها بالأساس جزء من العمق المصري. ويستشهد "علاء سعد" بالتاريخ مشيرا إلى أن التمهيد لزرع العدو الصهيوني بدأ , منذ عهد الزعيم محمد علي، حيث شن الغرب حربا ضارية علي الجيش المصري حتى دمره تماما وحطم الأسطول المصري الأكبر فى تاريخنا الحديث وذلك في معركة نفارين، حينها تحولت مصر من إمبراطورية عربية إلي مستعمرة غربية. وكانت الخطوة التالية من ضمان إبقاء الأمن القومي المصري تحت إبهام الدول الغربية، هي حفر قناة السويس، وحيث توالت العروض على الباب العالي ومحمد علي والخديوي إبراهيم وكانت هذه العروض تقابل دوما بالرفض، حتى قبلها الخديوي إسماعيل، وحينئذ ولأول مرة فى تاريخ المنطقة: إنفصل شرق الدولة الإسلامية عن غربها..!!! وبعدها بعقود قليلة تم غرس الكيان الصهيوني فى قلب الشرخ الذي دب فى العالم الإسلامي ككل، وحيث بدون هذا الفصل "الشرخ" ماكانت إسرائيل لتقوم لها قائمة. حتى رحلات الحج البرية التى كانت تبدأ من دول المغرب العربي مرورا بمصر إلى الأرض الحرام توقفت واضطر المسافرون إلي السفر بالطيران أو عن طريق البحر. مفاجأة جديدة يلقيها "سعد" فى وجوهنا عندما يكشف أن حل هذه الإشكالية العسكرية - التاريخية، لن يكون الحل كما يراه "سعد" لن يكون بتعمير سيناء بشريا واقتصاديا، كما كان يظن الكثيرون، قائلا: إن هذا من أكبر المخاطر , لأنه سوف ينقل الكتلة البشرية ومعها جانب كبير من العمق الإستراتيجي لمصر من الدلتا إلي سيناء , وبدلا من أن تحتاج إسرائيل إلي 24 ساعة للوصول بريا إلي نقطة تهديد مباشره للعمق , فهي من حدودها تستطيع ان تهدد العمق الجديد في سيناء فى دقائق. وأضاف: ليس بالإمكان تعمير سيناء إلا إذا كنا قادرين علي حماية من فيها , وهذا لا يتأتي إلا بتواجد الجيش الثاني بكامله في سيناء، ومن ثم بسط سيطرتنا التامة علي أرضنا فى جناحها الشرقي، وهو ما لايمكن أن يتم إلا بتعديل اتفاقية السلام، ولكن هذا أمر مرفوض تماما من جانب الكيان الصهيوني، ببساطة لأن تواجدنا بكامل قواتنا وعتادنا في سيناء يعني ببساطة أننا أصبحنا فى بطن إسرائيل..! وفى تعليق منه، أكد اللواء "طارق حبيب" - الخبير الاستراتيجي - أن نظرية المانع المائي المضاد للعمق الاستراتيجي، تنطبق تماما على قناة السويس التى تحول جيش مصر إلى هدف سهل لقوات أي عدو يهاجمنا من الحدود الشرقية، فى ظل قدرة هذه القوات على قطع خطوط الإمداد والتموين بالعتاد والذخائر والمهام العسكرية، بين جيوش مصر الثلاثة. وأشار إلى أنه إذا اضطرتنا المجريات التاريخية لخوض حرب وأردنا تحقيق الانتصار فيها على الكيان الصهيوني أو أي جيش معاد يحاول غزو مصر عبر حدودها الشرقية فإن هذا النصر لن يتم إلا فى حالة اختفاء قناة السويس.