نشرة التوك شو| أزمة تعديلات قانون الإيجار القديم وعقارات كورنيش الإسكندرية مهددة بالانهيار    "فوز الأهلي واليونايتد".. نتائج مباريات أمس الخميس 8 مايو    بعد تعيينه في الجهاز الفني للزمالك.. أحمد سمير يفسخ تعاقده مع فريق الأولمبي السكندري    تويوتا كورولا كروس هايبرد 2026.. مُجددة بشبك أمامي جديد كليًا    مصر تنضم رسميًا إلى الاتحاد الدولي لجمعيات إلكترونيات السلامة الجوية IFATSEA    بيل جيتس ينوي إنفاق قسم كبير من ثروته على الأعمال الخيرية    رسميًا.. موعد صرف معاشات شهر يونيو 2025 بعد قرار التأمينات (اعرف هتقبض كام؟)    في خطوة لخفض التصعيد، باكستان والهند تجريان اتصالات على مستوى مجلسي الأمن القومي    الهباش ينفي ما نشرته «صفحات صفراء» عن خلافات فلسطينية مع الأزهر الشريف    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    بعد بيان الزمالك.. شوبير يثير الجدل برسالة غامضة    النيابة تعاين حريق شب داخل مقر الشركة القابضة للأدوية بالأزبكية    حبس 5 متهمين لسرقتهم السيارات والدراجات النارية بالتجمع    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    بجائزة 50 ألف جنيه.. محمد رمضان يعلن عن مسابقة جديدة لجمهوره (تفاصيل)    7 يونيو.. جورج وسوف يُحيي حفلًا غنائيًا في لبنان بمشاركة آدم    منح الدكتوراه الفخرية للنائب العام من جامعة المنصورة تقديرًا لإسهاماته في دعم العدالة    ملف يلا كورة.. فوز الأهلي.. رسائل الرمادي.. وتأجيل حسم أزمة القمة    أموريم: الدوري الأوروبي يختلف عن بريميرليج.. ومواجهة توتنهام ستكون رائعة    «الأسقفية الأنجليكانية» تهنئ الكنيسة الكاثوليكية بانتخاب بابا الفاتيكان    عهد جديد من النعمة والمحبة والرجاء.. الكنيسة الكاثوليكية بمصر تهنئ بابا الفاتيكان    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    في عطلة البنوك .. آخر تحديث لسعر الدولار اليوم بالبنك المركزي المصري    كيفية استخراج كعب العمل أونلاين والأوراق المطلوبة    دراسة: 58% يثقون في المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    الأهلي يتفق مع جوميز مقابل 150 ألف دولار.. صحيفة سعودية تكشف    موعد مباراة بيراميدز ضد البنك الأهلي في الدوري    مؤتمر النحاس: نلعب مباراة كل 4 أيام عكس بعض الفرق.. ورسالة لجماهير الأهلي    عاجل- مسؤول أمريكي: خطة ترامب لغزة قد تطيح بالأغلبية الحكومية لنتنياهو    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    موجة شديدة الحرارة .. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس اليوم الجمعة 9 مايو 2025    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    كيم جونغ أون يشرف على تجربة صاروخية ويؤكد جاهزية السلاح النووي    متحدث الكنيسة الكاثوليكية: البابا الجديد للفاتيكان يسعى لبناء الجسور من أجل الحوار والسلام    المخرج رؤوف السيد: مضيت فيلم نجوم الساحل قبل نزول فيلم الحريفة لدور العرض    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    حدث في الفن- انهيار كارول سماحة ونصيحة محمود سعد بعد أزمة بوسي شلبي    مفاجأة بعيار 21 الآن بعد آخر تراجع في سعر الذهب اليوم الجمعة 9 مايو 2025    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    سهير رمزي تعلق على أزمة بوسي شلبي وورثة الفنان محمود عبد العزيز    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. انتخاب الكاردينال الأمريكى روبرت فرنسيس بريفوست بابا للفاتيكان.. إعلام عبرى: ترامب قرر قطع الاتصال مع نتنياهو.. وقيمة عملة "بتكوين" تقفز ل100 ألف دولار    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القارئ سامي الطاهر يكتب: معركة 56 – 67 حرب واحدة
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 06 - 2011


لماذا توقف غزو بورسعيد فجاه
ايزنهاور يدعى انه امر بوقف الحرب.. بعد توقفها فعلا.
بولجانين ينافق العالم الثالث فى 56 ثم يتخاذل تماما فى 67
لماذ انسحبت اسرائيل تحت جنح الظلام من قطاع غزه؟
امريكا تضع خطه الديك السمين امتدادا للحرب 56.
عبد الناصر يستجيب لمؤامره 67 ويغلق الممرات .
لم أتمكن من المشاركة في حرب 56 لوجودي خارج البلاد، اما في حرب 67 فقد تم استدعائي للمشاركة في الحرب وعايشت الأحداث من داخلها وشاهدت واستمعت وقرأت كثيراً فيما قبل الحرب وما بعدها. والآن، وبعد مروراكثرمن ثلاثين سنة علي حرب 67، مازالت تسيطر كثير من المفاهيم الخاطئه علي فكر المعاصرين من جيلي.
فالجميع في مصر والعالم العربي يعتقدون بان الولايات المتحده الامريكيه هي التي اوقفت حرب 56، كما يعتقد البعض أن الانذار الروسي هو الذي اوقف الحرب ولم يأخذوا الامرمأخذ النفاق السياسي من الجانبين.
كما لم يلحظ احد نجاح الحكومه المصريه في الإستفادة من هزيمه عرابي سنه 1882 للتجهيز لمعركه 1956، وفشل نفس الحكومه في قراءه التجهيزات الاوربيه والامريكيه والإسرائيلية لمعركه 67 فيما عرف بخطه الديك السمين.
درس من التاريخ
كنا شبابا نمتلئ حماساً ضد احتلال الجيش البريطاني لمصر، وكنا ندرس في مادة التاريخ أن هذا الوجود هو نتيجة لاستدعاء حاكم مصر، "الخديوى توفيق" للسفراء الاجانب لمساعدته ضد "عرابي" الذي قاد تمرداً ضد الخديوي سنة 1882.
لقد صدت استحكامات الجيش المصري في كفر الدوار الجيش الإنجليزي من التقدم والذي انسحب سريعاً الي مراكبه بميناء الإسكندرية واقلع بحراً في اتجاه الشرق إلي قناة السويس.. لقد أراد "عرابي" ردم القناة (وعقد مؤتمرا عسكريا في اواخر يونيه1882 للنظر في امر قناه السويس، فاجمع الرأي علي وجوب تعطيلها بحيث لايستطيع الجيش الإنجليزي اجتيازها) فلما علم بذلك "المسيو ديليسبس"، المهندس الفرنسي الذي حفر القناة، (أرسل الي "عرابي" مؤكدا في تلغراف له، ان الإنجليز يستحيل ان يدخلوا القناه، فإنخدع "عرابي" بهذا التلغراف رغم تحذير اخوانه له. كما ارسل له تلغرافا آخر (لا تعمل عملا لسد قناتي فاني هنا ولا تخش شيئا من هذه الناحيه اذ لا ينزل جندي انجليزي الا ويصحبه جندي فرنسي وانا المسئول عن ذلك).
وهذا لم يحدث، إذ دخل الأسطول الإنجليزي قناة السويس حتى منتصفها في بحيرة التمساح، حيث أنزل جنوده علي ضفاف قناة السويس. ولم يتمكن "عرابي" من نقل استحكاماته من غرب الدلتا إلى شرقها بنفس السرعة مما أدى إلى الهزيمة واحتلال مصر.
ما قبل معركة 1956
بعد انتهاء الحرب العالمية سنة 1945، خرجت أوروبا ممزقة مرهقة من الحرب العالمية، وانشغلت بإعادة تعمير مدنها المدمرة وبنيتها الأساسية ومصانعها. وتزايدت حاجتها إلي البترول من منابعه في السعودية والكويت ماراًُ بقناة السويس.
في سنة 1956 وعلي ضفتي قناة السويس استرخي الجنود الإنجليز مطمئنين إلي رتم الحياة اليومي. كما لم يخطر ببال أحد في اوروبا وأمريكا، ولو لوهله، إلي أي مخاطر محتملة تمس البترول سواء من منابعه في الخليج او في طريقة عبر قناة السويس الي اوروبا. فالأصدقاء العرب سعيدون ببحر الخير الذي تفجر من تحت أقدامهم، وقناة السويس في أيد فرنسية أمينة تدير العمل في قناة السويس بكفاءة وتسيطر عليها تماما.
كان مطلب التحرر والاستقلال من المستعمر الأوروبي، مطلبا لشعوب جميع المستعمرات في أفريقيا واسيا – والغريب انه كان مطلبا لشعوب اوروبا التحرر من قبضة طبقة اللوردات ورجال المال والصناعة، وهكذا ظهرت في العالم قيم أخلاقية واقتصادية جديدة.
وعند قيام "عبد الناصر" بثورته سنة 1952 وطرده للملك "فاروق" وإعلان الجمهورية، كان يمكن "لعبد الناصر" ان يقود مصر للعمل والبناء بهدوء ضمن المنظومة العالمية، لكن وجود الكيان الصهيوني بالمنطقة قلب الأوضاع تماماً – فهذا الكيان يخشي قيام مصر القوية الجديدة، كما خاف العالم العربي والإسلامي من الهيمنة اليهودية علي اقتصاده.
لذا، كان الصراع حتميا بين العرب واليهود، مما أدي الي وقوف العالم الغربي بأكمله لمساندة الدولة الإسرائيلية ضد المشاعر الوطنية للعالم العربي والإسلامي. هذا يفسر كيف كانت المفاوضات صعبة للغاية بين الحكومة المصرية والحكومة البريطانية في موضوع جلاء الجيش البريطاني عن قناة السويس: لقد كان "ونستون تشرشل"، داهية وعبقرية السياسة الإنجليزية، المحرك الرئيسي في توجيه فتاه المقرب "ايدن" في المفاوضات – عينا علي إسرائيل وعينا علي القناة – والمدهش ان كل ما توقعه "تشرشل" قد تحقق واستولت مصر علي قناة السويس.
تداعيات المعركة
كانت مفاجأة إعلان تأميم قناة السويس في يوليو سنة 1956 صدمة للعالم أشعلت نار الغضب في كل مكان. وران الدب الروسي بعينه مبتسما شماتة في العالم الغربي.
لما يمضي بضعة اشهر علي انسحاب أخر جندي بريطاني عن بر مصر حتى وجدت بريطانيا نفسها مضطرة للرجوع إلى مصر.. ودقت طبول الحرب وتكدست الدبابات وناقلات الجنود في جزيرة قبرص استعدادا للغزو.
وعقد مؤتمر لندن العالمي وكان ابرز حضوره وزير خارجية أمريكا "دالاس". إن النمر الأمريكي يزمجر، ولا تجدي محاولات "كريشنامينون" وزير خارجية الهند في الدفاع عن مصر. فتم إرسال رئيس وزراء استراليا إلى مصر منذرا متوعدا بالحرب ، ولكنه فشل في تخويف "عبد الناصر"، وخرجت بعض الصحف القاهرية تصفه بالبغل الأسترالي.. إنها الحرب لا محالة.
كان درس "عرابي" وخديعة "ديليسبس" له كامنة في الضمير المصري، وبرزت تفاعلات هذا الدرس في نشاط محموم لأستاذ تاريخ مصري هو "الدكتور حفناوى" الذى ألف كتاباعن قناة السويس. ونتيجة لذلك، كدست الحكومة المصرية بعض السفن والصنادل والكراكات القديمة في بحيرة التمساح في منتصف القناة بنية إغلاق القناة بإغراق هذه الخردة موزعة بطول القناة.
العالم الغربي كان يعرف بما تعزم عليه حكومة مصر من إغراق سفن في القناة. وخرجت الصحف الفرنسية بكاريكاتير يصور عبد الناصر غارقاً في القناة وانفه الضخم فقط يتنفس فوق الماء. وقدرت أوربا أن هذه الحرب مجرد نزهة ستنتهى فى بضعة ايام ويتم رفع الخردة وفتح القناة فورا، وكان هذا هو الخطأ القاتل بالنسبة لاوربا.
معركة 1956
وقامت المعركة بالغزو الثلاثي لمصر .. ولكنها ما أن بدأت حتى توقفت في بضعة أيام . وانسحب الجميع مهرولين. إسرائيل تركت سيناء بالكامل، وجلا الإنجليز والفرنسيون عن بور سعيد.. أي حرب هذه؟! وأي حلم هذا؟!
هكذا بدون مفاوضات أوشروط – خرج عبد الناصر منتصراً دون أن يطلق رصاصة واحدة – وانفجر العالم الثالث المظلوم مهللا فرحاً في جميع أنحاء العالم.
لقد كانت تداعيات الحرب ونتائجها كآلاتي :
1. علي الجانب المصري صاح "عبد الناصر" من علي منبر الجامع الأزهر صيحته الشهيرة بصوت مملوء بالانفعال (ح نحارب ) ووقفت عربات الجيش المصري محملة بصناديق البنادق الجديدة يوزعها الجنود علي أفراد الشعب.. ورفض "عبد الناصر" مقابلة مجموعة من قدامي السياسيين وبعض من زملائه الذين وقعوا علي وثيقة تطالبه بالتنحي.
لقد توقعت اوروبا وأمريكا انهيار النظام المصري والاستسلام الكامل لقوى التحالف الغازية لقناة السويس – ولكن لم يحدث انهيار النظام في مصر.
2. أما علي الجانب الأوروبي فكانت النكسة – لقد بدأت المعركة في أكتوبر وبوادر الشتاء تلفح شوارع لندن وباريس وبرلين – لم تكن محطات الكهرباء النووية قد اخترعت. ولم يكن هناك مخزون استراتيجي من البترول. وأصبحت محطات توليد الكهرباء والمصانع في كل اوروبا مهددة بشدة. وتوقفت السيارات والشاحنات طوابير أمام محطات البنزين – وتكشفت المأساة.. لقد اغلق "عبد الناصر" قناة السويس، شريان الحياة إلى اوروبا. وتحولت ناقلات البترول لتلتف حول جنوب أفريقيا – واي ناقلات هذه: صغيرة ضئيلة ذات حمولات متوسطة 20 آلف طن، واضطرت أمريكا الي تشغيل ناقلاتها في خدمة اوروبا عبر المحيط الاطلنطى.
وهكذا فعندما دخل "جي موليه " و"ايدن".. كل ليواجه شعبه في مجلسه النيابي قوبلا بالصفير والاستهزاء.
لم يكن أمام الرجلين إلا هدفاً واحداً لا بديل عنه وهو تطهير قناة السويس فوراً وفتح الممر المائي لاستمرار تدفق البترول.
وكان أمامهما أحد اختيارين:-
• أولهما استكمال الحرب التي بدآها، ولتكن ساحقة ماحقة. ويتم التطهير تحت حراسة حربية مشددة.
• وثانيهما أن تتوقف الحرب فوراً. ويتم التطهير في ظروف هادئة تسمح بإنجازه في اقرب وقت.
وقد اختارا توقف الحرب لأنها الطريق المضمون لسرعة تطهير القناة بدلا من الاستمرار في مغامرة ابتدأت بسوء التقدير أو قل بسوء النحس.. لم يكن أمامهما وقت لاعادة الحسابات.. فموقف امداد البترول حرج جدا جدا.
3. وعلي الجانب الروسي فقد قدرت موسكو الورطة التي وقعت فيها اوروبا. وان الحرب ستتوقف لا محالة. فخرج علينا "بولجانين" بإنذاره الشهير باستعمال الصواريخ النووية ضد الغرب إذا لم يوقف تعديه – موقف نفاق هو لا ينويه ولا يقدر عليه. ولكنه يريد أن يكسب موقفاً سياسياً في العالم الثالث.
وإنطلت اللعبة علي الجماهير المذعورة وهللوا إعجابا بالاتحاد السوفيتي.
(وان كان الحال فد تغير تماما فيما بعد مما هو معروف من مسانده الاتحاد السوفييتي لمصرفي بناء السد العالي وحرب الاستنزاف وغيره الكثير)
4. أما علي الجانب الأمريكي فقد كان في جعبة الحاوي الكثير ليلعب به. وهو دائما جاهز (لملء الفراغ). فإذا كان ولابد من الانسحاب، فقد عملت أمريكا وكأنها البطل المنقذ حامل لواء العدل والشهامة والمحبة للأمم الفقيرة؟! وهكذا وحتي يستر الانسحاب المهين لشركائه في اوروبا، فقد خرج علينا الرئيس "ايزنهاور" مندداً بالعدوان آمرا بوقف الحرب – نفس موقف النفاق السياسي الروسي– وكان لأجهزه الدعايه والمخابرات الأمريكية القدرة علي إقناع العالم بأن تدخلها المباشر هو الذي أوقف الحرب وأدي لانسحاب الجيوش الأوربية والإسرائيلية.. وكان لهم في مصر كتاب كبار روجوا بأن المصالح الأمريكية عملت باستمرار علي تنحيه النفوذ الإنجليزي الاستعماري والحلول مكانه. وتصوير الامر كأنه مؤامرة أمريكية ضد الإنجليز!
5. أما عن نتائج المعركة فقد وصل "هويلر" منسق التطهير ومعه الأوناش والمعدات اللازمة واشترك معه طاقم غطاسين من مصر. ومع انسحاب الحلفاء من بورسعيد، وانسحاب إسرائيل من كل سيناء، فقد تأخرت إسرائيل في الانسحاب من قطاع غزة، والذي كان تحت الحكم المصري، وهذا أدى إلى تأخير إخراج آخر سفينة بعلل فنية أبداها الغطاسون المصريون. – ويحكي سكان غزة بأنهم استيقظوا ذات صباح ليجدوا القطاع وقد خلي تماماً من الإسرائيليين – فتم رفع السفينة وفتحت القناة للعبور.
وفي حساب المكسب والخسارة، فقد كسبت مصر القناة، ولكنها اضطرت مجاملة لأمريكا، أو تحت الضغط العصبي لظروف الحرب، كذلك الإجماع الدولي علي فتح الممرات للملاحة الدولية – اضطرت مصر للسماح بعبور السفن الإسرائيلية في مضيق تيران متجهة إلى ميناء ايلات علي قمة خليج العقبة. وقد كلف ذلك "عبد الناصر" الكثير من استهزاء واستخفاف الدول العربية في معركة النفوذ التي ظهرت بوادرها لاصطياد "الديك السمين" فيما عرف فيما بعد بحرب سنة 1967.
حرب 67 ( حرب الأيام الستة )
انقلبت الموازين تماماً في المنطقة واصبح "عبد الناصر" يمثل خطراً حقيقياً على المصالح الأوروبية والأمريكية – فوضعت خطة "الديك السمين" فوراً علي محورين:
المحور الأول أن تفقد قناة السويس قيمتها كممر مائي للبترول إلى اوروبا.
• فبدأ العمل فوراً في استخراج البترول غرب قناة السويس.فكان ضخ البترول من ليبيا سنة59 ومن الجزائرسنة60 ومن نيجيريا سنة 61 ومن بحرالمانش سنة62.
• وارتفعت حمولات ناقلات البترول إلى 50 ألف طن وتزايدت حتي 500 ألف طن للناقلة حتي يمكنها الالتفاف حول أفريقيا بتكلفة اقتصادية.
• كما مدت أنابيب البترول عبر الصحراء لتصب في البحر المتوسط مباشرة.
• وفي اوروبا جري التخزين الاستراتيجي للبترول ليس فقط في خزانات ضخمة ولكن أيضا في المناجم القديمة .
• كما تم التوسع في بناء محطات الكهرباء النووية ..
وهكذا فعندما تم إغلاق القناة مرة أخرى سنة 67 كانت قد فقدت قيمتها تماماً .
واعتمد المحور الثاني علي إرهاق "عبد الناصر" معنوياً وحصاره اقتصادياً –
• وهكذا فقد تم تنصيب شخصية عربية متميزة ومرموقة مقابل شخصية "عبد الناصر" لتخاطب جماهير الأمة العربية بشعارات موازية ، منها شعار المؤتمر الإسلامي مقابل شعار القومية العربية – وليس مصادفة أن نري في الصحف يوم 4 يونيو سنة 67 صورة "الملك فيصل" وبجواره ملكة بريطانيا يخترقان شوراع لندن في العربة الملكية الحمراء تجرها وتحيط بها خيول الحرس الملكي البريطاني بكل فخامتها – الملك العربي والملكة البريطانية يرفعان يدهما بالتحية لجموع الشعب البريطاني علي جانبي الطريق .
• وعملت جميع أجهزة البث الإذاعي باللغة العربية في العالم كله علي تشويه كل عمل يتم في مصر . فهاجمت القوانين الاشتراكية والسد العالي وقوانين الأزهر وغيره .
• وبادلتهم الإذاعة المصرية وخاصة صوت العرب السباب كما هيجت عليهم شعوبهم .
• وكانت الضربات موجعة بين كل الأطراف . فقد قامت ثورة العراق . وقتلت العائلة المالكة .كما قتل رئيس وزراء الأردن الذي كان في زيارة لبغداد. وقامت ثورة اليمن وثورة ليبيا والثورة في الجزائر وتونس ضد فرنسا.
• وفي المقابل فقد أرهقوا الجيش المصري في اليمن بحرب العصابات وتمكنوا من فض الوحدة بين مصر وسوريا ..
• وكان اكثرما يغيظ "عبد الناصر" هو معايرته بفتح مضائق تيران للملاحة الإسرائيلية . ومعايرته بقفل حدوده عن التعامل مع العدو الصهيوني . مما أدى إلى تصرفاته التي اعتمدت عليها إسرائيل لشن حرب 67 .
ولا يفوتني ان اذكر انه في سنة 1960 تحديداً تم تسريب خبر عن حشود إسرائيلية على الحدود السورية وكان رد الفعل المصري الطبيعي تحت ظروف الوحده بين مصر وسورياهو نقل وحدات من الجيش المصري إلى سيناء. وكان هذا الاختبار كافيا لإطلاق نفس الخبر سنة 1967 لينتقل الجيش المصري الي سيناء.
لقد تم بقيادة أمريكيه وفعاليه إسرائيليه وضع الخطوط العامة لمعركة القضاء علي "الديك السمين"، بعد معركة 56 مباشرة . فالحرب لم تنته بعد وهي مستمرة، ولكن التجهيزات استوجبت 10 سنوات .
عبد الناصر مسئول شخصيا ومنفردا :
كان "عبد الناصر" قد أرهق بما فيه الكفاية وتصور أن بمقدوره أن يوجه ضربة موجعة للعالم الغربى يستعيد بها مكانته، ويقضى بضربة معلم على خصومة العرب فى كل مكان اراد عبد الناصر تكرار ضربته الرائعه بتأميم القناه التى رفعته الى عنان السماء. أنه لم يكن يريدها حربا، ولكن استعراض قوة، بنقل الجيش المصري إلى سيناء.. بتفاصيل واضحة على صور الجرائد المصرية وبروبوجاندا تظهر الطيران والبحرية اكبر قوة ضاربة.
وكان خطأ مصر ان أجهزة المخابرات والدراسات الاستراتيجية المصرية (وكانت حديثه التكوين) لم تقرأ بتاتاً أوراق المعركه المقبله.. فلم تلحظ المغزي من نقل البترول غرب القناة، ومن مد خطوط البترول عبر الصحراء، ومن نبأ الناقلات الضخمة، ومن السحب المبالغ فيه لكميات البترول. وبالجملة لم تفسر السبب في انخفاض عدد ناقلات البترول العابرة للقناة. كما لم يلحظ أحد العلاقة بين خبر الحشد الإسرائيلي على الحدود السورية سنة 60 ونفس الخبر سنة 67.
تمادى عبد الناصر فى تصوراته بأن الغرب لن يجرؤ على مهاجمته، والغى من جانب واحد اتفاقيات عبور الممرات وتواجد قوات الامم المتحده فى سيناء. فامر بدون مبرر بإغلاق مضايق تيران نكاية في زعماء عرب تبادلوا معه السباب والمغايظة طويلا.لم يكن عبد الناصر يدرى انهم يسحبوه الى الحرب.ان تصريحه الشهير " أن تشربوا من البحر الأبيض إذا لم يعجبكم البحر الأحمر " هو دلالة ثقة مبالغ فيها لاتعتمد علي احتمالات حرب . ولكن تقديره أن العالم الغربي لا يجسر علي مهاجمته مرة أخرى بعد درس إغلاق القناة سنة 1956.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.