د. سرحان سليمان أحيانا يعجز القلم عن وصف واقع ما، ليس لأنه غير مؤثر، لكن لان واقعه لا يستطيع القلم وصفه، ويكون الحديث فيه باختصار ابلغ من ملئ الصفحات، فعندما تذهب إلى مكان ما، وتجد من فيه يشربون القهوة بمبلغ مرتب موظف في الشهر، فلا تتعجب من المبالغة، فليس سعر القهوة غالى كما بدر إلى ذهنك، بل لان نرتب الموظف في الحقيقة لا يتعدى 70 جنيه في الشهر، وهنا سيفاجئك حديثي، وتستغرب، مرتب موظف بهذا المبلغ، وبعد الثورة؟ ولماذا لم يتم تعديل هذا الوضع الغريب الذى لا يقبله عقل؟ ولابد أن أقول لك -بعد استغرابك- استكمالا، حتى تكتمل لك الصورة، هذا الموظف حامل للماجستير أو الدكتوراه، ويعمل مؤقتا لفترة اكثر من عشرة سنوات بهذا المرتب، ففي هذه الحالة لابد لك أن تصيح وتثور، ولا تجد ما تعلق به، وتصمت. السيد رئيس وزراء مصر المحترم والقدير، هل تعلم أن زيارتك للمترو وتصويرك به وسط الركاب، كأنك رجل بسيط وتتابع الأحداث بنفسك، هل تعلم أن ذلك لا يهمني، ولا يهم الرجل البسيط، فهذا عملك قمت به ام لم تقم به، فهذا قراراك !! واذا كنت تقوم بزيارة مفاجئة لأقسام الشرطة في الفجر، لتتابع بنفسك العمل بها، فهذا أيضاً لا يفيد طالما بداخل المعتقلات سجناء سياسيين، واذا كنت لا تعلم أن هناك موظفين بالدولة – تحت مسؤوليتك- يتقاضون 70 جنيه في الشهر، وآخرون يتقاضون 5 مليون في السنة أو اكثر، فتلك مصيبة كبرى، واذا كنت تعلم، فتلك مصيبة اكبر، لكنى اعرف انك تعلم، لكنك تدرس الموضوع، خاصة أن الموازنة بها عجز ولا يوجد موارد !! ولا ادرى لماذا يظهر العجز عند مساعدة الفقراء والعاطلين، وحملة الماجستير والدكتوراه الذين يتقاضون 70 جنيه شهريا، ولا تتذكره عندما ترى أن هناك موظفين يتقاضون تلك الملايين؟ أليست هي ميزانية واحدة، فليس لدى شك أن معاليك والمسؤولين بمصر، يعلمون تلك المشكلات لكنهم في مرحلة التغيير والأمر يحتاج وقت !! يا سيدى الأمر لا يحتاج وقت، بل يحتاج لجرأة ويحتاج لضمير، فالعدل اذا ارتم أن تقيموه فان الأمر واضح، ولا يحتاج إلا قرارات فورية اذا أردت، فهؤلاء الفقراء والمؤقتين، ومن ذكرتم، مواطنين درجة ثانية في تصوركم على ما يبدو، ولا يستطيعون التأثير على أصحاب القرار، لكنى في النهاية أقول للرئيس، ولرئيس الوزراء، أنكم من الشاهد لهم بالتدين، والحرص على إقامة العدل، وهؤلاء المظلومين سيفوضون أمرهم لله ، ويدعون عليكم، حتى تنظرون بعين العدل للجميع. عندما يكون بمصر موظف يتقاض 70 جنية في الشهر، وبعد الثورة، وفى وجود رئاسة الدكتور مرسى، فلا اجد سوى القول، لك الله يا مصر، وعلى المتضررين أن يفوضوا أمرهم لله. د.سرحان سليمان الكاتب الصحفي والمحلل السياسي والاقتصادي [email protected]