[image] بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين الذي هدانا لهذا ولولا هديه ما كان لنا هذا النصر المبين، والصلاة والسلام على رسولنا ومعلمنا وقائدنا ونبينا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم... وبعد إن ما حدث يوم انتخابات المجلس المحلى في مدينة بنغازي أعاد إلى الأذهان أيام الثورة حيث كانت اللحمة الوطنية والتماسك النضالي والمحبة والتعاطف، ظاهرة في عيون الناس، خاصة مع رفع الأصوات بالتكبير كشعار عظيم ارتفع في بداية الثورة واستمر لدرجة أن ثورتنا وصفت بثورة التكبير. نعم شاهدت في بنغازي يومًا من أيام الثورة الناس مستبشرة وجوهها باسمة الأمل يحدوها، رجالا نساء، شيبا شبابا، كلهم تزاحموا قبل الموعد المحدد، ليس لاختيار أعضاء المجلس المحلي فقط ولكن ليقولوا للعالم كله: إننا شعب أراد الحياة وأنهى الاستبداد بقضائه على أكبر وأبرز طغاة العصر، شعب يريد أن يقول للعالم إن ما تسمعونه من إشاعات وأكاذيب من أعوان الطاغية هي محض افتراءات وأماني تدور في أذهانهم وأحلام، يجترون من خلالها ماضيهم العفن مع طاغيتهم وأسرته الذين عاثوا في ليبيا وفى العالم فسادا يشهد له القاصي والداني. نعم خرج ناسنا الأحباب في بنغازي العصية على الطغاة وأعوانهم ليقولوا انتهت أحلامكم للتحكم في بنغازي وسرقة خيراتها من خلال كراسيكم وسلطانكم المتعدد الأشكال والألوان من أمانات مؤتمرات شعبية وأمانات لجان شعبية ولجان ثورية وأمراء الأجهزة الأمنية والكتائب القذافية المختلفة والمتعددة في بنغازي. نعم ناسنا في بنغازي خرجوا بإرادتهم الحرة ليقولوا لكل هؤلاء في الداخل والخارج انتهى الفصل الأخير وطوي الملف في بنغازي وسينطوى حتما عن قريب في كل ليبيا عند يوم انتخاب المؤتمر الوطني العام. نعم عندما تنتهي انتخابات المؤتمر الوطني العام ويتم الإعلان عن النتيجة وينعقد المؤتمر في أول جلسة له ويختار رئيسه ونوابه وهيئته وحكومته الانتقالية الثالثة، هنا سيقفل إلى الأبد ملف جماهيرية القذافي لتبدأ "ليبيا الحرة" أولى خطواتها في طريق الديمقراطية وبناء ليبيا المستقبل ليبيا المساواة والكرامة لكل الليبيين. وقد يكون من المناسب في خضم الاحتفال بعرس بنغازي الانتخابي أن نتوجه بحديثنا للإخوة أعضاء المجلس المحلى بنغازي المنتخبين وغيرهم من المجالس المنتخبة مثل مصراتة وزوارة والأبيار ومن سيأتي على الطريق لنبين لهم بعض الحقائق المهمة: الأولى: أن المجالس المحلية انبثقت تلقائيا كبديل ثوري ضروري لسد الفراغ التنفيذي في المدن المحررة، وشكلت تباعًا كل ما تحررت منطقة من المناطق، فلا يوجد قانون ينظم صلاحياتها وعلاقتها بمجلس الوزراء ودورها داخل المدينة، وهنا أقول لشبابنا في بنغازي: لا تجعلوا عملية المطالبة بالاختصاصات تقف عائقا أمامكم، بل تجاوزوا ذلك، واعتبروا أنفسكم أصحاب صلاحيات مستمدة من الشعب الذي اختاركم في إطار مبني على أسس منها: أولهما: تحسين وتطوير كافة أشكال الخدمات التي تقدم للمواطن في بنغازي والسيطرة عليها وتنظيمها وتطوير الموظفين وإجراء توعية لتغيير سلوكهم في العمل والتعامل مع المواطنين ليشعروا بأن هناك شيئًا جديدا قد تحقق على أرض الواقع. ثانيهما: بطبيعة الحال توجد في بنغازي مقرات رئيسيه لأجهزة وشركات وهيئات ومراكز تخدم أكثر من مدينة أو تخدم ليبيا كلها، وعلى المجلس المحلى تحمل مسئوليته معهم، ليس بالسيطرة وفرض التبعية لأن هذا لا يجوز إداريا؛ ولكن بأن يعايش المجلس مشاكلهم، ويعمل على حلها مع الحكومة؛ لأن في حل وتذليل هذه المشاكل خدمة لبنغازي وكل ليبيا. هذا علاوة على تشكيل أو تكليف فرق من أعضاء المجلس، حسب الاختصاص، بشئون العمل المختلفة مثل خدمات البريد والمواصلات، الخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية، وهكذا تكون مسئولية هؤلاء الأعضاء متابعة عمل الأجهزة التنفيذية وتذليل مشاكلها وتطويرها. وهنا أطالب المجلس المحلي بالعمل على خلق تواصل أسبوعي مع ناس بنغازي، وان يكون سباقا بإبلاغهم بما يقوم به وبالمشاكل التي تحدث، ولكن بالشكل الذي يوحد ولا يفرق، وأن يكون هناك اتصال مستمر مع مؤسسات المجتمع المدني في المدينة. الشيء الآخر والمهم أن يحدد المجلس المشاكل الموجودة في المدينة، خاصة في الفروع والجهات التي تتبع أجهزة مركزية، ولا تملك فروعها صلاحيات ولا حتى مرتباتها، تعد حوافضها من المقر الرئيسي مما يؤدى إلى تأخير كبير في دفع المرتبات. وكذلك يتحسس المجلس المشاكل الأخرى المتعلقة بالخدمات ويعمل على التواصل مع الجهات المركزية لوضع الحلول الناجحة والتي تعتمد على الديمومة والاستمرار ولا تعود إلى الخلف. ومن أجل سد كل الثغرات يتطلب الأمر التنسيق مع المجالس المحلية المجاورة والتي تتكامل خدماتها أو ترتبط مع مدينة بنغازي لتحسينها والرفع من مستواها. وبطبيعة الحال، يجب التواصل التنظيمي المستمر مع رئاسة مجلس الوزراء وعقد لقاءات دورية معهم ومع الوزراء لمنح كافة الصلاحيات للأجهزة الخدمية بالمدينة، وهذا من الأمور الملحة في هذه المرحلة الانتقالية. نحن نريد مجالس تغير الإدارة المحلية، ليس بتغيير الأشخاص، بل بتغيير سلوكيات العمل ليشعر المواطن بأن ثورته حققت شيئًا فاعلاً حقيقيًّا على الأرض، والأهم أن لا يعد المجلس بشيء لا يستطيع تحقيقه، حتى لو اتفق مع الحكومة على تمويل أو إظهار عمل معين لا يعلن عنه إلا في بداية التنفيذ، وكفانا أن يعيش الناس على أحلام وتصريحات لا تتحقق على أرض الواقع. والله ولي التوفيق [email protected]