أنه الابن فى ليبيا ومصر، والاخ فى الجزائر، والصهر فى تونس او حتى حماته زوجة الرئيس. يسود الاعتقاد فى شمال القارة الافريقية بان هؤلاء الاقارب للحكام طويلى الخدمة يؤهلون للتوريث. ومع كون المغرب ملكية بالفعل، يعنى ظهور اولياء العهد المحتملين هؤلاء ان النظام الوراثى سيمتد من البحر الاحمر الى المحيط الاطلسي. فى بعض البلاد قد يواجه التوريث معارضة، او نفى الوارثون المحتملون انهم راغبون فى تولى السلطة. لكن المراقبين يقولون ان مجرد احتمال انتشار الحكم الوراثى بعكس مدى شمولية نظم الحكم فى المنطقة وان الامال الضعيفة فى الاصلاح السياسى ربما خمدت تماما. انتشر توجه التوريث مع تعزيز العائلات لسلطاتها وتراجع المعارضة، الداخلية والدولية، كما تقول امل بوبكير من مركز كارنيجى للشرق الاوسط. وتضيف: "قبل عشر سنوات ربما كان ذلك من المحرمات، اما الان فيبدو ان الزعماء والنخب الحاكمة تطرحه باريحية كخيار وحيد". ومع انه لم يعمد رسميا بعد اى من اقارب الزعماء لوراثة السلطة، فان التطورات فى الاسابيع الاخيرة ركزت الاهتمام على قضية التوريث. ففى ليبيا اصبح احد ابناء معمر القذافي، سيف الاسلام البالغ من العمر 37 عاما، ثانى اقوى شخصية فى البلاد فى اكتوبر بعد اعلانه منسقا لتجمع قادة القبائل ورجال الاعمال والسياسيين. وفى تونس، ومع تولى الرئيس زين العابدين بن على فترة رئاسية خامسة الشهر الماضى فان الشكوك حول صحة الرجل البالغ من العمر 73 عاما اثارت تكهنات بانها قد تكون فترة رئاسته الاخيرة. وفاز صهره صخر الماطرى بمقعد فى البرلمان ويشار اليه باعتباره الوريث المحتمل. وفى مصر، حيث يعتقد ان الرئيس حسنى مبارك ذا ال81 عاما يعد نجله جمال للمنصب، شنت جماعات من مختلف الوان الطيف السياسى فى البلاد حملة لمعارضة ذلك التوريث. حتى الجزائر، التى لديها تاريخ طويل من مقاومة شخصنة السلطة، قد تكون سائرة على ذات الطريق. فقد اطلقت هذا الصيف حركة تسمى الجيل الحر، يراها كثيرون على انها مشروع لتوفير القاعدة السياسية لشقيق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، سعيد بوتفليقة، وهو فى بداية الخمسينات من العمر. بوتفليقة وشقيقه سعيد وبما انه فى الحكم منذ نحو عشر سنوات فقط، يعد بوتفليقة البالغ من العمر 72 عاما حديث عهد بالسلطة نسبيا مقارنة بنظرائه فى المنطقة فبن على فى السلطة منذ 1987 ومبارك منذ 1981 والقذافى منذ 1969. لكن فى العام الماضي، مرر الرئيس الجزائرى تعديلا دستوريا عبر البرلمان الغى تحديد عدد فترات الرئاسة، ما جعل المنتقدين يقولون انه ينوى الحكم مدى الحياة. وكما هو الحال فى الدول الاخرى، لا يحظى هؤلاء المنتقدون بتاييد كبير اذ يعملون فى اجواء ضعفت فيها احزاب المعارضة بشدة، والمجتمع المدنى مكبل وتسودها اللامبالاة السياسية. ويتردد صدى اجواء مشابهة بطول المنطقة وعرضها. تلوك الانظمة الحاكمة التغييرات بلغة ديموقراطية، الا ان الجماعات التى يعتقد انها قادرة على تعبئة معارضة جماهيرية هى الحركات الاسلامية المحظورة فى الاغلب. فى الوقت نفسه تستخدم الانظمة الدعم الاقتصادى للحيلولة دون مظاهرات الخبز، وتقدم فرص الصفقات المسيلة للعاب للمنافسين المحتملين من بين النخبة بمن فيهم العسكر الذين يمكنهم فى اللحظات الحرجة حسم الامور. يقول جورج جوفى خبير شؤون شمال افريقيا فى جامعة كمبريدج ان نموذج الحكم الجديد هذا هو نوع من "الجمهورية الوراثية". ويضيف: "انه صياغة لنوع جديد من البيروقراطية الشمولية فيها مساومة واضحة. اذ يتخلى الناس عن حق المشاركة مقابل منافع اقتصادية". ويقول جوفى انه على المستوى الدولي، يعكس الوضع الراهن فى بلاد "الجيران الجنوبيين" لاوروبا فشل جهود امريكا والاتحاد الاوروبى لتشجيع الاصلاح السياسى بعد نهاية الحرب الباردة. ويضيف: "اننا الان نواجه وضعا كانما كل تطلعات التسعينيات اذا كانت لا تزال ذات اى معنى قد اهدرت". فى بعض الحالات، ربما استساغ الاصلاحيون الغربيون فكرة جيل جديد من القادة المستقبليين الذين يطرحون انفسهم كمحدثين ومعتدلين، على طريقة العاهل المغربى الشاب الملك محمد السادس الذى حل محل والده المتسلط الحسن الثانى عام 1999. تقول امل بوبكر: "انهم يحاولون اللعب بورقة الشعبوية بالقول بانهم لا يشبهون اسلافهم، ويرددون انهم شباب وسيغيرون الاوضاع". صخر الماطري وتضيف: "لكن فى الواقع، عندما تحاول تقييم اصلاحاتهم او ما يعدونه للتجديد تجد انهم لن يغيروا النظام لانهم مستفيدون منه". وعززت العائلات الحاكمة وشبكة علاقاتها الاوسع من نفوذها الاقتصادى الى درجات متعددة. وربما كانت الحالة الابرز هى تونس حيث تتمتع عائلة زوجة الرئيس، ليلى طرابلسي، بنفوذ اقتصادى هائل. تقول كاترين جارسييت، التى شاركت فى تاليف كتاب عن اعمال زوجة بن على وعائلتها، ان السيدة طرابلسى تدير بالفعل امورا كثيرة من وراء ستار زوجها الطاعن فى السن. لكن زوج ابنتها، صخر الماطري، قد يكون الحاكم الفعلى مستقبلا اذ يبنى امبراطورية اعمال تتضمن مصرفا ومحطة اذاعة اسلامية. وتقول جارسييت، التى منع كتابها "حاكمة قرطاج" فى تونس، ان توريث السلطة "يسير على الطريق العائلي". وتضيف: "لم يعد الامر صادما، ففى النهاية لا يصدر اى رد فعل عن الولاياتالمتحدة او الاتحاد الاوروبي". ويقول المحللون ان الضغط الخارجى مفقود لان الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي، كما ترى امل بوبكر "يعميهما السعى الى الاستقرار". وتضيف انهم حريصون على الحد من الهجرة والتطرف الاسلامى وضمان امدادات النفط والغاز ومصالحهم الاقتصادية لذا "يفضلون التعامل مع اناس يعرفونهم". لكنها تحذر من انه قد يكون من الصعب التفاوض مع جيل شاب "يسعى لحماية نفسه" ويفتقر الى الخبرة السياسية الطويلة لابائه. علاوة على ذلك، ربما يكون الوقت على وشك النفاد مع الاشاعات حول اعتلال صحة الزعماء الحاليين لمصر وتونسوالجزائر. تقول بوبكر: "انهم يغلقون كل الابواب امام التنافس السلمي، وتلك احدى اكثر تبعات سيناريوهات التوريث الحالية اثارة للقلق".