شهدت مكتبة الإسكندرية صباح اليوم إفتتاح حلقة نقاشية بعنوان "حقك في إتاحة المعرفة"، والتي تنظمها المكتبة الفرانكوفونية بمكتبة الإسكندرية بالاشتراك مع "مبادرة إتاحة المعرفة" بإدارة الشئون القانونية، وذلك يومي الأحد والإثنين 29 و30 إبريل، في إطار الاحتفال باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، واليوم العالمي للملكية الفكرية. تتناول الحلقة النقاشية إتاحة المعرفة والحق في الحصول على المعرفة، في إطار عدد من المحاور مثل نظام الملكية الفكرية وحقوق الكاتب وانتشار المعرفة على الانترنت، ودور المكتبات في إتاحة المعرفة.
افتتح الحلقة كل من الدكتور أسامة الفولي؛ محافظ الإسكندرية، والسفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية الفرانكوفونية، والدكتورة نازلي فريد؛ مدير إدارة المكتبة الفرانكوفونية بمكتبة الإسكندرية، وهالة السلماوي؛ المحامية ومسئولة الملكية الفكرية.
وتحدثت السفيرة نائلة جبر عن قيم الفرانكوفونية ودورها في إتاحة المعرفة، مؤكدة أن الفرانكوفونية تواجه العديد من التحديات أمام العولمة وفي ظل احتكار اللغة الإنجليزية للبحث على الإنترنت، مما يشكل مشكلة كبيرة في إتاحة المعرفة. وأشارت إلى أن المنظمة الفرانكوفونية، والتي تضم في عضويتها عدد كبير من الدول منها مصر، تعمل من خلال عدد كبير من المراكز والمبادرات على نشر اللغة الفرنسية والحث على استعمالها في كافة المجالات. وأضافت أن المنظمة تقدم العديد من المنح وتشارك في برامج التعاون مع الجامعات لتحقيق أهدافها، كما أنها تتعاون مع عدد كبير من المنظمات، خاصة في إفريقيا ودول العالم الثالث، لتوصيل المعرفة والعلوم والتكنولوجيا باللغة الفرنسية، والمحافظة على الفرنسية كأداة لتوصيل العلم والمعرفة.
وأوضحت أن اللجنة الوطنية الفرانكوفونية في مصر تتعاون مع الجامعات والوزارات والمراكز لإقامة عدد من المشاريع لنشر المعرفة باللغة الفرنسية.
وأشارت إلى أن الجامعة الدولية الفرنسية للتنمية الإفريقية "جامعة سنجور"، ومقرها مدينة الإسكندرية، تلعب دورًا كبيرًا في هذا الإطار. وأضافت أن محافظة الإسكندرية بصدد توسيع وتدعيم الجامعة لخدمة متطلبات الدارسين والأساتذة الذين تستقبلهم الجامعة من البلاد الناطقة باللغة الفرنسية والمهتمين بقضايا القارة الإفريقية.
وأشادت بدور المكتبة الفرانكوفونية بمكتبة الإسكندرية في إتاحة ونشر المعرفة باللغة الفرنسية، وذلك من خلال مجموعة تضم 500 ألف كتاب باللغة الفرنسية في مختلف التخصصات العلمية.
وأوضحت أن مصر يوجد بها 30 ألف شخص يتحدث اللغة الفرنسية، بالإضافة إلى وجود عدد كبير من الاتفاقيات والمبادرات لنشر الفرنسية مع عدد كبير من المؤسسات في القاهرةوالإسكندرية، والتي تهدف إلى نشر الفرنسية والتنوع الثقافي.
وتعليقًا على الآراء الداعية للحد من تعليم اللغات الأجنبية في مصر، والتي ظهرت في الآونة الأخيرة، أكدت أن اللغة تعد من أقوى أدوات الاتصال لنشر المعرفة، وأنها لا تؤثر على الخصوصيات الحضارية والدينية، كما أنها تساعد على توصيل رؤية ورسالة الشعوب، وتوطيد العلاقات.
وأضافت أن الفرانكوفونية تعد مدخل لإفريقيا، مؤكدة أن الأزهر الشريف يعد من أولى المؤسسات التي أدركت قيمة الفرانكوفونية وأهميتها في تعزيز دوره في إفريقيا.
من جانبه، أعرب الدكتور أسامة الفولي عن اعتزازه بالدور الذي تقوم به مكتبة الإسكندرية لنشر المعرفة في المجالات المختلفة، معتبرها مجموعة من المؤسسات وليست مكتبة بالمفهوم المعروف للناس. وتحدث عن تجربته في الدراسة بفرنسا وتأثير مبادئ وقيم الفرانكوفونية على حياته العلمية والشخصية، مؤكدًا أن الفرانكوفونية تساعد على تعليم الممارسة الحقيقية للحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وتأسيس الفكر الحر.
وأكد أن الحق في إتاحة المعرفة يرتبط ارتباط وثيق بمشروع الإسكندرية، والذي يقوم على إقامة بناء معاصر يحافظ على تراث عريق من خلال عملية تنمية مستدامة حقيقية، يحصل فيها كل إنسان على كافة حقوقه في كرامة، ومن أهمها حق الحصول على المعرفة.
وأقترح أن تقوم الحلقة النقاشية بمناقشة كيفية ضمان إتاحة المعرفة بكل الطرق الممكنة، خاصة في الدول النامية، وذلك لوجود علاقة قوية بين تطوير التعليم وإتاحة المعرفة. وأكد على أهمية إتاحة الكتاب بشكل أكثر اتساعاً وأكثر وصولاً للشباب، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تجعل من الوصول للمعرفة أمرًا صعبًا.
وأشاد في هذا الإطار بمشروع "إعادة إصدار كتب التراث في الفكر النهضوي الإسلامي" الذي تقوم به مكتبة الإسكندرية، والذي يهدف إلى تقديم مختارات من تراث هذا الفكر، والتعريف بأهم كتابات التجديد والنهضة وأعلامها في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين التاسع عشر والعشرين الميلاديين. من جانبها، تحدثت الدكتورة نازلي فريد عن الجانب الإنساني للمعرفة، مبينة أن هناك جهات تمتلك المعرفة وجهات أخرى تحاول الوصول إليها، وأن بعض الجهات لا تقوم بتوصيل المعرفة بالشكل المطلوب.
وأشارت إلى أن المكتبات الرقمية قدمت مساهمة فعالة في إتاحة المعرفة لعدد هائل من الأشخاص في الوقت ذاته، إلا أن الوصول إلى المعرفة يصطدم بعدد من الأفكار، ومنها حرية التعبير في مقابل إشكاليات الملكية الفكرية والمشاركة في الإعلام العام.
وقالت إن وسطاء نقل المعرفة، ومنهم المكتبيين، عليهم التفرقة بين ما هو ظاهر وما هو باطن، ومعرفة إذا كانوا قادرين فعلاً على نقل المعرفة أم أنه مجرد اعتقاد بأن المعرفة تصل بالفعل للجمهور.
وشددت على أهمية تبسيط أدوات توصيل المعرفة للجمهور، والابتعاد عن كل الوسائل المعقدة لضمان وصول المعرفة للجمهور. وأكدت على أهمية أن يكون هناك توازن وتنسيق بين ما يطلبه الجمهور وما يتم عرضه عليهم من خلال جهات إتاحة المعرفة، كالمكتبات.
وفي كلمتها، تحدثت هالة السلماوي عن الملكية الفكرية، مبينة أنها أداة قانونية ظهرت لتقديم حقوق استئثارية لممولي المشروعات والابتكارات، وذلك لمدة محددة، مع وجود عدد من الاستثناءات لإحداث التوازن. وأضافت أن العصر الرقمي كان من المفترض أن يقدم حرية أكبر في إتاحة المعرفة، إلا أن الوعاء الرقمي يتعرض لعدد من القوانين التي تحول دون نشره.
وأشارت إلى وجود مجموعة من الحلول التي تساعد على إتاحة المعرفة بشكل قانوني، منها: التوسع في الاستثناءات لصالح التعلم والبحث ونشر المعرفة، والاعتماد على أرشيف الإبداع المؤسسي، ووضح نصوص دستورية لدعم الحقوق الأساسية. وقالت إنه من المهم الأخذ بالمبادرات الجديدة لنشر المعرفة، ومنها مبادرة A2K (إتاحة المعرفة) www.bibalex.org/a2k التي أطلقتها مكتبة الإسكندرية، والتي تهدف إلى توعية الجمهور بمدى أهمية العلاقة بين الملكية الفكرية والتقدم على المستوى العالمي لتشجيع الإبداع والابتكار وتشكيل مجتمع معرفي في العالم العربي.
وأوضحت أن الموقع يضم أحدث الأخبار والتطورات الدولية في هذا الموضوع إلى جانب أهم الكتابات المنشورة في هذا الشأن والمتاحة على شبكة الإنترنت، وترجمة بعضها إلى اللغة العربية.
وتستضيف "حقك في إتاحة المعرفة" مجموعة كبيرة من المشاركين من داخل مصر وخارجها ليتم تناول هذا الموضوع على مستوى عالمي وإقليمي في نفس الوقت، ومنهم ويبكي دالهوف ممثل الاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات (IFLA)، وكريستوفر فراند عن الإتحاد العالمي للمكفوفين، وفيكتور فازكيز عن المنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية (WIPO)، وجايل كريكوريان، والدكتور مختار وريدة؛ سكرتير أول بعثة مصر لدى الأممالمتحدة والمنظمات الدولية في جنيف، والأستاذة مشيرة العمراوي؛ مستشارة المشروعات العربية بمؤسسة وكيميديا، والدكتور محمد نور فرحات؛ أستاذ فلسفة القانون وتاريخه بكلية الحقوق جامعة الزقازيق.
تستضيف الحلقة أيضًا عدد من القائمين على صناعة السياسات المصرية، حيث ستتم دعوتهم لمناقشة هذه الأعمال، وكذلك تأثير الملكية الفكرية على تبادل المعرفة في جميع أنحاء العالم وخدمة المجتمع ككل.
يذكر أن الحلقة تأتي استكمالاً للفعاليات التي تقوم بها مكتبة الإسكندرية من أجل زيادة الوعي بحق الإنسان في الحصول على المعرفة، حيث قدمت المكتبة العديد من الفعاليات التي تهدف إلى نشر فلسفة إتاحة المعرفة وتنمية مهارات الباحثين والمكتبيين حتى يتسنى لهم استخدام أدوات وأساليب جديدة. ويعد هذا الحدث فرصة للفرنكوفونية يمكن من خلالها تسليط الضوء على كل ما قامت به في هذا المجال من خلال قيم التعددية اللغوية والتنوع الثقافي التي تدعو لها.