تباينت ردود الأفعال حول بيان جماعة الاخوان المسلمين الذى دعا فيه السعودية إلى ما وصفه "حقن الدماء" فى المواجهات الدائرة داخل الحدود السعودية مع متسللين حوثيين. ففيما قرأ محللون سعوديون البيان على أنه يصب فى خدمة العلاقات التى تربط الجماعة بطهران، قال قياديون فيها إنه لم يثبت لديهم حصول الحوثيين على دعم إيراني. وقال الكاتب السعودى مشارى الذايدى المتخصص فى شؤون الجماعات الإسلامية إن "الإخوان المسلمين لديهم تحالف واضح مع الخط الإيراني، وتجذّر هذا التحالف، وتعمّق فى الفترة الأخرى مع مرشد الجماعة مهدى عاكف، مؤكداً "أنه يدافع عن هذا الشيء ومعجب كثيرا بالسياسة الإيرانية، وليس هذا أول موقف له، فقد حاول أن يبرر لحزب الله ويجّمل ويعطيه غطاء سنى فى غزوه بيروت 7 أيار( مايو الماضي)، رغم ان غزوة حزب الله لبيروت سببت صدمة لأهالى بيروت نفسهم وشعروا بالخذلان، من أن يكون رجل بقامة مهدى عاكف، الذى يتزعم اكبر حزب سياسى أصولى فى العالم السنى أن يكون فى هذا المحور. وأضاف الذايدى فى حديث ل "العربية.نت" يجب أن نعرف أن الإخوان المسلمين لا يهتمون بالفوارق العقدية، إلا حينما تخدمهم هذه الاهتمامات، فالبعض قد ينخدع ويقول إن الإخوان متسامحون طائفيا، وهذا الحديث نصف صحيح، فهم متسامحون بقدر ما أن هذا التسامح خطهم السياسي، ومتشددون بقدر ما ان هذا التشدد يخدم خطهم السياسي. المشروع السياسى للاخوان ويرى "الذايدي" أن الإخوان المسلمين لا ينطلقوا من منطلقات فكرية راسخة وثابتة فى موضوع التسامح، "بل هى توظف مفاهيم التسامح فى خدمة المشروع السياسى الذى يتمثل بالنسبة لهم فى الوصول إلى السلطة وحكم العالم الإسلامى قاطبة، فهم يعتقدون أن إيران وإتباعها من الجماعات الفوضوية مثل حزب الله وحماس والآن الحوثيون، ليسو إلا ادواتٍ فى المنظومة الإيرانية، التى تقوم على زعزعة أنظمة الحكم العربية القائمة، وهذه الزعزعة ستحدث فراغاً، و يريد الإخوان المسلمون ملأه لأنهم لا يستطيعون بمفردهم أن يزيلوا الأنظمة الحاكمة، بل يتحدثون عن المزاحمة المدنية أو الوصول التدريجى للحكم". إذ أن إيران والحديث "للذايدي" بلد قائم، ورقعتها الجغرافية كبيرة، وتستطيع عبر الدعاية السياسية وفيلق القدس وأجهزة الحرس الثورى والتمويل المخابراتى دعم هذه الجماعات التى تساعد على عدم الاستقرار، والإخوان المسلمين يستفيدون من جهود إيران بشكل غير مباشر فى الضغط على الأنظمة العربية وهذا يصب فى مصلحة الإخوان لأنهم يعتقدون أنهم البديل القائم والجاهز للوصول للحكم، ويجب أن ندرك المرامى البعيدة لمشروع الإخوان المسلمين، فهم يتحدثون عن وحدة الأمة العربية وفى حقيقة الأمر يتحدثون عن مشروع الإخوان وإيران. وأضاف الذايدى "موقف الإخوان الأخير، من أحداث الجنوب السعودى هو امتداد لموقفهم من غزوة حزب الله فى بيروت، ولموقفهم الداعم لأى قرار تتخذه إيران". وطرح الذايدى العديد من الأسئلة حول البيان موضحا خطورة التوقيت والطرح "ماذا يعنى مطالبتهم بوقف إطلاق النار؟، وهل يريدون أن تتوقف السعودية مثلا عن حماية أرضها وسيادتها؟، ثم ألا يشير ذلك بطريقة أو بأخرى إلى الاعتراف أن مشروع الحوثى فى اليمن قائما؟، لا يمكن أن نغفل أن مشروع الحوثى هو جزء من المشروع الإيرانى الذى يبث من خلال حزب الله فى لبنان والجماعات الإيرانية فى العراق والآن الحوثيين فى اليمن. من جهته، دافع الدكتور عصام العريان، مسؤول القسم السياسى بجماعة الإخوان المسلمين عن البيان قائلا إنه واضح جدا وموجه لعاهل السعودية، لمكانته وقيمته عند الإخوان المسلمين ولقدراته فى التدخل، و منع أى تهديد لأمن المملكة". وأضاف "نرى أن التدخل العسكرى ليس الوسيلة الوحيدة فى منع التهديد، هناك نار تشتعل على الحدود السعودية بين مجموعة متمردة كما يسميها السعوديون وبين نظام يمني، وكان المنتظر من المملكة ألا تدع أطرافاً أخرى إقليمية أو دولية لاستغلال هذا الوضع لتوريط واستدراج السعودية لتدخل فى ساحة القتال، فالسعودية بتاريخها الكبير كان يمكن أن تتدخل لإصلاح ذات البين بطرق سلمية" . واستطرد: نحن مع حق السعودية فى الحفاظ على أمنها واستقرارها وحدودها، ولكن التمرد ليس موجها ضد السعودية، المشكلة ليست بين الحوثيين والسعودية كما يقول السعوديون أنفسهم، ثم دعونا السعودية للتدخل داخل اليمن، لمكانتها وقوتها، ولما لها من قدرة فى التأثير، ولكونها أهم من جهات كثيرة. وقال الدكتور محمود غزلان العضو البارز فى مكتب الارشاد بجماعة الاخوان المسلمين ل "العربية.نت" إن البيان لم يتطرق لايران لأنه لم يثبت أى معلومات عن دعمها للحوثيين، واذا ثبت فنحن ندين هذا الدعم". واستدرك "لكننا ندين أى تدخل اقليمى فى هذه الحرب سواء من ايران أو غيرها لوثبت ذلك، لأن أى دعم للحوثيين من أى قوى اقليمية من شأنه اذكاء الفتنة واشتعال الصراع المذهبى والسياسي، وهذا ما ترفضه جماعة الاخوان". يذكر أن جماعة الإخوان المسلمين أصدرت بيانا اكتفت فيه بتوجيه نداء إلى العاهل السعودى الملك عبد الله بن عبد العزيز تحثه فيه على وقف القتال، بعد لجوء القوات السعودية إلى الرد على اختراق المتمردين لحدودها من خلال قصف جوى وعمليات مكثفة على مواقع الحوثيين، ودعت "كافة العلماء والفقهاء من أنحاء العالم الإسلامى للتدخل ومناشدة العاهل السعودى وقف القتال وحقن الدماء والسعى فى الصلح بين المتحاربين". الجماعة فى غير جلبابها وقال ثروت الخرباوى الخبير فى شؤون جماعة الاخوان المسلمين ل"العربية.نت" ان الجماعة فى هذا البيان ترتدى جلبابا غير جلبابها وتحاول أن تظهر بمظهر الجماعة السياسية ذات التأثير وصاحبة النفوذ من خلال توجيهها نداء للملك عبدالله تناشده وقف القتال "لذلك جاء البيان أعرجا يمشى على ساق واحدة". وأوضح الخرباوى أن "اليبان ليس هدفه بالفعل وقف الحرب اليمنية السعودية ضد الحوثيين، ولكن هدفه الأساسى الظهور بسمعة سياسية عالمية للاخوان". إلا أن عصام سلطان المحامى وعضو حزب الوسط الوسط الاسلامى تحت التأسيس رأى أن موقف الاخوان فى هذا البيان موقف متزن. وقال ل "العربية.نت" مناشدة جماعة الاخوان المملكة السعودية بوقف هذه الحرب، فهذا شىء طبيعي، فهى الدولة الأقوى وصاحبة النفوذ وهى التى تستطيع أن ترعى أى اتفاق للمصالحة بين المتنازعين فى هذه الحرب".