(( 1 )) لا تصالح ولو أعطوك ذهباً ، فهل ترى أن أفقأ عينيك ثم أثبت مكانهما جوهرتين . أشياءٌ كثيرة لا تشترى بكنوز الدنيا كلها ذكريات الطفولة بين الأخوة الأحساس فجأة بالرجولة سوياً الشوق حين العناق الصمت مع الأبتسام عند تأنيب الأم الطمأنينة لأن سيفك الضعيف بجواره سيف أخيك سيقويه أن صوتك إن لم يكن قوياً سيقويه صوت أخيك عند موت الأخ أخوه سيكون رباً للبيت ، وأباً للطفل . ثم يتسائل الشاعر . هل يصير دمي بين عينيك يا أخي ماء ؟ أتنسى يا أخي ملابسي الملطخة بالدماء ، ثم تلبس أنت الثياب المطرزة بالقصب ؟ هي الحرب قد تكون ثقيلة على القلب ، لكن عار العرب خلفك . لا تصالح ولا تهرب من المعركة . يبدع الشاعر هنا في إستخدام الصورة الكلية..فهو يصور العرب وما يحدث لهم من شقاق وترك العدو الصهيوني ، بل وعقد المعاهدات والأتفاقيات معه (( كامب ديفيد وأشباهها )) ، وكأنه لم يقتل أخوتنا ، لم يسفك دمهم ، أو حتى يغتصب أرضهم . بكليب الذي قتله الأعداء ، ووصايه العشر لأخوه الزير سالم . ((كيف بالله عليكم يكون التصالح وهم سفكوا دمائنا ، وشردوا أطفالنا ، وأغتصبوا أرضنا)) يكثر الشاعر من أساليب الأستفهام ، وهنا جاءت للأستنكار مثل (( أترى حين أفقأ عينيك..، ثم أثبت جوهرتين مكانهما..هل ترى ؟ ، هل يصير دمي بين عينك ماء ؟ ، أتنسى ردائي الملطخ بالدماء ؟)) الشاعر هنا أستخدم الأسلوب الرومانسي الحزين الذي يأسر الألباب ، والقلوب . ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك ، حسكما فجأة بالرجولة..الحياء الذي يكبت الشوق..حين تعانقه..مبتسمين .
خلفك عار العرب : إستعارة مكنية حيث شبه عار العرب بأنه شخص يسير ويتبع ، وهي توضح الفكرة وتجسمها برسم صورة لها .
(( 2 )) لا تصالح يا أخي على الدم حتى بدم، لا تصالح ولو قالوا رأس برأس ، وهل رأس أخيك كأي رأسٍ أخرى؟ وهل قلب الغريب كقلب أخيك؟ هل عيناه هي عين أخيك؟! هل تتساوي يد كانت تدافع عنك بيدٍ أخرى هاجمتك ، وجعلتك تفقد أخيك وقتلته ؟ سيأتون إليك رافعين أكف السلام ، حتى يحقنوا الدماء ، سيأتون إليك ويقولون لك يا أمير كن حكماً حكيماً ، نحن أبناء عم. فلتقل لهم يا أخي إنهم لم يراعوا العمومة وقتلي دليل على ذلك ، أغرس السيف في الصحراء ، وأعلن الحرب . لقد كنت لك فارساً مدافعاً عنك ، كنت أخاً لك يحبك ، وأباً يخاف عليك ، وملك يرعاك . يستمر الشاعر في صورته الكاملة . استخدم الشاعر أساليب الأستفهام بكثرة للأستنكار (( أكل الرؤوس سواء ؟ أقلب الغريب كقلب أخيك ؟ هل تتساوى يدٌ سيفها كان لك..بيدٍ سيفها أثكلك ؟ )) جبهة الصحراء : إستعارة مكنية حيث شبه الصحراء بإنسان له جبهة وحذف المشبه به وأتى بصفة من صفاته (( الجبهة )) ، وهي توضح المعنى وتقويه . موسيقى الشاعر كانت رائعة ، تحسها بقلبك ووجدانك . أتى الشاعر بكل العلاقات الأنسانية بين الأخ وأخيه ، كلنا دول شقيقة ، نحن أخوه في كل الأقطار العربية ، فلا فرق بين الفلسطيني والمصري والسوري والعراقي والسعودي ، كلنا لنا نفس الثقافة والكثير من العادات المشتركة ، نحن نملك لغة واحدة . (( قلب أخيك ، سيفها كان لك ، كنت لك فارساً..وأخاً..وأباً..وملك )) (( 3 )) لا تصالح ، ولو حُرمت النوم والراحة ، وتذكر إذا لان قلبك لمظهر النساء المرتدية السواد وأطفالهم الحزينة..أن بنت أخيك اليمامة مازلت صغيرة ها هي ترتدي ثياب الحداد علىّ . كنت إن عدت إلى البيت تهرول على درج القصر فتمسك بساقي عند نزولي ، فأرفعها وهي مبتسمة فوق ظهر الجواد. أنظر إليها الآن إنها صامته ، حرمتها يد الغدر التى أمتدت إلىّ وقتلتني من كلمات أبيها ، من أن ترتدي الثياب الجديدة ، من أن يكون لها أخ ، من أب يبتسم لها في ليلة عرسها وتعود إليه إذا أغضبها زوجها ، حرمتها هذه اليد من زيارات أبيها فيتسابق أحفاده نحو أحضانه ليأخذوا منه الهدايا ، ويلعبوا معه . لا تصالح يا أخي بالله عليك فما ذنب أبنتي اليمامة في كل ذلك ؟! يستطعف الأخ أخيه ألا يصالح الأعداء ، فهم قتلوه وحرموا أبنته من أحلامها البسيطة . اليمامة زهرة : تشبيه بليغ وهو يجسد المعنى ويقويه . اليمامة زهرة تتسربل بثياب الحداد : إستعارة مكنية حيث شبه ثياب الحداد بزي الحرب وحذف المشبة به وأتى بصفة من صفاته وهي التسربل ، والأستعارة توضح المعني وترسم صورة له . يد الغدر : إستعارة مكنية حيث شبة الغدر بأنه إنسان له يد وحذف المشبه به ، والأستعارة تقوي المعنى وتوضحه . لأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة : إستعارة مكنية أيضاً حيث شبه الابتسامة بشخص يخاصم . يعود الشاعر إلى التراث مستخدما الصور القديمة وكلمات كان تستخدم قديماً أكثر من الآن فيثير المشاعر والأحاسيس المشتركة بين العرب ، فكلنا أصلنا واحد ، وتاريخنا واحد ، لتقرأ سيرة العرب ستجدها واحدة. (( اليمامة ، تتسربل ، درج القصر ، ظهر الجواد ، العمامة ))
(( 4 )) لا تصالح يا أخي ولو جعلوك أميراً، كيف تدوس على جثتي ؟ كيف تكون ملكاً وتشعر ببهجة زائفة ؟ كيف تنظر في إيديهم حين المصافحة ولا ترى دمائي التي أراقوها. لقد طعنوني من الخلف ، لن تستقر عينك أو تطمئن فألف طعنة ستأتيك من الخلف. لا تصالح يا أخي ولو جعلوك أميراًُ ، فعرشك وملكك سيف زائف إذا لم تدافع به عن لحظات الشرف ومكثت في ترفك ولهوك . أوجه البهجة المستعارة : إستعارة مكنية حيث شبه البهجة بالناس وحذف المشبه به وأتى بصفة من صفاتهم (( أوجه )) وهي تقوي المعنى وترسم صورة له . وايضاً الأستفهام الذي يفيد الأستنكار (( كيف تخطو على جثة ابن أبيك؟ كيف تصير المليك على أوجه البهجة المستعارة؟ كيف تنظر في يد من صافحوك فلا تبصر الدم في كل كف ؟ )) التشبيهات البليغة التي توضح المعنى وتقويه (( عرشك سيف ، سيفك زيف )) (( 5 )) لا تصالح ولو قال المتخاذلون حين القتال : ما بنا طاقة للقتال . عندما يملأ الحق قلبك ستمتلك قوة جبارة ، وسيخرس الخونة والعملاء . لا تصالح ولا تصدق كل كلمات السلام التي يقولونها، هل تستطيع أن تعيش في جوٍ مدنس ؟ هل تستطيع أن تنظر في عيني امرأة أنت تعرف بقرارة نفسك أنك لن تستطيع حمايتها ؟ هل ستكون فارسها في الغرام ؟ كيف يا أخي تحلم بمستقبل جميل للأطفال وهم تربوا وكبروا على الذل والهوان ؟! لا تصالح ولا تأكل مع أعداءك ، بل قاتلهم وخذ بثأر من ماتوا وثأري . مازال الشاعر الرائع يسوق كل الصور الجميلة _ رغم قسوتها _ ليستدر عطفنا ، وعطف الأخ ليأخذ بثأره ، ألا يسالم من قتلوه . أستخدم الصورة الكلية التي كانت قاسية عله يُحيي الشهامة العربية المدفونة (( كيف تنظر في عيني امرأة أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها )) تعدد أساليب الأستفهام جاء للأستنكار ، وكأن الشاعر لا يصدق أن أخيه قد يفعل ذلك. (( ارو التراب ، ارو أسلافك الراقدين ، ترد عليك العظام )) كلها إستعارات مكنية جاءت لتوضح المعنى وتجسمه برسم صورة لها . (( 6 )) لا تصالح يا أخي ولو كان رأي الأكثرية أن تسوق الدهاء ، وتظهر لأعداءك القبول . سيقولون لك أن تطلب ثأر يطول ، خذ الآن من تستطيع ، قليلاً من الحق الآن ، هو ليس ثأرك وحدك ، هو ثأر جيل فجيل ، وغداً سيأتي من سيأخذ الحق كاملاً ، سيأخذ الثأر . لا تصالح ولو قيل أن التصالح ما هو إلا حيلة حتى تخدع أعداءك ويطمأنوا إليك ومن ثم تباغتهم . الثأر يا أخي يقل ويضعف مع مرور الأيام ، ولن يبقى لك سوى العار ، ولن تشعر غير بالذل . (( تسوق الدهاء : إستعارة مكنية توضح المعنى وتقويه )) (( الثأر تبهت شعلته في الضلوع : إستعارة مكنية حيث شبه الثأر بالنيران..وأيضاً شبه الثأر بأنه شيء محسوس مادي بين الضلوع )) (( يد العار مرسومة فوق الجباه الذليلة : إستعارة مكنية شبه الجباه بأنها لوحة يرسم عليها ، الجباه الذليلة إستعارة مكنية حيث شبه الجباه بالأشخاص المذلولين ، وأتى بالجباه لأنها رمز للذل حيث هي من تخضع وتكون في التراب . )) (( 7 )) لا تصالح ولو كان الطالع سيئاً ، وحذرك كل الناس من الحرب . كنت سألتمس لهم العذر في قتلي ..لو قتلت في المعركة ، لكني لم أكن غازياً لديارهم ، لم أتسلل إليهم ليلاً ، لم أكن أحوم حولهم ، لم أسرق ثمار عنبهم ، لم أطأ أرض بستانهم ، لم يصح بي من قتلنى " أنتبه " ، بل كان يمشي معي ، ثم صافحني وسار قليلاً ، وأختبأ ، ثم طعنني من الخلف ، وعندما تحاملت على نفسي رأيت ابن عمي المجرم يتشفي فيّ بوجه مليء بالحقد والقسوة ، لم يكن معي سلاح ، لم أملك ساعتها سوى غيظي الذي يتعطش للثأر . هاهو الشاعر يسوق الدلائل لعدم الصلح مع اليهود ، حتى لو كانت كل التنبؤات تبين مدى قوة العدو.. مازال الشاعر يبدع في صورته الكلية التي جعلها مثل قصة (( قصة العرب ، والصراع مع العدو الصهيوني )) أستخدم الشاعر الترادف ليوضح المعنى ويزيده صلابه (( خيط الصواب ، وخيط الخطأ )) الشاعر أسلوبه جزل ، بسيط ، جميل ..ألفاظه جاءت مواكبه للقصيدة وجوها العام . يقوي معانيها ويجسمها عن طريق الصور الجزئية من تشبيهات وأستعارات مثل : ثقبتني قشعريرة : إستعارة مكنية قلبي كفقاعة : تشبيه وجه لئيم : إستعارة مكنية توضح مدى خسة هذا المجرم فبعد أن تم له القتل وقف يتشفي بحقدٍ وكراهية . غير غيظي الذي يتشكى الظمأ : إستعارة مكنية حيث شبه الغيظ بأنه شيء مادي ملموس يمسك في اليد . وأيضاً شبه الغيظ بأنه شخص يظمأ . (( 8 )) لا تصالح يا أخي حتى يعود كل شيء كما كان عليه .. الوجود لدورته الدائرة..النجوم لميقاتها..الطيور لأصواتها..الرمال لذراتها..القتيل لطفلته الناظرة ، كل شيء تحطم في لحظة عابرة (( الصبا_بهجة الأهل_صوت الحصان_التعرف بالضيف_همهمة القلب حين يرى برعماً في الحديقة يذوي_الصلاة لكي ينزل المطر الموسمي)) ، كل شيء تحطم بسبب هذا المجرم . ولن يعود أي من هذه الأشياء كما كانت..إذا فلا سبيل للتصالح والسلام الزائف . والذي قتلني ليس آلهاً ، ليس أفضل مني ، ليس أمهر مني . لا تصالح فما الصلح إلا معاهدة بين خصمين متساويين في شرف القلب ، ومن أغتالني لم يكن سوى لص سرق أرضي التى أحبها وأحفظها بين عيني . استعارات مكنية توضح لمعنى وتجسمه برسم صورة له (( يعود الوجود ، النجوم ، الرمال ، القتيل ، لحظة عابرة ، همهمة القلب حين يرى برعماً يذوي ، مراوغة القلب ، طائر الموت ، نزوة فاجرة ، سرق الأرض من بين عينيَّ ، الصمت يطلق ضحكته الساخرة )) يستخدم الشاعر أسلوب تعجيزي ليبين أنه لا سبيل للسلام مع اليهود فلا الوجود سيعود لدورته كما كان ، ولا النجوم ستعود لميقاتها ، ولا الرمال ستعود لذراتها ، ولا القتيل سيعود لطفلته ، ولا الأشياء التي تحطمت ستعود كما كانت )) (( 9 )) لا تصالح ولو وقف ضد سيفك كل الشيوخ ، والرجال التي ملأتها شروخ الضعف والهوان ، هؤلاء من يحبون الطعام ، والراحة وأن تخدمهم العبيد ، أصبحوا لا يروا الحقيقة بعد أن نسوا سنوات العزة العربية . لا تصالح ، ليس بينك وبين إرجاع الحقوق سوى أن تريد ذلك ، فأنت فارس هذا الزمان الوحيد ، وما دونك مجرد مسوخ مشوهة . وقفت ضد سيفك كل الشيوخ : إستعارة مكنية حيث شبه السيف بأنه شخص يقف الشيوخ ضده . السيف هنا كناية عن الحرب والجيش والعزيمة . الرجال التي ملأتها الشروخ : إستعارة مكنية حيث شبه الرجال بالجدران التي تمتلىء بالشروخ..وهي تقوي المعنى وتوضح مدى ضعفهم فهم على وشك السقوط . سيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ : إستعارة مكنية . سواك المسوخ : تشبيه بليغ..يقوي المعنى ويوضحه . (( 10 )) لا تصالح لا تصالح لا تصالح