ما بين الرفض والتأييد، يظل زواج الأساقفة والرهبان الأقباط يثير جدلا واسعا بين الذين يرفضون فكرة زواج رجال الدين ويستندون الى نصوص كتابية ومحاذير كنسية حرمت على جميع رجال الكنيسة بكافة مراتبهم أى شكل من أشكال الحياة العامة، وبين المؤيدين الذين يطلق عليهم تيار الاصلاح الكنسى فانهم يرون أن رجل الدين أولا وأخيرا هو انسان ومن حقه أن يعيش حياته. قرار حرمان رجال الكنيسة من هذه الحقوق صدر عام 1865 فى عهد الأبنا اسناثيوس الثانى، وأكد هذا القرار الكنسى حرمان رجال الكنيسة من رهبان وأساقفة ونساك من ممارسة أى عمل أو طقس من طقوس الحياة العامة المدنية من زواج أو طلاق أو تجارة أو توظيف أو خدمة مدنية خارج أسوار الحياة الكنسية ومنذ هذا التوقيت لم تتم مراجعة القرار رغم أنه مستمد من كنيسة الفاتيكان الكاثوليكية وهذا ما أكده الدكتور "جوزيف بولس" الباحث اللاهوتى مشيرا الى أنه ومنذ ذلك التاريخ بعد زواج الأساقفة من القضايا المحرمة ذات الخط الأحمر التى لا يجوز الحديث فيها، ولكن بمرور الوقت وتعاقب العصور على الكنيسة المصرية أصبح الكلام عن هذه القضية ملحا وحيويا ضمن قضايا وملفات كثيرة تناولها العديد من أبناء اتجاه الاصلاح من العلمانيين، وكان دافعهم فى ذلك أنه رجل الدين الكنسى والأسقف هو انسان كأى فرد فى المجتمع ويمكن له أن يقع فى الأخطاء الانسانية العادية وهذا ما يفسر وقوع بعض الأساقفة بعض أخطاء وتجاوزات أخلاقية ارتكبوها مع بعض رائدات الكنائس أو ما نشر من قضايا اعتداءات جنسية عليهن. ويشير الدكتور القس "سميح صابر" الذى أعد دراسة كاملة عن زواج الأساقفة واباحته كتابيا وكنسيا وتم نشرها باحدى اصدارات كنيسة المعادى المعمدانية الأمريكية العام الماضى؛ الى أن تحريم الزواج على الأساقفة لا يستند الى أى مرجعية دينية أو كتابية الا قول بولس الرسول فى كرونثوس الأولى الاصحاح السابع حيث قال (ليتكم تكونوا بلاهم مثلى) وهذا القول فهم خطأ وتم تأويله بتشدد غير مبرر وخاطىء لأنه من المعروف أن بولس الرسول كان غير متزوج، فأعد كلامه هذا أمرا لهم بعدم الزواج أو التمتع بالنساء طالما أنهم داخل الكنيسة كرجال دين معتمدين وهبوا حياتهم ومستقبلهم لخدمة الرب والتفانى فى عبادته وخدمته ! ويرى القس "أندراوس عزيز" راعى كنيسة العذراء بمصر القديمة أن زواج الأساقفة وحرمته هو تقليد كنسى متوارث عبر تاريخ الكنيسة، ولكنه أيضا خرج كتقليد من متن الكتاب المقدس بعهديه الجديد والقديم وتأويلاته المتعددة التى تحظر على رجل الرب الحياة العامة كتمييز له عن الشخص العادى من شعب الكنيسة. يضيف القس "هانى عزيز" راعى الكنيسة مريم العذراء بشبرا : أن تحريم زواج الأساقفة ليس تقليدا بقدر ما هو أمر الهى صادر من الرب لرجل كنيسته الذى اختار بكل ارادته الخدمة ووهب حياته كلها للتعبد فى محرابه وبالتالى يجب على هذا الشخص أن يترفع ويسمو بقدر هذا الشرف الذى اختاره لنفسه عن غيره من أبناء الكنيسة وذلك بأن يحرم على نفسه، قبل أن يحرم عليه أى أحد أو أية شريحة، الحياة العامة بكل صورها وأشكالها من نساء أو مال أو ملذات أخرى أما القضايا التى تم تفجيرها مؤخرا واعتبرها البعض جرائم وتهم لبعض القساوسة والأساقفة بتجاوزات أخلاقية مهينة، فهى جرائم فعلها فى النهاية "أشخاص" ضعاف النفوس لا ينتمون للكنيسة أو شرف خدمة الرب الا بالاسم فقط ولا يجب احتسابهم على الكنيسة بأى حال من الأحوال، معتبرا سماح احدى الكنائس الكاثوليكية الغربية لاحدى أساقفتها بالزواج تجاوز كنسى خاص بكنائسهم ومجتمعاتهم طالما هو خارج نطاق الكنيسة المصرية.