أنت تعيش مع الآخر وتشاركه الحياة فى كل جوانبها ... وبالطبع تعرف لماذا ؟ لأن الآخر هو الأب والأم والابن والصديق والزوج والرئيس والزميل والمرؤوس والعميل ، وكلهم شركاء معك فى الحياة بشكل أو بآخر ... ولأنه لا مشاركة دون حوار سيكون من الضرورى أن تعرف كيف تتحاور مع الآخر ؟ ولكن قبل أن تعرف كيف تتحاور مع الآخر ؟ ... اعرف أولاً ما هو الحوار ؟ الحوار هو تبادل الآراء والأفكار والحقائق ، وربما المشاعر والاتجاهات بين طرف أو أكثر حول موضوع وأمر وشأن ما بهدف حل مشكلة ، والتعاون مع من تتحاور معه فى إجلاء وإظهار الحق فى موضوع ما ، ووضع أسس وقواعد المشاركة فى مشروع ما ، وبلورة فكرة ما لتكون أكثر وضوحاً عن أمر ما ، وتبادل المعلومات والمعارف إثراءً لقدرة إعمال العقل لأطراف الحوار . والحوار غير الجدل .. الحوار ينتهى بالاتفاق وتحديد نقاط الاختلاف تمهيداً لمعاودة الحوار أملاً فى الاتفاق ، أو وقف النقاش فى الموضوع دون عداء ، فالاختلاف فى الحوار لا يفسد للود قضية ، ولا يهدد العلاقة بين المتحاورين . أما الجدل فهو تبادل الآراء فى إطار من سوء النوايا لدى أطراف الجدال والنقاش، أو بعضهم ، حيث يحاول طرف أو أكثر من المتجادلين عدم إظهار الحق من خلال العناد الشديد بالتمسك بالرأى ، طلباً للغلبة فى الرأى والنقاش لذاتها ... ففى الجدل يكون الصراع بين طرف يحاول بكل السبل تثبيت وضع ما على نحو ما غالباً ما يكون هذا النحو باطلاً أو فى غير الحق أو مجافياً للمنطق فى مواجهة طرف آخر ربما يكون على حق ، وربما يكون ساعياً أيضاً إلى تثبيت وضع ما آخر على نحو غير الحق والمنطق . فى الجدل يكون الخلط فى الأمور بين الحقائق وأحكام القيم والمشاعر دون أى تحديد ، ودون معلومات كافية ، ويكون الغموض واستخدام الألفاظ ذات المعانى المتعددة ، والاحتكام إلى خبرات زائفة ، وقول أشياء غير متعلقة بالموضوع ، وافتقاد تحديد الأهميات النسبية لعناصر موضوع النقاش ، وافتقاد المنهجية أو البعد المتعمد عنها هو طبيعة الحوار وأسلوبه وأدواته وربما أيضاً خصائصه وسماته . أما الحوار فهو عكس ذلك تماماٍ ، وهنا أقول وأشدد عندما يجادلك الآخر فى غير الحق دون أن يشعر بالذنب ودون أن يتوقف عن جداله لك عند لحظة معينة فهو كاره لك ... لذلك إحذر الآخر الذى يجادل فى غير الحق ، ولا تصادقه وابتعد عنه ، واعمل جاهداً على تحجيم علاقتك به لو كنت مضطراً إلى دخول هذه العلاقة .