يحكى أنه فى عهد الخليفة الفاطمى المستنصر بالله والذى حكم مصر قرابة الستين عاما حدثت مجاعة شديدة فى مصر سميت بالشدة المستنصرية ، حدثت هذه المجاعة على إثر انخفاض منسوب مياه النيل فبدأت بنقص عام قى القدرات الإقتصادية فى البلاد والتى ترتب عليها أن الخليفة امتنع عن دفع رواتب الجند المأجورين من البلاد المختلفة والذين أوتى بهم لحماية الخليفة فتشاحن الجند مع الخليفة وهددوه ثم ما لبثوا أن قاموا بأعمال تخريبية فى البلاد من سرقة وقطع للطريق وقتل للناس حتى انقلب الجند على بعض البعض وقامت فى مصر حروبا قوية فى شوارعها انتهت بمجاعة كبرى فى البلاد ذاق على إثرها المصريون الأمرين ونقصت خزانة الدولة ثم ما لبثت أن نفدت وتعرضت مصر لنقص حاد فى المحاصيل الزراعية وانتهت بمجاعة فادحة ، لم يجد فيها الناس شيئا يأكلوه فأكلوا الكلاب والقطط فى الشوارع حتى نفدت الكلاب والقطط و تعارف المصريون على أن ثمن الكلب الواحد فى تلك الأيام وصل إلى خمسة دنانير والقط ثلاثة ، وأكلت الميتة والبغال والحمير ومن الطرائف أن قاضى الخليفة ذهب على ظهر بغلته إلى حى من الأحياء ليفصل فى أمر من أمور الناس فركن بغلته جانبا فخطفها أهل الحى وأكلوها ،وعندما علم الوزير بسرقه بغله غضب غضبا شديدا الا انه تمكن من القبض علي اللصوص....... وقام بشنقهم علي شجره وعندما استيقظ في الصباح وجد عظام اللصوص فقط لان الناس من شده جوعها قامت بأكل لحومهم يروى المقريزى أن سيدة غنية من نساء القاهرة آلمها صياح أطفالها الصغار و هم يبكون من الجوع لجأت إلى شكمجية حليها و أخذت تقلب ما فيها من مجوهراات و مصوغات ثم تتحسر لأنها تمتلك ثروة طائلة و لا تستطيع شراء رغيف واحد..فاختارت عقدا ثمينا من اللؤلؤ تزيد قيمته على ألف دينار، وخرجت تطوف أسواق القاهرة و الفسطاط فلا تجد من يشتريه.وأخيرا استطاعت أن تقنع أحد التجار بشرائه مقابل كيس من الدقيق و استأجرت بعض الحمالين لنقل الكيس إلى بيتها، ولكن لم تكد تخطو بضع خطوات حتى هاجمته جحافل الجياع، فاغتصبوا الدقيق، وعندئذ لم تجد مفرا من أن تزاحمهم حتى اختطفت لنفسها حفنة من الدقيق وحزنت لم حدث من الجماهير الجائعة، فعكفت على عجن حفنة الدقيق و صنعت منها قرصا صغيرة و خبزتها ثم أخفتها فى طيات ثوبها و انطلقت إلى الشارع صائحة : الجوع الجوع... الخبز الخبز... والتف حولها الرجال و النساء و الأطفال و سارت معهم إلى قصر الخليفة الستنصر، ووقفت على مصطبة ثم أخرجت قرصا من طيات ثوبها و لوحت به و هى تصيح : أيها الناس.. قلتعلموا أن هذه القرصة كلفتنى ألف دينار... فاشتكوا معى لمولاى السلطان... وبلغت الشدة بالناس أنهم كانوا يأكلون بعضهم البعض فى الطرقات فكانوا يتحالفون معا وينصبون الشباك من فوق البيوت وإذا مر غريب فى أحد الشوارع نصبوا له كمينا واصطادوه من فوق أسطح المنازل ووصل الأمر إلى الخليفة نفسه حيث باع أساس بيته حتى يطعم أبناءه ، وباع الرخام الذى على قبر آبائه ولم يتمكن من التعايش مع هذه الحالة فأرسل أبناءه وزوجته إلى بلاد كان بينه وبينها عداوة وقال بأن حالهم هناك فى بلاد أعدائى سيكون أفضل حالا من حالهم فى مصر ووصل الأمر بالخليفة إلى أن يستدين فتصدقت عليه ابنة أحد العلماء خارج مصر ، ولم يجد الخليفة حلا إلا أن يستدعى بدر الدين الجمالى من سوريا حتى ينهى الأزمة وتم له ذلك ولما عادت الأمور إلى نصابها قام بدر الدين الجمالى وزير الخليفة بعزل الخليفة وتعيين ابنه بدلا منه