يزور مصر هذه الأيام وفد من مؤسسة "فريدوم هاوس" وترجمتها بيت الحرية , وهى مؤسسة أمريكية تطوف بلدان العالم لتفتش بشكل أساسى عن الحريات العامة والحقوق السياسية وترفع تقريرا سنويا بهذا الشأن يتم الأخذ به فى توجيه السياسة الأمريكية وصنع القرار. لكن بيت الحرية لا يكتفى بالطبع فى أعداد تقريره على هذه الزيارة فقط ، فهناك تعاون بشكل أو بأخر مع حقوقيين ونشطاء من المجتمع المدنى يقبضون من بيت الحرية لتقديم مساعداتهم . ولبيت الحرية تاريخ طويل يزيد على 68 عاما بدأ منذ عام 1941 حين تم تأسيسه تحت الدعم المادى السرى للبيت الأبيض الحاكم فى الولاياتالمتحدة والذى عمل على دمج عدد من الجمعيات الأهلية فى كيان واحد لتنشر دعاية تقنع الأمريكيين بالمشاركة فى الحرب العالمية الثانية , وأثناء الحرب واصل الكيان الذى كان قد تبلور ويحمل اسم بيت الحرية فى التعبئة العامة للشعب الأمريكى ليقنعه بدخول أمريكا الحرب بجانب الحلفاء ومنهم ألمانيا النازية التى كانت مشهورة فى هذا التاريخ باضطهاد اليهود وحرقهم فى أفران الغاز ! وبعد انتهاء الحرب صارت هناك مهمات جديدة ل"بيت الحرية ", وتمثلت هذه المهمات فى الدعاية لتأسيس منظمة عسكرية ضخمة هى حلف الأطلنطى ومحاربة الشيوعية والعمل على تقويض ما تبقى من الأرث الأمبراطورى لبريطانيا وفرنسا , والعمل على تحسين صورة أمريكا وتقديمها كبلد للحريات فى العالم . وفى مفصل تاريخى جديد بدأ مع الرئيس الأمريكى ريجان الذى وجه دعما جديدا على المستوى المادى واللوجستى لنشاطات بيت الحرية , وبشكل مباشر من خلال إدارة الخارجية الأمريكية والمخابرات المركزية ، وأوكل إلى بيت الحرية مهمات تتعلق بمتابعة ودعم النشاطات السرية لوكالة المخابرات المركزية هذا غير التنسيق مع عدد أخر من المؤسسات والهيئات الشبيهه فى نشاطاتها والتى أنشئت فى عهد الرئيس ريجان. وفى هذا التاريخ أيضا بدأ صعود نجم صقور اليمين الأمريكى الجديد أمثال بول وولفوتيز وديك تشينى وغيرهما، وكان بيت الحرية مرتكز إنطلاق أساسى لتغذية سياساتهم فى البؤر الساخنة فى العالم التى تتركز فيها المصالح الحيوية لأمريكا مثل الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية , وتجربة بيت الحرية فى أمريكا اللاتينية بالتحديد تكشف بوضوح الوظيفة وطبيعة النشاط الذى تنفذه هذه المؤسسة من خلال برامجها التى تدعم فيها المنشقين عن حكوماتهم ودعم النقابات وأرباب العمل فى الدول المطلوب أثارة القلاقل والاضطرابات فيها ، وعلى هذا الأساس نفسه يصدر التقرير السنوى عن بيت الحرية.. تاريخ مشبوه لنشطات هدامة تحملها مؤسسة ترفع شعار الحرية ، وأولى بها أن ترفع شعار التخريب باسم الحرية وتخترق بلادنا وسيادتنا ، ونتعاون معها – للأسف - على المستوى الرسمى مجبرين ، وعلى المستوى الأهلى مخدوعين أو طامعين فى دولارتها ومعونتها.