التعليم تعلن ضوابط تکليف خريجي مبادرة إعداد 1000 معلم للعمل مديري مدارس    «المشاط» تستعرض مؤشرات نمو الناتج المحلي بحضور رئيس الوزراء    نتنياهو ووزير الدفاع ورئيس الأركان يعقدون جلسة نقاش أمني حول لبنان    الحوثيون يرفعون حالة التأهب بعد اغتيال القيادي العسكري في حزب الله اللبناني    أول كلمة له خارج إيطاليا.. بابا الفاتيكان يحذّر من حرب عالمية ثالثة    توروب: جاهزون لمواجهة الجيش الملكى.. ولا أعرف سبب غياب تقنية الفيديو    بتروجت يتأهل إلى دور ال16 في كأس مصر بعد الفوز على دجلة بهدف    روما يوقف قطار ميتييلاند المنطلق بالدوري الأوروبي    حتى 4 درجات مئوية، انخفاض الحرارة بدءا من الأسبوع المقبل    مصطفى بكري يعلن تجهيز مشروع قانون لتغليظ عقوبة الاعتداء على الصغار    تفاصيل إنقاذ 13 فتاة من الغرق بمصرف بالقنطرة شرق ووفاة المنقذ    مفتي الجمهورية يستقبل مدير مكتبة الإسكندرية لبحث تعزيز التعاون المشترك    أحمد مراد يشوق متابعيه بطرح برومو فيلم «الست» | شاهد    مشروبات طبيعية لتقوية الذاكرة عند النساء بعد الأربعين    وزارة الصحة توجه تحذير من حقننة البرد السحرية    غرفة عمليات مركز كفر الشيخ تحذر من شبورة مائية كثيفة    دنيا الطفل / سهرة الأسبوع ..... حفل موسيقى على المسرح الصغير وكورال الأطفال بالإسكندرية    هالة الصفتي.. حسناء سيف الدين تُشوق الجمهور لمسلسل 2 قهوة    الأهلي يشكر مسئولي الجيش الملكي    جامعة أسيوط تعزز الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب عبر اجتماع وحدة الأبحاث    قومي حقوق الإنسان يستقبل الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي لبحث آفاق التعاون المستقبلي    بعد ترشيح معزوفة اليوم السابع لجائزة الشيخ زايد.. جلال برجس ل الشروق: سعيد بالتواجد وسط كتاب مبدعين    أبى انطلق إلى العالم ببركات السيدة زينب    هل الصلاة في مساجد تضم أضرحة جائزة أم لا؟ أمين الفتوى يجيب    هل مصافحة المرأة الأجنبية حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الخشوع جوهر الصلاة وروحها ويُحذر من هذه الأمور(فيديو)    «رجال يد الأهلي» يفوز على البنك الأهلي في دوري المحترفين    الجدول النهائي لبقية مراحل انتخابات مجلس النواب 2025    هيئة الرعاية الصحية تمنح رئيس قطاع إقليم الصعيد جائزة التميز الإدارى    مدبولي: نتابع يوميًا تداعيات زيادة منسوب المياه    بالأسماء.. إصابة 7 طلاب فى حادث تصادم سيارتين بأسوان    وزير قطاع الأعمال: مصر شريك أساسي في بناء صناعة دوائية متكاملة    الاتحاد الأفريقي يدعو الى الإفراج الفوري دون شروط عن رئيس غينيا بيساو    مريم نعوم تعلّق على توجيهات منسوبة للجنة الدراما بشأن مسلسلات رمضان: لو الخبر صحيح سأعلن إضرابي عن العمل    توزيع آلاف الطرود الغذائية والمساعدات الشتوية من مصر لقطاع غزة    سوريا تعلن إطارا تنظيميا جديدا لإعادة تفعيل المراسلات المصرفية    ضبط المتهم بالاستيلاء على أموال مقابل تشغيلها فى الذهب بقنا    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    منظمات حقوقية: مقتل 374 فلسطينيا منهم 136 بهجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار    أوقاف الغربية تنظّم ندوة علمية بالمدارس بعنوان «حُسن الجوار في الإسلام»    تفاصيل اجتماع وزير الشباب والرياضة مع رئيس اتحاد الجودو    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    مقتل أكثر من 30 وفقدان 14 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية في سريلانكا    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    غلق 32 منشأة طبية خاصة وإنذار 28 أخرى خلال حملات مكثفة بالبحيرة    جامعة بنها ضمن الأفضل عربيًا بتصنيف "التايمز" البريطاني 2026    سلطات هونج كونج: ارتفاع عدد قتلى حريق اندلع بمجمع سكني إلى 55    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    هاري كين: هذه أول خسارة لنا في الموسم فلا داعي للخوف.. ومتأكد من مواجهة أرسنال مجددا    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    وسائل الإعلام العالمية تشيد بشراكة مصر و "Jet2" البريطانية    د.حماد عبدالله يكتب: وظائف خالية !!    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة وتحديات الإنتاج والتنمية
نشر في مصر الجديدة يوم 21 - 04 - 2011

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد..
فالحمد لله الذي جعل الشكر عملا فقال: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا) وجعل السعي في الأرض لإعمارها والابتغاء من فضل الله عبادة من العبادات، فالله الذي أمر بالاستجابة للصلاة والسعي لذكره هو الذي أمر بالانتشار في الأرض والابتغاء من فضله بعد انقضاء الصلاة واعتمد العمل دعامة أساسية للاقتصاد والتنمية، ودعا إلى الكسب وزيادة الإنتاج ورتب العقاب على أصحاب الطاقات المعطلة أو الضائعة الذين لا يحسنون استثمارها.
وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمة على الانتاج والتنمية في كثير من الأحاديث منها قوله: "لا تزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عنْ أربعٍ عنْ عُمُرِهِ فيما أفناهُ وعنْ جسدِه فيما أبْلاهُ وعنْ مالهِ مِنْ أيْنَ أخذهُ وفيما أنْفَقَهُ وعنْ عِلمِهِ ماذا عَمِلَ بهِ"، وجعل المسلم يستعيذ دائما من العجز والكسل فليس من ثقافة المسلم ولا من طبيعته القبول بهما ولا التسليم لهما .
وقد حثنا المصطفى صلى الله عليه وسلم على ضرورة التخلص من كل أسباب الضعف التي تعيق تقدم الأمة: مثل ضعف الإرادة كالهم والحزن، وضعف الإنتاج بالعجز والكسل، وضعف القلب بالجبن والبخل، وضعف العزة والكرامة بالدَّين والقهر، فكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال".
وتقديراً لقيمة الوقت والجهد وأثرهما على الانتاج ونهضة الأمة ذم الرسول صلى الله عليه وسلم المضيعين للوقت والطاقة في قوله "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ"
لقد رفعت الثورات الشعبية شعار "إسقاط النظام" وها هي النظام قد تساقطت أو بدأت في التساقط، وهذا يدفعنا إلى التفكير في المهمة التالية بعد إسقاط النظام، إنها المهمة الشاقة والأهم والأصعب والتي تذكرنا بما جاء فى الأثر: رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وهي مهمة تغيير المجتمع ودفعه نحو الإنتاج والتنمية، ورغم أن هذا الأمر ليس هينا وسوف يستغرق الكثير من الوقت لكنه هو الضمانة الوحيدة للانطلاق بالمجتمع من تلك الهوة السحيقة التي وضعه فيها النظام السابق.
إن ما ننشده الآن هو إنشاء واقع اجتماعي واقتصادي وسياسى جديد يقوم على إطلاق المبادرات المحلية وتنمية المجتمع نفسه بنفسه فيما يسمى بالتنمية الذاتية والتي تخلق واقعًا جديدًا يكون فيه المواطن أكثر استقلالا وحرية ونشاطًا، وأكثر مشاركة فى حاضر أمته ومستقبلها؛ بناءً وتضحيةً ومشاركةً وتفاعلاً مع قضاياها ومشكلاتها والبحث الجاد عن حلول جذرية لها.
لقد كانت الحرية والتنمية هي التحدى الأساسي فى بناء الأوطان ويعبّر القرآن الكريم عن ذلك بقوله (فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ) (سورة البلد :11-12) فهذه هي المهمة الكبرى لنا جميعًا الحرية والتنمية وليس المكاء والتصدية.
يقول الله تعالى: (وَآيَةٌ لَّهُمُ الأَرْضُ المَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَباًّ فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ العُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ) [سورة يس :33-35).
وهنا تأتي فكرة (وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) من مشروعات وحرف وصناعات إنتاجية تساهم في التنمية والرقي والتقدم وتضع حلاً لجيوش العاطلين.
ويقول الله تعالى: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون) (سورة النحل : 68-69).
فيعلمنا الله عز وجل أنه قد أرشد النحل وحيًا إلى أمور ثلاثة: كيف تسكن؟ وماذا تأكل؟ وأن تسلك سبل ربها ذللاً فقد أعطاها السكن والطعام والحرية وهي نفس الأشياء التي ينبغي للإنسان أن يعظمها ويحافظ عليها وكما فعل النحل يفعل الإنسان فيخرج من عمله خيرًا كثيرًا لمجتمعه.
وقد شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن بالنحلة والنخلة والتشابه والتطابق معهما غاية فى الإعجاز .
إن الخوف على الثورة الآن ليس من الثورة المضادة وإن كانت أذنابها لا زالت تتخلل كيان المجتمع ولكن الخوف من أن تتوقف عجلة الإنتاج والتنمية في الوطن ومن ثم فنحن في حاجة إلى رجال يقيلوا عثرة الأوطان من تلك العسرة والشدة نحتاج إلى الرجال "القدوة" الذين لا يسألون عن الرزق الوفير دائما سؤالهم عن الواجب الكبير نحو الوطن والذي عبر عنهم القرآن بكلمات (أُوْلُوا بَقِيَّةٍ) كما جاء في الآية: (فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ القُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الفَسَادِ فِي الأَرْضِ) [هود: 116] هؤلاء هم الذين يضطلعون بمهمة الإنقاذ في ساعة العسرة التنموية ..
إننا في حاجة إلى مثل "عثمان" و"ابن عوف" من جديد، من الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم لا لشيء إلا ابتغاء رضا الله والجنة.
وخلاصة القول: إن العمل والإنتاج هما المؤهلات التي يستحق أصحابها الخلافة في الأرض والقرآن الكريم يحدثنا في قصة "نوح" عن صناعة السفن وفي قصة "داوود" عن إلانة الحديد وصناعة الدروع ويحدثنا عن التخطيط الاقتصادي لمدة أربعة عشرة سنة في قصة "يوسف" كما يحدثنا في قصة "ذو القرنين" عن صناعة السدود الضخمة، كما يحدثنا عن منافع الحديد العسكرية والمدنية في سورة خاصة تحمل اسم "الحديد" وكذلك مدح ذى القرنين فى حسن توظيف الأخذ بالأسباب ( وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً)(الكهف: من الآية84) فلا عجب إن قامت في ظل هذا الدين دولة مترامية الأطراف ورثت أعظم إمبراطوريتين في الأرض أسسها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمتن الأسس وأقوى الدعائم الجامعة بين الدين والدنيا والقائمة على الإنتاج والتنمية.
فهيا إلى العمل والإنتاج والتنمية وتغليب صالح الوطن على المصالح الشخصية ولنتسابق في تقديم النماذج العملية والقدوة الصالحة في تقديم الحلول العلمية المخلصة للمشكلات أوطاننا مستعينين بعد الله على علمائنا ومفكرينا وبخطط علمية مدروسة وعلى قدراتنا ومقدراتنا.
وصلى اللهم على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
الخميس 18 جمادى الأولى 1432ه .. الموافق 21 إبريل 2011
المرشد العام للإخوان المسلمين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.