أثار خبر مرض الرئيس السابق حسني مبارك اليوم عقب نقله إلي مستشفي شرم الشيخ الدولي والتحقيق معه هناك حالة من الخلاف الشعبي والحكومي ، خاصة بعد أن أوصي الأطباء بضرورة نقله للعلاج في ألمانيا ، وهو الأمر الذي ترفضه المؤسسة العسكرية ويرفضه غالبية الشعب في الوقت نفسه ، في حين التزمت منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الصمت تجاه هذا الأمر ولم تبد رأيها سواء بالموافقة علي علاجه داخل مصر أو خارجها . وهو ما حدد موضوع مساحتنا للاختلاف هذا اليوم حيث إن المنظمات الحقوقية تطالب بحق كل الناس في المساواة كما أنها تنادي بحق المساجين لأي أسباب في العلاج الذي يحدده الأطباء ، لكنها صمتت تجاه حق الرئيس السابق في العلاج ، في حين رفضت المؤسسة العسكرية علاج الرئيس المخلوع خارج مصر ، حيث عرضت علي الأطباء المعالجين لمبارك أن تحضر الوفد الطبي الألماني إلي مصر لعلاجه في مصر ، وهو الأمر الذي مازال مطروحا للتفاوض والنقاش ولم يصدر بشأنه قرار حتى هذه اللحظة . وكان الرئيس السابق حسني مبارك قد خضع للتحقيق منذ مساء اليوم بعد أن أصدر السيد المستشار عبد المجيد محمود أوامره بإحضار مبارك إلي القاهرة للتحقيق معه في عدة تهم موجهة إليه ، يأتي من بينها اتهامه بتضخم ثروته وهو ما نفاه منذ يومين في رسالة صوتية وجهها للشعب المصري من خلال قناة العربية الفضائية ، بالإضافة إلي تهمة التحريض علي قتل المتظاهرين السلميين يومي الثاني والثالث من فبراير الماضي في الواقعة الشهيرة بموقعة الجمل ، والتي تلاها قيام مجموعة من القناصة بقتل عشرات الشباب من المتظاهرين في ميدان التحرير ، إلي جانب اتهامه باستغلال سلطاته للحصول علي مكاسب غير شرعية وبالمخالفة للقانون ، وكذلك اتهامه بالمسئولية عن الفساد الذي انتشر في البلد أثناء حكمة . لكن التحقيق معه جري في مدينة شرم الشيخ بعد إبلاغ وزير الداخلية اللواء منصور العيسوي للنائب العام صعوبة إحضار مبارك إلي القاهرة لأسباب أمنية ، وهو الأمر الذي دعا النائب العام إلي إصدار قرار بانتداب هيئة من محامي العموم للتحقيق مع الرئيس السابق في شرم الشيخ ، وهو ما بدأ بالفعل أمس والتي أصدرت قرارها بحبس مبارك خمسة عشر يوم علي ذمة التحقيق ، فدخل بعدها في حالة حرجة من المرض استلزمت نقله للمستشفي ، وتم الكشف عليه من قبل فريق من الأطباء والذي أوصي بضرورة نقله لألمانيا لصعوبة حالته المرضية ، وهو ما أثار الجدل . في البداية رفضت المؤسسة العسكرية طلب الأطباء خشية أن يتم اتهامها من قبل الشارع بأنها تواطأت مع الرئيس السابق وسلبت الشعب حق الاقتصاص منه ، وهو الأمر الذي تفهمه الأطباء لكنهم طالبوا بحل لهذه الأزمة الصحية ، فعرضت المؤسسة العسكرية أن تقوم بإحضار الوفد الطبي لعلاجه في مصر ، وهو ما رفضه عدد من النشطاء والسياسيون معتبرين أن في ذلك ظلم لبقية أفراد الشعب المصري لعدم المساواة بين المصريين الذين يعالجون في مصر ولا يسافرون إلي الخارج للعلاج ، ولا يتم إحضار أطباء لهم . وعلمت مصر الجديدة من مصادرها الخاصة برئاسة الوزراء أن هناك رفض قاطع لأمر سفر الرئيس السابق للعلاج خارج مصر ، حيث إن ذلك من شأنه أن يثير الاتهامات ضد الحكومة بالوقوف إلي صف حسني مبارك ضد رغبات الشعب الذي ينادي بمحاكمته ومنعه من السفر ، وأن هناك اختلافات بين أعضاء الحكومة حول قرار جلب أطباء ألمان لعلاج مبارك في مصر ، لكن الرأي الأكثر استقرارا هناك هو ترك الموضوع برمته للمجلس العسكري ليتخذ القرار الذي يراه مناسباً في هذا الشأن . هذا وقد وجدت مصر الجديدة رفضاً شعبيا بنسبة كبيرة جدا لأمر سفر مبارك للعلاج لكن النسبة تقل بعض الشيء في أمر إحضار أطباء من الخارج لعلاجه في مصر ، حيث رأي البعض أن هذا الأمر مقبول إلي حد ما بخلاف الخيار الآخر الذي أوصي به الأطباء المشرفين علي حالة الرئيس السابق العلاجية ، حيث رفض ائتلاف شباب الثورة وعدد من الحركات الاحتجاجية منها شباب 6 أبريل والعدالة والحرية وجبهة شباب ناصري للإصلاح السياسي ، وغيرها من القوي السياسية سفر مبارك أو حتى إحضار أطباء من الخارج له .. مطالبين بعلاجه في مصر وبأيدي الأطباء المصريين الذين لا يقلون كفاءة عن نظرائهم الأجانب . وفي ظل هذا القدر من الاختلاف يبقي حق الاختلاف في وجهات النظر مكفولا للجميع علي ألا يفسد علينا عملة الإصلاح والتنمية وإعادة بناء مصر من جديد .. وتبقي مساحتنا للاختلاف موجودة بين الآراء المتباينة .. ويبقي أمر علاج الرئيس المخلوع بين أيدي المجلس الأعلى للقوات المسلحة ( الحاكم ).