لن نتوه ونضيع بين غابات ووديان الإعلان الدستوري، ولن نفتح قصته الدرامية حيث استفتانا المجلس العسكري على 9 مواد، ثم جاءنا من حيث لا ندري ب 62 مادة!، أيضا لا نريد فتح ملف موقعة "الجلابية" في استاد القاهرة، وما صاحبها من تقصير أمني يصل إلى حد المهزلة!، ولا نريد التعليق تفصيلا على انفعالات اللواء ممدوح شاهين - عضو المجلس العسكري - وإهانته للشعب المصري والجيش معا، بقوله "احمدوا ربنا أن الجيش المصري لم يضرب المتظاهرين كما فعل جيش ليبيا"، فالجيش المصري الوطني هو جيش الشعب، ولا يصح - إطلاقا - وضعه في مقارنة مع عصابات القذافي المرتزقة يا سيادة اللواء، في كل ما سبق سنستخدم فسلفة "ما علينا"!، لكن أهم ما يجب طرحه في هذه اللحظة الخطرة من عمر الثورة هو لماذا لم يحاكم مبارك وعائلته إلى الآن؟! .. والسؤال إلى المجلس العسكري. لقد كانت جمعة "إنقاذ الثورة" 1 إبريل 2011م حدثا فارقا في عمر ثورتنا المجيدة، حيث عادت جماهير الثورة - وبمقاطعة الإخوان - إلى الاحتشاد بكثافة عالية في ميدان التحرير، حينما شعرت أن هناك خطرا واضحا، وتباطؤا خانقا، يحيطان بأهداف الثورة، وذلك الحدث يعكس وعي وفطنة جماهير الثورة العظيمة، قد بدا يومها الغضب مختلطا بالحيرة، والتساؤل ممتزجا بالريبة، والهتاف مصحوبا بالمرارة .. وكان السؤال لماذا لم تحاكموا مبارك إلى الآن؟! ومع غضب جماهير الثورة، غاب لأول مرة منذ 29 يناير 2011م شعار "الجيش والشعب إيد واحدة"، بل وصل الأمر أن هتف بعض الجماهير في جمعة "إنقاذ الثورة" ضد المجلس العسكري، ونعته بعضا آخر بالتواطؤ، ووصلت الأمور إلى هتافات تمس المشير طنطاوي، أقلها تطالبه بالاختيار "يا مشير عليك تختار .. بين الفاسد والأحرار"! نحن اليوم أمام منعطف خطير للثورة المصرية، فبحكم قوانين الفيزياء، وقواعد الطبيعة، شغل الجيش فراغ تنحي الرئيس يوم 11 فبراير، وتحت حرارة الأحداث وظروف الأمر الواقع، على أساس واضح أعلنه المجلس العسكري في بياناته الأولى، حيث قال أنه حامي الثورة، وأيضا قوله أنه - أي المجلس - ليس بديلا عن شرعية الشعب، إلا أنه حدثت أخطاء أخذت تسحب من ذلك الرصيد الكبير جدا لديه عند جماهير الثورة، بدأت بالاعتداء على المعتصمين في ميدان التحرير، مطالبين بإقالة حكومة أحمد شفيق التي عينها الرئيس المخلوع، وقد أصدر بعدها المجلس بيانا حمل عنوان "نعتذر ورصيدنا لديكم يسمح"، أثلجت تلك اللغة الرقيقة صدور الثوار، وعادت الأمور إلى طبيعتها، واستمر شعار "الجيش والشعب إيد واحدة" ساطعا في سماء الثورة، ثم حدث اعتداء آخر للشرطة العسكرية على الطلاب المعتصمين سلميا في كلية الإعلام جامعة القاهرة، مطالبين بإقالة عميد الكلية د. سامي عبدالعزيز عضو لجنة السياسات في حزب الرئيس المخلوع، ثم كانت تصريحات اللواء ممدوح شاهين التي استفزت جماهير الثورة بشكل كبير. أخطر ما في الأمر هو ذلك التباطؤ الغير مفهوم، والغير مبرر في محاكمة الرئيس المخلوع وعائلته، نحن لسنا أمام سارق بنك، بل سارق بلد، ليس قاتلا عاديا، بل سفاح قتل شهداء الثورة، واحترف القتل طيلة عهده الأسود بالمبيدات المسرطنة، والقطارات المحترقة، والعبارات الغارقة، وببطش التعذيب لأجهزته الأمنية الوحشية كما حدث مع خالد سعيد وسيد بلال، ثم أخذ "يستجم" في شرم الشيخ دون أن يمسسه أحد!، ولا هو ولا رجاله المقربين زكريا عزمي، وصفوت الشريف، وفتحي سرور، وما حدث معهم من توجيه اتهامات وخلافه حدث بعد جمعة "إنقاذ الثورة" ومشهد الغضب الصارخ فيها، وحتى كتابة هذه السطور لم يلقى القبض عليهم أو على أحدهم! تتردد أنباء أن هناك ضغوطا داخلية وخارجية تحول دون محاكمة مبارك، ونحن نقول بوضوح للمجلس العسكري أخبرونا بالحقيقة، صارحوا الشعب بكل شئ، الآن وليس غدا، واعلموا أن هذا الشعب العظيم ويده في يد جيشه الوطني أقوى من أي قوى داخلية أو خارجية، مهما كانت! يجب أن يعلم المجلس العسكري أن ثقتنا بالجيش المصري بلا حدود، وأننا أشد الناس حرصا على شعار "الشعب والجيش إيد واحدة"، لكننا يجب أن نعترف أن هناك توترا ظهر في العلاقة بين المجلس العسكري وجماهير الثورة، والكرة الآن في ملعب المجلس العسكري، صارحونا بالحقيقة لماذا هذا التباطؤ في محاكمة مبارك؟!، صارحونا وانقذوا شعار الشعب والجيش إيد واحدة، وقبل الشعار انقذوا مصر الغاضبة!