وسط الأجواء المشحونة بالمظاهرات و الاعتصامات و توقف عجلة الانتاج و فى حالة تقترب من الفوضى بالشارع المصرى عامة و وزارة الأوقاف خاصة ، و هجمات شرسة على الخطاب الدينى و الدعوة الإسلامية بأسباب مختلفة كتدني رواتب الدعاة ، و تدني مستواهم العلمي و الدعوي و مع الاتهامات التي تواجه وزير الأوقاف و وكلائه بالفساد و نهب هيئاتها .. حاورنا وزير الأوقاف الجديد الدكتور عبد الله الحسينى هلال بعد توليه مناصبه مباشرة و قبل بدئه العمل . و خلال الحوار أكد د . عبدالله الحسيني هلال أن علينا أن نبدأ العمل الجاد فورا ، و أن نحكم العقل حتى تخرج مصر من هذا النفق المظلم . و أشار د . الحسيني إلى التعديات التى شهدتها أراضي الأوقاف في الفترة الأخيرة و التي وصلت إلى 1200 حالة تعد ، و غير ذلك من مشكلات و قضايا في حواره معنا بكل صراحة و جرأة .. و كان هذا نص الحوار : = توليت مهام عملك وسط مظاهرات و اعتصامات ترفع شعار المطالب الفئوية وخروجا على النظام العام .. كيف ترى المهمة ؟
إننى أقول للدعاة بصفة خاصة و المواطنين بصفة عامة إن رسالتكم وصلت حينما خرج شباب مصر فى 25 يناير و كانوا الشعلة التى أوقدت الثورة و رفعوا شعارات تتضمن الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و المساواة و التغيير و التطوير إلى الأحدث و الأفضل و كلها مطالب مشروعة تبناها الشعب مع الشباب الثائر بميدان التحرير و حدث ما أراد الشعب كله و انتقلت السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة و بدأ المجلس فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق مطالب الجماهير ، بدليل ما شهدته الساحة المصرية فى الأيام الماضية من التصويت على التعديلات الدستورية بحرية و نزاهة و هى أول مرة يمارس فيها الشعب الديمقراطية المطلقة و نطالب المواطنين بأن يلتزموا الهدوء و أن يحكموا العقل و أن يحافظوا على مصر . = نشعر بالخوف ، ففى كلامكم نبرة القلق على مستقبل مصر .. - أشعر بالحزن و الخوف الشديد على مستقبل مصر من المظاهرات و الاضطرابات التى تعيشها البلاد فقد طالت الفترة بشكل كبير أثر على الموارد الاقتصادية كالسياحة و الاستثمار و التصدير حتى وصل الأمر الى امتناع البعض عن دفع الضرائب مما يهدد المجتمع بمشكلة إقتصادية كبيرة كما أنه يؤثر على صورة مصر فى الخارج فكل الدول تنظر إلى مصر على أنها بلد الحضارة و الثقافة و التقدم و هى رائدة الدول العربية و منطقة الشرق الأوسط و الجميع من دول الجوار يرجون لها الأمن و الاستقرار . = و نحن نتحدث عن الموجة التى تشهدها مصر من الاضطرابات و الخسائر التى تواجهها يوميا و التي قدرها الخبراء ب 350 مليون دولار . . متى تنتهى تلك الفوضى ؟ - ماتخسره مصر من وقف السياحة و الاستثمار و الإنتاج المحلى بالقطاع العام أو الخاص و عزوف المستثمرين الأجانب بسبب الاضطرابات التى تشهدها البلاد يودى بمصر إلى الوراء و لا يمكن أن نتوقع متى تنتهى الأزمة إلا بانتهاء الاعتصامات التى أوجدت عواقب وخيمة من جرائها و التى لم يعد لها أى مبرر على الإطلاق فالرسالة وصلت و تفهمها الجميع فليس أمامنا الآن سوى أن نقبل على العمل بجد و اجتهاد و أن نحاول أن نعوض هذه الفترة التى مرت بها البلاد و أن نحافظ على أمنها و استقرارها و صورتها حتى تتحقق آمالنا و طموحاتنا . = بعد أن قطعنا شوطا فى المظاهرات و الاضطرابات هل ترى أن هناك ثورة مضادة تريد إحباط ما أنجزته ثورة الشباب ؟ - هناك محاولات من فئات معينة تحاول الانقضاض على مكاسب ثورة الشباب بل و تحاول الإساءة إليها و هو ما يحدث الآن ، كما يريد هؤلاء إبقاء حالة الفوضى ، مما يؤثر على الرجل البسيط عامل اليومية حتى تجعله لا يجد قوت يومه مما يؤدى به الحال إلى أن يثور بسبب جوعه و جوع عياله مما يستعدى البسطاء على الثورة و على شبابها و مكاسبها فنحن نريدها بيضاء نقية نتمتع بمكاسبها و خيرها على المدى القريب و البعيد . = البعض يتهم الوزارة بأنها سبب فى تراجع الخطاب الدينى فهل وضعتم خطة محكمة لتفعيل دورها محليا و دوليا ؟ - حينما جئت إلى هنا و تقلدت المنصب رغم ما تمر البلاد من مظاهرات و ظروف دقيقة و صعبة و مع كثرة الاجتماعات مع أصحاب المطالب الفئوية المستمرة إلا أننا عكفنا على إعداد خطة ذات شقين شق عاجل و آخر آجل لأن الدعوة هى أول اهتمامات وزير الأوقاف و النهوض بها فرض واجب مقدم على كل المطالب فقد وضعنا تصور للخطة العاجلة مع الأزهر و فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ، فإنه تم الاستعانة بمجموعة من شيوخ و علماء الأزهر البارزين و القدامى فى عملية الدعوة الإسلامية و على منابر الأوقاف لأنه لا يخفى على الجميع أن منابر الأوقاف تتعرض لهجمة شرسة من بعض العناصر المشبوهة التى تحاول أن تعتلى هذه المنابر لتبث أفكارا هدامة تخالف منهج الأزهر و الاوقاف المعتدل و الوسطي من باب قول الله تعالى " أدع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة " . = و ماذا عن الخطة الآجلة ؟ - أما الخطة الآجلة فقد بدأت فيها من قبل أن آتى إلى هذا المكان مع الإمام الأكبر تبدأ بإعادة النظر فى المناهج و المقررات الدراسية المقررة على كلية الدعوة و أقسامها بكليات أصول الدين و الدراسات الإسلامية و دعمها بالمقررات التى تواكب العصر و تلبى حاجة الداعية العصرى الذى يفهم و يطبق فقه الأولويات و الذى يؤهله بإلمامه بقضايا مجتمعه و مشكلاته يستطيع أن يتواصل بكل مستجدات و معطيات العصر . اجتمعنا مؤخرا بوكلاء وزارة الأوقاف بالمديريات و كلفناهم بأمرين و هما اختيار إثنين من الدعاة المتميزين من كل مديرية لتدريبهما فى الوزارة على الحاسب الآلى بما يعادل مستوى ال ICDL لقيام هذه المجموعة بعمل دورات تدريبية أخرى للدعاة بالمديريات ، و الأمر الثانى قيام مديرى المديريات بإرسال أسماء الدعاة الذين لديهم القدرة على اقتناء أجهزة لاب توب كى تقوم الوزارة بتوفيرها لهم بأسعار رمزية و بالتقسيط المريح لتنمية المخزون المعرفى و الثقافى عن طريق المكتبات الألكترونية . = و من تطوير الداعية إلى تحسين حالته المادية هل ترى أن الراتب الحالى يسد حاجة الإمام و يساعده على العطاء ؟ - الدعاة هم إحدى شرائح المجتمع و معلوم أن مرتباتهم لا تتناسب مع أعباء الحياة بل و لا تكفى التزاماته لكن من جانبنا نحاول أن نرفع من شأن هذا المرتب ، و بدأنا بالفعل فى ذلك على قدر استطاعتنا فقمنا برفع بدل الزى بنسبة 70 % تقريبا أى 30 جنيها بدلا من 18 جنيها شهريا و هذه تعد خطوة على الطريق و نسعى دائما لتحسين حال الأئمة حتى يتم تحسين حال الدعوة . = هناك عجز فى المديريات و المساجد تشتكى من قلة الأئمة و الفترة الأخيرة شهدت منابر الأوقاف فيها دعاة لا ينتمون إليها فأين طلاب الأزهر ؟ لا يخفى عنكم أن هناك عجزا شديدا فى الدعاة و مساجد و زاويا تغلق لعدم وجود إمام و لكن ليس لنا دخل فى هذا العجز فنحن نطلب من وزارة المالية و جهاز التنظيم و الإدارة خمسة آلاف درجة مثلا و تعطينا ألفين و ليس من حقى أن أوفر فرصة عمل بدون درجة و نستعين الآن بالدعاة و المشايخ المحالين على المعاش للاستعانة بهم فى سد العجز . = و أين دور خطباء المكافأة ؟ - خطباء المكافأة ليسوا على درجة و بعضهم لا ينتسب للأزهر أو الأوقاف و نحن ندرس موقف هؤلاء بعناية لنختار من بينهم من يصلح لأن يكون داعية معينا بالأوقاف و منهم من لم يصلح لعلاج هذه القضية لأن بعضهم أساء لمنبر الأوقاف . = هل هناك اقتراح لعمل شعبة خاصة فى المرحلة الثانوية للدعوة فى الداخل على غرار الشعبة الإسلامية الموجهة للخارج ؟ - أعتقد أننا سرنا خطوات فى هذا الطريق بإنشاء شعبة الدراسات الاسلامية الخاصة و التى تبدأ من المرحلة الثانوية و أعتقد البعض أن هذه الشعبة للخارج فقط بل سوف تأخذ منها مجموعة لندعم بها الدعوة الإسلامية فى الداخل ، ففى الدفعة التى تخرجت مؤخرا و التى درست علوم إسلامية و عربية و إنجليزية و حاسبا آليا و التى سافر منها إلى إنجلترا مبعوثين للحصول على الدكتوراة سوف نأخذ منها مجموعة لتدريب الدعاة فى الداخل لإثراء ثقافتهم الإسلامية فى جميع التخصصات و سوف تقود هذه الشعبة على مدار المرحلة المقبلة الدعوة الإسلامية فى الداخل و الخارج . = الكثير من خريجى الأزهر تقدموا للعديد من المسابقات خلال العشر سنوات الأخيرة و حرموا أمنيا بعد اختبارهم فما موقفكم من هؤلاء ؟ و كيف ترى مصيرهم ؟ - سوف نضع مع مديرى المديريات و قيادات الوزارة ضوابط للتعامل مع هذه المشكلة وفق معايير واضحة تتفق مع الجميع دون تفرقة و قد وضعنا لجنة تظلمات لبحث طلبات التظلمات و الالتماسات فى هذا الشأن و قد تحرر الدعاة تماما من أيدى الأمن الباطشة . = بعض أصحاب المساجد الأهلية و الزوايا يشتكى من وجود قياديين بالمديريات يطلبون الرشاوى لتسهيل عملية الضم ؟ - هناك شروط و آليات فى ضم المساجد كلها بعيدة عن الرشاوى و ما شابهها و من يثبت ذلك يتقدم لنا بمذكرة و سوف نتخذ ضده الإجراءات القانونية المناسبة و لن نسمح أو نتهاون فى محاسبة الفاسدين و المقصرين . = هل تشرف الوزارة على المساجد غير المضمومة كالمساجد الأهلية و التابعة للجمعية الشرعية أو أنصار السنة ؟ - لا شك أن الوزارة تشرف على جميع المساجد و هى التى تعطى ترخيص للجمعيات و بناء عليه فالوزارة تشترط قبل الترخيص أن تشرف على المسجد و يتم الرجوع لنا فى العديد من الأمور .أتيت إلى هنا و وجدته مطبقا فى بعض المساجد وهو من القضايا التى سنعكف على دراستها مع كبار العلماء وكنا قد وضعناها فى بداية ملفاتنا ولكن شغلتنا المظاهرات والمطالب الفئوية . = هيئة الأوقاف أثير حولها الجدل فهل هناك ثوب جديد لها ؟ - فى الحقيقة أن هناك أمور كثيرة تثار حول عمل التهيئة و حول ما يدور بداخلها سمعنا كثيرا و لكن ليس من عاداتنا و لسنا من هواة التغيير دون الوقوف على حقيقة الأمر فالتغيير المفاجئ يتسبب فى سقوط المؤسسات و كما ذكرنا نحن ضد الفساد و لن نتستر على المفسدين . = هل هناك خطة لاستثمار الوقف لدعم عجلة التنمية القومية ؟ - فى الفترة الحالية صعب ، فأموال الهيئة تنهب بوسائل مختلفة ، ففى الأزمة الحالية حدثت 1200 حالة تعد على أراضى الأوقاف ، كما أن هناك حالات بلطجة على الشقق التى بنتها الأوقاف حديثا فمنهم من استولى عليها كليا و منهم من أتلف أبوابها و منتفعاتها و من جهة أخرى يمتنع المزارعون عن دفع إيجار الأراضى الزراعية حتى بعد انخفاض سعرالإيجار إلى 1000 جنيه بدلا من 1600 للفدان ، نفس الشئ لدينا إسكان مدعوم و هو يباع بسعر التكلفة و بالتقسيط المريح ، و إسكان استثمارى فالدخل و الاستثمار قليل و لكننا نسعى فى الأيام المقبلة إلى انتعاش و تنمية الوقف للنهوض بدور الأوقاف فى دفع عجلة التنمية القومية .