ربما لايحتاج وزير الإعلام أنس الفقى إلى الإشادة بفكرته فى جمع نجوم برامج التوك شو فى ليلة الاحتفال بعيد الميلاد. لكن الفكرة كانت جميلة، وكانت ليلة مصرية أو رسالة مصرية إلى الوطن، وإلى الوطن العربى، الذى يتابع هؤلاء النجوم.. وتهنئتى للوزير تنبع من إعجابى بأن القيادات فى مواقعها تطرح الأفكار، وأن ما جرى كان تأكيدا على أمر طرحته باقتناع شديد منذ عامين، حول المنظومة الإعلامية، وأنه لا فارق فى النهاية بين إعلام الدولة والإعلام الخاص، فكلاهما يخضع للنظام العام ويمارس رسالته الوطنية، ويتوحد ويتحد فى التحديات الكبرى.. ليلة الاحتفال بعيد الميلاد اكتشفت مثل ملايين المصريين فرقة «سماع للإنشاد والموسيقى المقدسة» (أظن أن هذا اسمها)، وفى تلك الليلة بكى بعض المشاهدين مع بكاء بعض أعضاء الفرقة انفعالا بالموقف.. وأتوقف هنا عند الموقف.. فهذا التوحد بين المصريين، وتلك المشاعر الفياضة، ليست بسبب هذا الحديث المستمر عن المسلم والمسيحى. لم نعرف أبدا هذا التصنيف فى طفولتنا. ولم يعرفه البلد فى تاريخه. ولكنها قضية وطن.. المصريون يحبون بلدهم بكل ما فيه من مشكلات.. يحبون فيه ترابه وعلمه. وفى الأحداث الجسيمة يتوحدون. يصبح البلد كله عائلة واحدة. يتحرك داخل الجميع هذا الانتماء المدفون، ترونه فى الحرب وفى اللعب.. السؤال: كيف يصبح هذا الانتماء حالة دائمة؟ سؤال آخر مهم: هل هذا وقت مناقشة المشكلات وطرح المطالب. أم أنه وقت التوحد والاتحاد وترك العنان لتلك المشاعر الجياشة بين أبناء الشعب الواحد كى تخرج؟! سؤال آخر مهم أكثر: هل يجوز مناقشة كل الأمور علنا فى وسائل الإعلام.. وفى مجتمع يطل برأسه خارجا من حالات تعصب، ورافعا عن نفسه غطاء هذا التعصب؟، وهل يجوز المناقشة علنا فى مجتمع يعانى بعضه عصبية الجهل وعدم اتساع الأفق؟ أليس الوقت الآن هو وقت التفكير بهدوء وبذكاء، ووقت البحث بحكمة، ووقت اتخاذ قرارات فى قوانين سابقة، ووقت اتخاذ قرارات لمصلحة الأمة وتنفيذها فى صمت؟! ألا توجد غرفة عمليات.. أو مكتب معلومات أو مكتب للتفكير فيما تشهده البلاد من أزمات فى بعض الأحيان والخروج بأسلوب لمواجهتها إعلاميا أو بعدم طرحها إطلاقا.. يعنى هل نطرح كل شىء على الملأ أم نفكر فى صمت بعيدا عن ضوضاء وصخب الإعلام.. من أجل مصلحة البلد؟ من الأخطاء الشائعة استخدام تعبير الوحدة الوطنية، بإسراف. وهو ترسيخ لانقسام غير موجود ويجب ألا يكون موجودا. وهو تصنيف غير موجود ولا يجوز أن يكون موجودا.. ومن الأخطاء القاتلة تلك الأخبار التى تنشر وتبث أحيانا فى وسائل الإعلام (الصحف والتليفزيون) عن المسيحى الذى أنقذ مسلما، سقط فى بالوعة (حتى اليوم لا أعرف كيف يحدث ذلك لإنسان، لأى إنسان أن يسقط فى بالوعة.. هل تقصدون بئرا؟). وعن المسلم الذى تبرع بدمه للمسيحى.. تلك نوعية من الأخبار التى تعكس خطابا قديما ومتخلفا ولن أقول (عفوا).. عبيطا؟!