فى ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة يعانى الغالبية العظمى من شباب مصر من حالة نفسية سيئة وإحباط نتيجة شعورهم بالظلم وعدم قدرتهم علي تحقيق إنجاز يوفر لهم حياة كريمة ، وهذا ما أشارت إليه دراسة حديثه لمركز البحوث الاجتماعية والجنائية من وصف الصورة الذهنية للمواطن المصري حول همومه ورصدت الدراسة التي أشرفت عليها الدكتورة نحوي خليل رئيس مركز البحوث الاجتماعية والجنائية كلاً من الملامح الإيجابية والسلبية التي رسمها للشباب و عبرت عن المعاناة اليومية والحالة السيئة التي يعيشها الشباب، ففي حين لم تخرج نسبة 9.7 % عن وصف الشباب بأنه مجتهد 3.9 % ومكافح 2.5 % وطموح 2.2 % وشجاع 6. % ونشيط 5. % .كشفت أن 83.9 % ممن تم استطلاع رأيهم يرون أن الشباب 2.5 % يعيشون حالة من القهر والظلم في ظل ظروف البطالة وحالة الضياع التي يعيشونها ، وأن 30.5 % من الشباب مظلوم ومغلوب علي أمره, ورآه 16.1 % غلباناً ومسكيناً ، وقال12.1% أن الشباب عاطل ولا يجد عملا, فيما وصفه 8% بأنه ضائع و 3.6 % بأنه مظلوم ومطحون , وقال2.3% أن الشباب ظروفه صعبة وأحواله سيئة وأمله مفقود, وأبدي أناس طيبون تعاطفهم مع الشباب وبلغت نسبتهم3.7 % وقالوا أن الشباب يحتاج للمساعدة وربنا معه. كما حددت أن غالبية الملامح السلبية للصورة الذهنية لدى الشباب هي مسئولية المجتمع, إلا أن نسبة محدودة ألقت بهذه الأوصاف السلبية علي كاهل الشباب أنفسهم فقالت نسبة1.6% انه غير مكافح, ورأت نسبة 1.1 %أنه لا يتحمل المسئولية, و1.2 % أنه فاسد, بينما اتهم 3% الشباب بأنه طائش ومستهتر ولا يعرف مصلحته. وكشفت عن صورة قاتمة للغاية ترصد حالة الضياع التي يعيشها الشباب وتلقي بشكل مباشر المسئولية علي المجتمع, عن الكثير من الملامح السلبية لهذه الصورة. وتري الدراسة أن هناك قيود غالباً ما تكون متشابكة ولها أكثر من جانب من أهمها تأخر بدء الحياة المستقلة ، وهي فترة سكون يظل فيها الشاب منتظراً توفير الظروف التي تمكنه من بدء حياة جديدة ومستقلة ، خلالها يقف فترة طويلة في طابور البطالة ، يعيش مع أبويه في ظل عجزه المالي عن الزواج وعدم قدرته على امتلاك مسكن مستقل . ووفقاً لدراسة مسح النشء والشباب الخاصة بسوق العمل والشباب فقد زادت نسبة الشباب في الفئة العمرية ( 15 – 19 سنة ) بدرجة كبيرة خلال الفترة من عام 1988 حتى عام 2006 ، مما فرض ضغوطاً هائلة على سوق العمل ، من حيث إمكانية توفير وظائف كافية للوافدين الجدد إلى هذا السوق. وعلى الرغم من أن الجيل الحالي تلقي أفضل تعليم لم ينله جيل آخر من قبل ، إلا أن هذا لم يترجم إلى توفر فرص عمل أفضل ، ويبدو الأثر النفسي أيضاً في أن البطالة أدت إلى شعور الشباب باللامبالاة ، الذي يتضح في الانخفاض الشديد في مشاركة الشباب في الانتخابات ، أو الأنشطة التطوعية ، أو العضوية في نوادي الشباب ، وهناك قلق بالغ من أن بعض الشباب الذين يعيشون في عزلة يتم استقطابهم من جانب الجماعات المتطرفة الذين يستغلون إحساسهم باليأس. وعلى الرغم من أن تأخر الزواج هو اتجاه تشهده كثير من المجتمعات ، إلا أنه في مصر يلجأ عدد كبير من الشباب إلى الزواج غير الرسمي "العرفي" الذي لا يوفر أي حماية للزوجة أو الأبناء خلال هذا الارتباط. والغريب أن المصدر الرئيسي لإقصاء الشباب المصري يأتي من نظام الدعم الأسري التقليدي ، حيث يتحمل الآباء معظم المسؤولية من تمويل نفقات التعليم والزواج ، ومبادرات الأعمال الوليدة بعد سن الثامنة عشر بكثير ، وهو السن التي يعتبر فيها الشباب بدول أخري قادرين على الاعتناء بأنفسهم. وهذه الناحية المتعلقة بالثقافة الأسرية القوية تعتبر بمثابة شبكة أمان للشباب ، تعوضهم أوجه النقص التي تصحب فترة السكون في حياتهم ، كما أنها تكرس التواكل في الوقت نفسه ، وعلاوة على ذلك فإنها في كثير من الجوانب ، تنقل المسؤولية من المجال العام إلى المجال الخاص، وترسخ السلوكيات والتوجهات التي تعتمد على الأسرة ، على سبيل المثال ، انتشار الدروس الخصوصية في كافة مستويات التعليم ، وذلك ينفي الادعاء القائم بأن التعليم العام في مصر يقدم مجاناً ،كما أن عدم توفير خدمات الصحة العامة المناسبة ، وعدم كفاية الإسكان لأصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة ، وضعف خدمات التمويل العقاري ، كلها تشير إلى الفجوات الموجودة في الخدمات المقدمة للشباب التي عادة ما يتم التعويض عنها خلال الآباء ، وبطبيعة الحال ليست كل الأسر قادرة على تقديم هذا النوع من الدعم لأفرادها من الشباب ، وهو ما يخلق عقبات جسيمة جديدة أمام تكافؤ الفرص ، وقدرة الشباب على الحراك ، كما تواجه الحكومة تحديات قوية فى تطوير هذه الخدمات والتوسع فيها