"انها ليست المرة الأولى " تفجرت العبارة فى رأس( أمنية) وهى واجمة تفكر فى موقفها الصعب بعد تكرار قسوة زوجها وخياناته المتكررة ،كانت قد ضاقت ذرعاً بتصرفاته الصبيانية وقسوته المستمرة والتى طالما تكررت بعد العديد من الوعود والعهود بانها المرة الأخيرة ولكنها هذه المرة لن تسمح له لقد أعطته أكثر من فرصة وفى كل مرة كان يثبت كونه غير أهلاً لهذه الثقة ولهذا فلقد اتخذت قرارها بكل حزم سوف تنفصل عنه وبلا أى أمل فى الرجوع قفزت الى ذهنها صورة ابنها الوحيد (شادى)ووجدت نفسها تهفو الى رؤيته فقامت فجأة لتلقى نظرة عليه ولكم بدا شكله ملائكيا بريئا وهو مستلق فى سريره نائما .انحنت لتطبع قبلة حانية على جبينه دون محاولة منها لايقاظه ... كان (شادى) هو سر حياتها ومنبع الأمل فى دنيتها وفى نفس الوقت هو سر شقاءها.. كان هو الحبل الذى يشدها نحو زوجها ويضغط عليها المرة تلو الاخرى ليدفع فى قلب حياتها معه بعض النبضات ولكن يبدو ان هذا القلب قد توقفت نبضاته تحت وطأة الأنانية والقسوة والظلم .......انها لم تستشعره يوما أبا لابنها كانت تحس انه لها ...لها وحدها..... ولا تدرى ما هو سر ذلك الشعور العجيب لربما قسوة والده المستمرة لها انتزعت كل المشاعر تجاهه كأب ......حاولت استحضار أى صورة لذلك الاب فى ارشيف ذكرياتها ..اى صورة رومانسية ؛حانية ولكنها وجدتها كلها صورا باهتة مشوشة الملامح ؛كانت على يقين تام من أن فترة زواجها ليست –بالطبع- كلها ايام بؤس وشقاء وطبيعى الا تخلو –مهما كان- من بعض اللحظات الرومانسية الدافئة ولكنها على الرغم من ذلك لم تستطع استحضار اى صورة من تلك الصور وكأن كل الصور الحلوة تأبى الا تسترجها هذه الذاكرة المفعمة بالالم والمرارة أو أن برودة أيامها معه قتلت كل الدفء فى مشاعرها تجاهه.......حتى صورة ابنها الوحيد(شادى) فلذة كبدها وأملها الوحيد لم يتقبل خيالها اقترانه مع والده فى اطار واحد ....كان (شادى )يذكرها دائما بذلك الرباط المقدس .....احيانا كانت تستشعر ذلك الرباط المقدس حبلا يدور حول عنقها يوما بعد يوم ..حبلا يكاد يخنقها ..لقد كانت كل قواعد ذلك الرباط المقدس تتحطم بمنتهى السهولة على صخرة الخيانة والقسوة والتجاهل من زوجها .....لكم تبدلت كل معانى هذا الرباط بشكل غريب ؛ تحولت المودة والسكن الى كراهية وغربة ......تحول الامن والحنان الى خوف ورهبة...وتحولت المحبة والرحمة الى بغض و قسوة !!!! لكم هالها ذلك التحول المخيف لاسمى نواميس ذلك الرباط ، فاضطربت مشاعرها تجاهه بشكل عكسى تماما ،كان –المفروض-أن يكون هو حصن الأمان لها ،يذود عنها ضربات الدهر وتبعات الاقدار ولكنه بالعكس تحول الى مصدر لكل معانى الخوف ......كان اقترابه منها يزيد رهبتها ويستعظم وحشتها ...يا له من شعور غريب متناقض !!!أن تستشعر الخوف من مصدر امنك ....أن تستشعر الموت من شريك حياتك....أن ترغب عن اقرب شخص حقك أن ترغب فيه!!! .......يا له من شعور مؤلم حقا؟؟ مر شريط ذكرياتها المؤلمة خلال السنوات القلائل الأخيرة فى حياتها امام عينيها التى لم تتمالكا جأشهما فانطلقت عبراتها الحزينة تنساب على وجنتيها بلا توقف . اصطدمت عيناها المغرورقتين بالدموع بصورة زفافها التى تزين الجدار المقابل لها،وتأملت للحظات ابتسامتها الجميلة فى الصورة ،كانت حقا جميلة ولكنها لم تدر لماذا ولأول مرة تراها ابتسامة ساذجة ،بلهاء !!انتقلت الى صورته هو واحسته ينظر اليها ساخرا كدأبه دائما ،ساخرا من مشاعرها ،احاسيسها ،احلامها وحتى آلامها كان دائم السخرية منها حتى انها بدأت تفقد ثقتها بنفسها . لقد كانت –وبشهادة الجميع- تملك بعضا من مقومات النجاج فهى جميلة ،راجحة العقل ،محبوبة ولكنه كان دائما يحاول ان يسلب منها اى دافع للنجاح وكأن نجاحها سوف يحررها من قيوده وبراثنه ،انها لا ترفض أن تكون تابعة فهى كانثى تميل الى أن تكون فى كنف شخص يشعرها بأنه حصنها وملاذها .ولكنه لم يقبل حتى بالدور المتعادل فى حياتها ،لقد وافقت مضطرة فى احدى فترات مأساتها ان تقبل منه دورا محايدا ،وافقت الا يكون مصدر قوتها ولكن ايضا الا يكون سبب هدمها ،ولكنه أبى حتى أن يقبل هذا الدور،وكأنه يقول لها "انتى وحدك من دونى ولكننى ايضاً لن أكون معك" منتهى السادية والازدواجية والأنانية. تلك الأنانية التى قتلت كل أمل فى التمسك بحياتها معه .فلقد خلصت أخيراً انه شخص لا يمكن أن تستمر معه . لقد تنازلت فى البداية حفاظا على بيتها وحياتها وتنازلت مؤخراً حرصاً على ابنها وابنها فقط . اختلج قلبها بين ضلوعها عندما تذكرت مساومته لها على ابنها ،حتى بارقة الأمل الوحيدة كان يريد انتزاعها منها .انها تدرك انه شخص غير متحمل لأى مسئولية يوكل بها ،وان وجود ابنها معه لن يزيد امره الا تعقيدا ،انه تدرك ايضا انه يستخدمه كورقة ضغط عليها .صحيح انها لن تتنازل عن ابنها ابدا ولكنها ايضا لن تجعله شوكة فى ظهرها –رغم انه كذلك بالفعل- فى حياتها معه. وهل لو انتهت مأساتها معه بأقل الخسائر هل يمكن أن تبدأ من جديد؟؟ هل تبقى من (أمنية) أى من الامانى الممكنة للتحقيق؟؟وهل يمكن أن تجد شخص آخر تعيد معه الأمل المفقود فى غياهب حياتها السابقة ؟؟؟؟ هل يمكن أن تتمكن بقايا الانسان داخلها أن تتحمل تبعات قرارها ذلك ومواجهتها بكل حزم أيا كانت؟؟؟ انها تعلم يقينا أن قرارها الصعب هذا يمكن أن تكون له نتائج أشد صعوبة ولكنها ترى انها لن تكون أشد قسوة . لقد نصحها احد الاصدقاء المقربين أن تتريث فى اتخاذ قرارها هذا لآخر لحظة..فتدمير أسرة لن يكون ابدا بالأمر السهل . ولكن عزاؤها الوحيد انها استنفذت كل المحاولات ،كل المحاولات بلا استثناء ولهذا فهى غير نادمة على تفكيرها لاتخاذ هذه الخطوة.. ولكن هل تجرؤ حقا على حسم أمرها والقيام بها؟؟ هل تجرؤ على اتخاذ ذلك القرار...... القرار الصعب؟؟ تمت