عاقبت محكمة جنح إمبابة أمس 4 أطباء بمستشفى "أم المصريين" و"صدر إمبابة" بالحبس سنة مع الشغل وكفالة 200 جنية لوقف التنفيذ مؤقتا وألزمتهم بالمصاريف الجنائية كما ألزمت هيئة المحكمة المتهمين بان يدفعوا متضامنين للمدعين بالحق المدني بصفتهم 10 ألاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت وإلزامهم بدفع 50 جنيها كأتعاب للمحاماة صدر القرار برئاسة المستشار احمد صلاح الشيخ وحضور محمود الحفناوي رئيس نيابة شمال الجيزة الكلية وأمانة سر محمد صبحي بدأت الجلسة في تمام الساعة الحادية والنصف من صباح أمس واحتشدت وسائل الإعلام داخل القاعة ولم يحضر سوي والد وشقيق الضحية ولم يحضر احد من المتهمين أو المحامين عنهم ، وبعد صدور الحكم "بكي" والد الضحية نوره هاشم محمد والتزم الصمت لعدة دقائق وبعد انقضائها وجه حديثه لوسائل الإعلام قائلا " ازاى بنتي يدوها 14 كيس دم لو هي كان عندها نزيف مكنتش تقدر تتحرك من مكانها" وأكد بأنه سيتقدم بدعاوى أخرى للمطالبة بتشديد العقوبة على الأطباء " وكانت المحكمة بدأت النظر في القضية ديسمبر الماضي، واستمعت لمرافعة النيابة ، التي سردت الواقعة حسبما جاءت بالتحقيقات ومحضر التحريات، وكذلك مرافعة دفاع الأطباء الأربعة المتهمين، وناقشت شهود الإثبات والنفي، واطلعت على ما جاء بتقرير الطب الشرعي، الذي أوضح سبب وفاة المجني عليها والحالة المرضية التي كانت عليها قبل الوفاة. ومن خلالهما تم إدانة المتهمين وترجع وقائع القضية عندما أحال المستشار هشام الدرندلى، المحامى العام الأول لنيابات شمال الجيزة، الأطباء الأربعة "مراد فتوح"، و"عادل جاد الله"، طبيبى الاستقبال بمستشفى أم المصريين، و"معتز مجدى" و"محمد أمر الله"، طبيبى الاستقبال بمستشفى صدر إمبابة، إلى المحاكمة بتهمتي الإهمال والتقاعس في أداء واجبات وظائفهم، والتسبب في وفاة المجني عليها وعدم إسعافها بالعلاج الذي تتطلبه حالتها المرضية، وكشفت تحقيقات محمود الحفناوي أن «الإهمال» هو«سيد الموقف» في القضية.. الضحية نورا 25 سنة، كانت «منهكة» القوى حين دخلت مستشفى صدر إمبابة وطلب منها عامل الاستقبال 2000 جنيه شرطا للدخول. وفى مستشفى صدر العمرانية كان التعامل «جيدا».. الطبيب قالها صريحة لأسرة نورا: «دى أنفلونزا خنازير.. والتحليل والعينة والمسحة لازم تتاخد في مستشفى أم المصريين».. وتتوجه الأسرة والمريضة إلى المستشفى مرة واثنتين وثلاث في غضون ساعتين، من الثانية صباحا حتى الرابعة فجرا وفى كل مرة يقول لها طبيب الاستقبال: «صحتك فل.. مفيش حاجة روحي صدر العمرانية».. واستمعت النيابة إلى أقوال 20طبيبا وموظفا من المستشفيات الثلاثة و7 أطباء من المسئولين في وزارة الصحة بينهم وكيل وزارة الصحة في الجيزة ومدير الطب الوقائي.وفى ذلك الوقت كشفت التحقيقات عن أن هاني زكريا مصطفى، 35 سنة، زوج الضحية «نورا»، تقدم ببلاغ إلى الرقابة الإدارية يتهم أطباء في مستشفيات صدر إمبابة والعمرانية وأم المصريين بالإهمال وقدمت الرقابة الإدارية تقريرا إلى وزارة الصحة أدانت فيه المستشفيات الثلاثة، وتبين أن الضحية وصلت مستشفى صدر إمبابة فى التاسعة صباحا يوم 27 أكتوبر بعد ارتفاع فى درجة حرارتها وأنها تلقت أدوية من خلال متابعة مع طبيب فى عيادة خاصة.وأضافت التحقيقات أن موظف الاستقبال طلب من الأسرة دفع 10 جنيهات قيمة التذكرة و20 جنيه ثمنا لإجراء أشعة وأنه طلب من الأسرة دفع «2000 جنيه» مقابل دخولهم المستشفى وقال في التحقيقات: «إن طبيب الاستقبال لابد أن يوقع على التذكرة دخول وأن لم يوقع نطلب من أسرة المريض 2000جنيه مقابل دخوله وعندما راجعت التذكرة لم يكتب عليها طبيب الاستقبال «دخول» فكان الطلب بالدفع.. وواجهت النيابة الموظف بتلك الأقوال ونفيه فى تحقيقات سابقة طلب 2000 جنيه فقال: «يا بيه أنا كدبت فى الأول وأنا عايز سعادتك تحمينى وهاقول على كل حاجة.. أنا كدبت الأول علشان محدش ينقلنى من المستشفى ومكنتش عارف إن الموضوع هيكبر وفيه حالتين للعلاج بالمستشفى واحدة بالمجان والثانية بالفلوس». الرحلة الثانية من عذاب الضحية - مثلما ذكرت الأسرة وبعض الأطباء فى التحقيقات - وصلت المرحلة الثانية وعقب تحويلها من «امبابة» إلى صدر العمرانية. فى المستشفى الأخير استقبل الطبيب وبعد توقيع الكشف الطبى قال للأسرة: «دى حالة اشتباه بأنفلونزا الخنازير وعليهم الذهاب إلى مستشفى أم المصريين». كانت الساعة فى ذلك التوقيت تقترب من الثانية فجرا وهرولت الأسرة بالضحية إلى أم المصريين وهناك وقع طبيب الاستقبال الكشف الطبى عليها وقال بهدوء «الحالة طبيعية والحرارة مش مرتفعة ودول شوية كحة وروحى دلوقتى»، وأسرعت الأسرة مرة ثانية إلى مستشفى صدر العمرانية وتشاجر شقيق الضحية مع الطبيب عمرو والذى شرح له بأن صدر العمرانية غير معنية باستقبال مرضى أنفلونزا الخنازير وأنه لا توجد أجهزة لأخذ «مسحة» وأن ذلك يحدث فى مستشفى أم المصريين. اعتذرت الأسرة للطبيب وهرولت مرة ثانية إلى «أم المصريين» وهناك جاء نفس الرد: «الحالة زى الفل ومفيهاش حاجة».. وطلب منهم الطبيب العودة إلى مستشفى صدر العمرانية.. وعادت الأسرة إلى مستشفى صدر العمرانية وحكوا للطبيب ما حدث. وطلب منهم ورقة رسمية من مستشفى أم المصريين تفيد أنها طبيعية وحالتها مستقرة وأن يعودوا إليه. وأضافت التحقيقات: «أن الأسرة توجهت للمرة الثالثة إلى «أم المصريين» وأخبروا طبيب الاستقبال ومدير الطوارئ ب«طلب» طبيب العمرانية وتبين أنهما تراجعا عن المعاملة السيئة وطلبا من الأسرة أن تعود فى الثامنة صباحا لأخذ المسحة وكانت الساعة تقترب من الرابعة فجرا.. وتبين أن الأسرة عادت إلى مستشفى صدر العمرانية للمرة الرابعة واستقبلها الطبيب ووضعها على جهاز التنفس الصناعى حتى الثامنة صباحا وعزلها فى غرفة بعيدا عن المرضى. وتبين من تحقيقات محمود الحفناوى، رئيس النيابة، أن «فنية التحاليل» فى مستشفى أم المصريين والمعنية بأخذ مسحات الاشتباه كانت موجودة فى المستشفى وقت دخول المريضة وأنها كانت مكلفة بعمل تحليلات أخرى لحالات مرضية فى المستشفى وقالت فى التحقيق: «بصراحة أن قلت أخفف عن نفسى وأزحلق بعض الحالات وطلع من بينهم الضحية». وأضافت التحقيقات وأقوال زوج الضحية أنه اتصل فى التاسعة صباح اليوم التالى بموظف فى مكتب الوزير وروى له تفاصيل المأساة وأنه لم يتمكن من دخول المستشفيات وعلاج زوجته وتبين أن الموظف طلب منه التوجه إلى مستشفى إمبابة و«هيعملوا اللازم».