سمعنا عن الأصنام والأوثان التي كانت علي صورة تماثيل يعبدها المشركون أيام الجاهلية.. ويأكلونها أحيانا إذا كانت مصنوعة من "العجوة". سرعان ما انتهت تلك الأسطورة. فعندما جاء "عمرو بن العاص" إلي مصر وتولي أمرها. لم يفكر في هدم آثار الفراعنة ومعظمها يقوم علي التماثيل. غير أنه وبعد أن مضت قرون جاء من يحرم اقتناء التماثيل في البيوت. وبالتالي صناعتها وبيعها. مخافة أن يشرك المسلمون ويرتدوا عن دينهم بعد أجيال وأجيال وأعوام وأعوام من الإيمان.. وحتي الذين لا يتمسكون كثيرا بأصول الدين لا يخطر علي بالهم أن يكون للتمثال معني أكثر من كونه قطعة فنية أو وسيلة لتمجيد شخص قدم عملا عظيما. وقد يكون من بين الذين تقام لهم التماثيل علماء دين!. إن العالم الذي نعيشه والحضارة التي وصلنا إليها ومستوي الوعي والتعليم يمنع بالقطع عبادة الأحجار. ومع ذلك فقد ظهر في السنوات الأخيرة اتجاه غريب يحرم التماثيل ويرفض إدخالها البيت أو المكتب. ويعتبر اقتناءها بل ومجرد النظر إليها كفرا.. ومنهم من حطمها كما فعل المسلمون الأوائل عند دخولهم الكعبة حيث "اللات وعزي وهبل" وباقي الأصنام عند فتح مكة.. ولو استطاعوا لفجروا تماثيل رجال السياسة والصناعة والفكر الذين أقيمت لهم التماثيل في ميادين القاهرة إعزازا وتكريما. ربما زاد من البلبلة فتوي أصدرها الدكتور "علي جمعة" مفتي الديار المصرية قبل ستة أعوام حرم فيها صناعة التماثيل وتجارتها ووضع شروطا تنطبق علي جميع التماثيل. وروي عن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قوله: "من صور صورة فإن الله معذبه".. وقوله: "لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة". لم يلتزم أغلبية المسلمين بفتوي التحريم. وإن أثارت الجدل. مثلما يثار حتي اليوم ومنذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة عندما ظهر الإسلام. وكأنه ليس أمامنا سوي الخلاف حول قضايا مفروض أن يحسم أمرها. أو فات أوانها باختلاف الظروف وتغيرها. ولعل البيان الأخير الذي أباح فيه مجمع البحوث الإسلامية برئاسة الدكتور "أحمد الطيب" شيخ الأزهر صناعة التماثيل. تفتح بابا لإغلاق أبواب المنع والتحريم والجدل القائم بين ملايين المسلمين. فيبدون وكأنه لا يشغلهم سوي قضايا قديمة لم يعد لها مكان في عصرنا وسط ما يحيط بهم من مهام وهموم.