عندما علمت ان محافظة جنوبسيناء تقدمت بطلب إلى مجلس الوزراء لتحويل منطقة طابا إلى مدينة وتخصيص ميزانية لها ، بعد ارتفاع حجم الإنفاق على الاستثمارات في منطقة طابا حيث وصل إلى حوالي 20 مليون جنيه ، وأن رئيس قطاع السياحة الدولية بهيئة تنشيط السياحة سامي محمود أكد علي ازدياد التدفق السياحي علي منطقة طابا منذ عام 2007 وحتى عام 2008 وذلك بنسبة 59 % طبقا لإحصاءات مطار طابا خلال هذه الفترة. وعندما علمت هذا الخبر السعيد تذكرت قضية طابا وأيام التحكيم وكيف مرت بمصرنا بأيام صعبة في تلك الفترة ، ولكن تذكرت أيضا أبطال هذه الملحمة المعروفون منهم للإعلام والمجهولون ، فكما أن لمعارك نصر أكتوبر أبطال فإن لهذه الملحمة الدبلوماسية والقانونية أيضا أبطالا، وإن كان تم تكريم أبطال أكتوبر، فإنه لم يتم بعد تكريم أبطال الملحمة الدبلوماسية والقانونية منذ أن أعادوا لنا طابا مصرية ،اللهم إلا بإطلاق أسماء بعضهم مثل وحيد رأفت علي شوارع قرية طابا . فرغم أن أكثر من 20 جامعة ومركزا علميا في الدول الغربيةوالولاياتالمتحدةالأمريكية قد حصلوا علي نسخ من ملف قضية طابا ، وأصبحوا يدرسونها للطلبة لديهم للاستفادة من النموذج المصري ، فإن الكثيرين قد نسوا تفاصيل القضية وأبطالها، ولهم عذروهم ، فلم يذكر لهم احد تاريخ هذا الانتصار الدبلوماسي والقانوني ولا أبطالة ولم يخبرهم احد أن الخلاف كان علي 41 نقطة حدودية وليس علي العلامة رقم 19 المحددة لطابا فقط ، كما لم بوضح لهم احد أن بعض نقاط الخلاف كانت علي مسافة 071 سنتيمترا فقط ، وبعضها كان كبيراً كما كان في العلامات الأربع 58 و68 و78 و88 وهي النقاط الحدودية المجاورة للنقب . يذكر لنا التاريخ انه عندما سعت الدولة العثمانية أكثر من مرة لسلخ طابا من سيناء وإخراجها خارج الحدود المصرية في القرنين التاسع عشر والعشرين ، عارضت القبائل السيناوية الخطة العثمانية، وقد رفض الشيخ خضر عامر شيخ قبيلة مزينة زحزحة " طابا " خارج حدود الدولة المصرية في عام 6091 م ، وأصر علي أن طابا مصرية مائة في مائة وذلك عندما أتيح له الاشتراك في ترسيم الحدود آن ذاك. وعندما قاد اريل شارون المؤامرة الإسرائيلية وأمر بتحطيم العلامة الحدودية رقم 19 وإخفاء معالمها، قام اللواء البحري محسن حمدي ورجاله و بمساعدة شيوخ قبائل سيناء الشرفاء بكشف اللعبة وعثروا علي العلامة الحديدية ملقاة بعيداًعن موقعها، واثبتوا التلاعب، ووضعوا إسرائيل في موقف حرج للغاية ، لدرجة أن بعض الصحف الإسرائيلية نفسها خرجت و وصفت آنذاك أعضاء الحكومة الإسرائيلية بأنهم لصوص. ولم يكن الفريق المكلف رسميا بإعادة طابا عبر التحكيم يدافع وحده عن القضية، بل كان في الخلف جنود مجهولون لم يعرفهم أحد، وربما لم يتصورهم احد أيضا ، فقد استعانت مصر برجال أبطال وشرفاء من شيوخ قبائل سيناء الذين لديهم خبرة ومعرفة بالعلامات الحدودية وكان من قبيلة مزينة الشيخ عودة صالح مبارك والشيخ محنا جبلى صبيح, وغيرهم من رجال القبائل كثير. كنت أتمني أن يتسع المجال لذكرهم ،فقد رحل عدد كبير منهم عن دنيانا ولا يزال الباقون معنا، ربما لا يتذكرهم أحد ولا يعرف الكثيرين منا أنهم كانوا من الأبطال الذين بذلوا الجهد لاستعادة الحق المصري المغتصب ، غير أن الواجب يحتم علينا أن نقول لهؤلاء الأبطال المجهولين إعلاميا ..شكراً لكم وتحية .. و نتذكر أن طابا عادت بفضل وعلم وجهد هؤلاء الأبطال السيناوية بالعلامات الحدودية. * باحث وكاتب مصري الولاياتالمتحدةالأمريكية www.elmozainy.com