من المفهوم أن ينقسم الناس في بر مصر تجاه قضية مقتل الفنانة سوزان تميم. ما بين فريق متعاطف مع هشام طلعت مصطفي المتهم بالتحريض علي قتلها لأنه يعتقد ببراءته. وفريق آخر متعاطف مع القتيلة ومنحاز ضده لأنه يعتقد في إدانته.. فهكذا هي القضايا الكبري التي تستأثر باهتمام الرأي العام خاصة إذا ما توفرت فيها كل العناصر التي تشجع علي الاهتمام. من قتل وتحريض علي القتل فضلا عن أن هشام طلعت مصطفي يحظي بمكانه في عالم البيزنس وعالم السياسة أيضا. وهو الأمر الذي لم يتوفر للمتهم الأول في القضية بالقتل فلم ينل ما ناله المتهم بتحريضه! لكن من غير المفهوم أن ينقسم الإعلام في هذه القضية. ما بين منحاز لهشام طلعت مصطفي ومنحاز ضده.. ففي الإعلام مثلما في كل مجال غيره من مجالات الحياة الحرام بين والحلال بين. والمفروض ألا يختلط الأمر علي الصحف أو الإعلام وهو يتناول ويتابع قضية مثيرة للاهتمام مثل قضية مصرع سوزان تميم. والتي زادت إثارتها في البداية بالطريقة التي تم بها اغتيالها. ثم بصدور أحكام بالإعدام ضد المتهمين. السكري وهشام. وبعدها بقبول النقض وإعادة محاكمتهما مرة أخري أمام محكمة جديدة بقضاة مختلفين. كان من المتصور أو المفترض منذ البداية أن ينأي الإعلام بنفسه عن أن يكون طرفا في القضية. وألا يتقمص دور النيابة أو دور الدفاع. أو حتي دور القضاه.. كان من المتصور والمفترض أن يمارس الإعلام في هذه القضية دوره وهو متابعة وقائعها دون أن يتدخل في هذه الوقائع سواء بإدانة أو تبرئة هشام طلعت مصطفي.. كان من المتصور والمفترض أن يرتفع الإعلام إلي مستوي المسئولية وينقل بأمانة. بلا أي انحياز مع أو ضد المتهمين. وقائع هذه القضية. ووقائع المحاكمة. لأن هذا هو واجبه. وهذا هو دوره. لكن ما حدث للأسف خلال المحاكمة الأولي كان مختلفا ومتناقضا مع واجبات الإعلام ومسئولياته.. انقسم الإعلاميون والصحفيون بوضوح وبشكل سافر.. تحول بعضهم إلي وكلاء نيابة وشابت أعمالهم الانحياز ضد هشام طلعت مصطفي. بينما تحول بعضهم إلي محامين شرسين يدافعون بقوة عن هشام طلعت مصطفي. الذين انحازوا ضد هشام برروا ذلك لأنفسهم أولاً وللناس ثانيا بأنهم ينقلون وقائع الإتهام ضده سواء في بيان إحالته للمحاكمة أو تحقيقات النيابة معه.. وقال هؤلاء أن ناقل الكفر ليس بكافر! أما الذين انحازوا مع هشام فقد برروا ذلك لأنفسهم أولاً وللناس ثانياً بأن القاعدة القانونية الأثيرة تقول إن المتهم بريء حتي تثبت إدانته. وهشام ظل بريئا حتي صدور حكم الإعدام ضده كان بريئا بحكم هذه القاعدة. وبعد أن تم نقض الحكم وأعيدت محاكمته فقد عاد بريئا من جديد! كنا في غني عن هذا الانقسام الإعلامي الغريب ما بين منحاز لهشام ومنحاز ضده. إذا التزم الجميع بمبادئه المهنية وقواعده الحرفية. وتخلي عن الأهواء الشخصية. نعم سلطة توجيه الإتهام والنيابة جمعت وحشدت كل ما بين هشام بالتحريض علي قتل سوزان تميم. وهذا واجبها ودورها في أي قضية قتل اتهمت فيها أحداً سواء بالقيام بالقتل أو التحريض عليه.. لكن الإعلام والصحافة واجبها مختلف تماما. ولا يصح أن يتقمص الإعلامي أو الصحفي دور وكيل النيابة ورئيسها.. أما امتشاق جهود الدفاع عن هشام إعلاميا ورفع أسلحة الإتهام في وجهه فهو خطأ وخطر.. خطأ في حق القضاه.. وخطر علي مهنة الصحافة والإعلام.