"الجبهة الوطنية" يشيد بقرار السيسي ويحث البرلمان على صياغة قانون إجراءات جنائية عصري    «تعليم القاهرة» تبدأ عامها الدراسي الجديد.. أجواء احتفالية بالمدارس (صور)    سعر الدولار اليوم الإثنين أمام الجنيه بمنتصف التعاملات.. سجل 48.18 جنيه للشراء    البحوث الزراعية ينظم المنتدى العلمى الأول للموسم الحالى حول تطبيقات الإدارة المتكاملة    وزير العمل: 2.3 مليون جنيه دعم جديد لعمالة غير منتظمة    "الإسكان" تستعد لطرح المرحلة الثانية من 400 ألف وحدة سكنية أكتوبر المقبل    «شئون البيئة»: المتحف المصري الكبير سيكون نموذجا صديقا للبيئة    تحول سريع فى موقف الديمقراطيين وتزايد الدعوات بوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل    وزير الخارجية لنظيره الكويتي: نرفض محاولات المساس بأمن واستقرار دول الخليج    الرئيس الكوري الجنوبي: سنواجه أزمة مالية إذا قبلنا مطالب واشنطن الاستثمارية دون ضمانات    المصري يواجه فاركو في صراع جديد بالدوري    محمد صلاح والكرة الذهبية.. متى ينصفه التاريخ؟!    شوبير يكشف كواليس انتخابات الأهلي.. اجتماع اليوم يحسم ترشح الخطيب ومفاجآت في القائمة    طقس اليوم الاثنين فى مطروح.. مائل للحرارة رطب نهارا واعتدال أمواج البحر    سعرها يصل 125 مليون جنيه.. ضبط بؤر إجرامية بحوزتها طن وربع مخدرات    مصرع فتاة وإصابة 6 فى تصادم سيارتين بمنطقة العوايد بالإسكندرية    الداخلية تكشف سرقة هاتف من داخل عيادة فى أسوان    اليوم.. استئناف "كروان مشاكل" على حكم حبسه في قضية سب وقذف ليلى الشبح    وزير الأوقاف يشهد احتفال نقابة الأشراف بالمولد النبوى الشريف    «الصحة»: تقديم أكثر من 17 ألف خدمة نفسية لكبار السن في اليوم العالمي للزهايمر    زيارة مفاجئة لمحافظ الدقهلية بعيادة التأمين الصحى بدكرنس لمتابعة انتظام العمل    «هيئة الدواء» تحذر من استخدام أدوية السعال والبرد للأطفال دون وصفة طبية    وفاء عامر باكية: "لولا آيتن عامر مكنتش قدرت أقف على رجلي تاني"    انخفاض الحديد.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    موعد أذان الظهر ليوم الإثنين ودعاء النبي عند ختم الصلاة    ضبط فتاة ليل لقيامها بإدارة نادي صحي لممارسة الأعمال المنافية للآداب    وزير الخارجية والهجرة يلتقي نظيره الكويتي في نيويورك    أمير كرارة يكشف أسرار تعاونه مع المخرج بيتر ميمي    ضمن احتفالية اليوبيل الذهبي لأول دفعاتها.. «إعلام القاهرة» تكرم نخبة من الأساتذة الراحلين والرواد في تأسيس مسيراتها    موعد التوقيت الشتوي وفوائده: كيف يمكن أن يؤثر التغيير على حياتك اليومية؟    وزير الري يتابع موقف مشروع تطوير منظومة الصرف بواحة سيوة    جهاز المنتخب يطمئن على إمام عاشور ويحسم موقفه من مباراة جيبوتي    تجديد رخصة قيادة السيارة.. هل يطلب تحليل المخدرات عند تحديث الرخصة    مستشفيات جامعة القاهرة تجري 54 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار خلال 2025    الدوري المصري بشكل حصري على "أبليكشن ON APP".. تعرف على طريقة تحميل التطبيق    كليات متاحة بجامعة القاهرة الأهلية لطلاب الثانوية العامة والأزهرية .. تعرف عليها    بعد الظهور الأول لهما.. ماذا قال ترامب عن لقائه ب ماسك؟    6 للرجال ومثلها للسيدات.. الجوائز المقدمة في حفل الكرة الذهبية 2025    خبير: الاعتراف بالدولة الفلسطينية تصحيح لمسار تاريخي اتخذته بريطانيا    إمام عاشور يحذف صورته بتيشيرت الأهلى من حسابه بإنستجرام.. السر فى ابنته    كيف تواجه مبادرة «صحح مفاهيمك» الفكر المتطرف وماهي أهدافها؟    حظك اليوم الاثنين 22 سبتمبر وتوقعات الأبراج    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 22 سبتمبر 2025 في بورسعيد    جمهوريون ينتقدون اعتراف حلفاء واشنطن بدولة فلسطين    القائمة الكاملة لجوائز الموريكس دور في لبنان 2025 (فيديو)    ما حكم تعليق صور المتوفى تلمسًا للدعاء له بالرحمة؟.. دار الإفتاء توضح    «أحمديات» مازالت الكلمة حائرة بين مفهوم لم يقصد ومقصود لم يفهم فإجعل كلمتك بسيطة حتى يفهم مقصدها    الصحة: نجاح جراحة دقيقة لاستئصال ورم بالمعدة بمستشفى العجوزة النموذجي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-9-2025 في محافظة قنا    «التنظيم والإدارة» يعلن نتيجة امتحان مسابقة مياه الشرب والصرف الصحي    وفاء عامر: بنيت مسجدًا من مالي الخاص ورفضت وضع اسمي عليه    آمال ماهر تحصد جائزة «نجمة الغناء العربي» في حفل الموريكس دور    إنتر ميلان يستعيد توازنه بفوز صعب في الدوري الإيطالي    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الاعترافات الدولية بالدولة لحظة تاريخية يجب البناء عليها    مسلم يكشف ل"اليوم السابع" تطورات حالته بعد تعرضه لجلطة    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الاثنين 22 سبتمبر    أحمد العوضي: لو هتجوز مش هقول.. ومشغول بمسلسل «علي كلاي» لرمضان 2026    50 ألف جنيه وعلاقته بالمعهد.. أبرز اعترافات رمضان صبحي في قضية التزوير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هنا وهناك-الهوامل والشوامل - عدلي صادق – الحياه الجديده
نشر في مصر الجديدة يوم 03 - 04 - 2010

عاد المفكر الجزائري محمد أركون، لكي يتوسع فيما تعرض له سريعاً في السابق، حول نزعة الأنسنة في الفكر العربي، وفي الإسلام. وفي إصداره الجديد، يتمسك أركون بوجهة نظره التي ترى في أبي حيّان التوحيدي وفي صاحبه أبو علي بن مسكويه؛ رائدين عظيمين، لكل مفكري النزعة الانسانية والفلسفة العقلانية في أرض الإسلام، بل يرى أن هذين المفكرْين، هما اللذان وضعا البذور الواعدة لإنتاج إنسانية متفتحة ومؤمنة بالله، في السياق الإسلامي الورع. ولعل محمد أركون، تحسس تداعيات الغلظة مع الخصوم، في عمل الإسلام السياسي في غير مكان، فأراد أن يتعمق في البحث حول مضامين مغيبة في ديننا الحنيف، تفتح للمؤمنين آفاق الحب والمعرفة، وتعلمهم آداب القلق وطرح الأسئلة، ومساءلة البديهيات والمرجعيات، مطمئنين الى سماحة الدين، والى دماثة من يتخلق بالدين، والى استنارة النخب، الحاكمة أو الواعظة!
ابو حيّان التوحيدي لمن لا يعرفه هو من أعظم مفكري الإسلام في القرن العاشر الميلادي (الرابع الهجري) عاش حياته فقيراً مطحوناً معذباً، يكسب لقمة خبزه من عمل عند أحد الوراقين، في نسخ الكتب بخط يده. وصفه المتأخرون بفيلسوف الادباء وأديب الفلاسفة، ومحقق الكلام ومتكلم المحققين، وإمام البلغاء. لكن العسف والظلم اللذيْن طالاه، جعلاه يتشاءم، حتى قام في خريف عمره بجمع النسخ المتوافرة مما كتب، فأحرقها، ظناً منه بأن الناس في زمنه السياسي ذاك، لم يكونوا مهيئين للتعرف على العمق الإنساني للدين. وقال فيما ألسنة اللهب تأكل كتبه: إنني جمعت أكثرها للناس ولطلب المثالة منهم، ولمد الجاه عندهم، فحُرمت ذلك كله!
أبو حيان، وصديقه أبو علي بن مسكويه، أصدرا في زمنهما كتاباً طريفاً، سمياه الهوامل والشوامل، هو عبارة عن 175 سؤالاً بعث بها الأول الى الثاني فأجاب الثاني عنها. وقد استعار الفيلسوفان المسلمان، هذا العنوان، من عالم الإبل في الصحراء، إذ كانت النياق الشاردة بليل، والهائمة السائمة، تسمى الهوامل، بينما الشوامل هي الحيوانات والإبل القوية الراسخة، التي تضبط النياق الشاردة. وكان الأعراب يقولون فيما هم يفتشون عن ناقة لهم شردت الى حلال غيرهم: لقد شملت إبلكم لنا بعيراً!
ابو حيان كان متشائماً. شردت أسئلته كالهوامل التي هامت في بيداء القلق والغموض والاندثار، فرد عليه الصديق الوفي، بشوامل الأجوبة التي ضبطت هوامل أبي حيّان وهدأت روعه لفترة من الوقت.
في كتابه الجديد، الصادر عن دار الطليعة في بيروت، بعنوان: "الأنسنة والإسلام، مدخل تاريخي نقدي" يلتقط محمد أركون عبارة خالدة لأبي حيان: الإنسان أشكل عليه الإنسان. فالبشر لم يعودوا قادرين على أن يفهموا أعماق بعضهم بعضاً. إن في هذه المقولة، ما يدعو الى ربط السلوك السياسي بالأخلاق الإنسانية، في سياق يذهب الى خلق مناخ مناسب، للتعميق الروحي عبر تجاوز وضعية التمذهب السطحي. ويستعرض الكاتب أركون، أحداث ما سماها "معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلاميّة" ويختبر إمكان التواصل بين الجماعات الثقافية والطائفية، ويقول إن البروتستانتية المتصهينة واليهودية المتشددة لا يفهمان الإسلام إلا من منظار العنف. والإسلاموية بدورها تتجادل مع العالم من خلال الرؤى النمطية ذاتها. ويعتبر أركون أن البشرية، إذا ظلت ثنائية الخير والشر، فلن تفلح في تخطّي انقساماتها، وخصوصاً أن الجماعات البشرية في الشرق والغرب، تتعرّض حاليّاً لغزوة جديدة، هي عودة الديني بمعناه الأصولي!
ما يهمنا الآن، هو التركيز على البعد الإنساني والأخلاقي لسياقات العمل السياسي المتلطي بالدين، لأن الغلظة تعزز جيش الهوامل، من حيث هي نياق شاردة أو بشر يفتشون عن خلاصهم الفردي فيخلعون من كل ما هو نضالات، غير مبالين بالمصير الجمعي لأممهم وشعوبهم فيتعاظم عدد الهوامل. فكلما كانت الاستنارة وكان التعقل، قويت الشوامل، من حيث هي بُنى وطنية وقومية، أو من حيث هي إبل قوية شملت نياقاً شاردة وضبطتها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.